هل مسألة المهديّ عليه السلام من العقائد؟
إنّ الدليل المذكور لاستبعاد كون أمر المهديّ عليه السلام من العقائد حسب عقيدة أهل السُنّة، هو أنّهم يرون الإمامة من فروع العمل الواجب على الأُمّة، لا من أُصول الاعتقاد الذي يُبتنى عليه الإيمان، والمهديّ على فرض ثبوته وصحّة خبره إنّما هو خليفة، لا أكثر.
ولكنْ إذا صحّت الأخبار، بمعنى المهديّ، وتكاثرت إلى حدّ التواتر المفيد للعلم، فهي خارجة عن الآحاد. وقد ثبت التواتر من عدّة من أعلام الحديث في محله، فلماذا لا تثبت به العقيدة العلميّة؟
وإذا لم يتمّ التواتر، لكن صحّت الأخبار، وبرئت أسانيدها من الغلط والسهو، وفرضنا أنّه لا يدخل مضمونها في العقيدة، فهل يجوز للمسلم أن يرفضه، ويحكم بوضعه وبطلانه؟
إنّ العلماء قرّروا في مثل هذا أنّه: إذا لم يكن حديث المهديّ عليه السلام من العقائد، فهو ملحق بما يجب الالتزام به لا كمعتقد، بل باعتبار صدور الخبر الصحيح به. كما قال الشيخ محمّد الخضر حسين: إذا ورد حديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأنّه يقع في آخر الزمان كذا، حصل العلم به ووجب الوقوف عنده، من غير حاجة إلى أن يكثر رواة هذا الحديث حتى يبلغ مبلغ التواتر. انتهى.
ولا أقلّ من عدّ هذه الأحاديث مثل أحاديث العمل التي يلتزم بها العلماء والفقهاء وجميع المسلمين باعتبارها صادرة من الرسول صلى الله عليه وآله وسلم حجّةً معتبرة، وليس دليلاً شرعياً على مداليلها، فيجب الالتزام بها على مَنْ يعتقد بالإسلام دينا، وبمحمّد صلى الله عليه وآله وسلم نبيّا. أمّا ردّها ونبذها وتسفيه الملتزم بها، فهذا ما لم يلتزم به مسلم لا قديما ولا حديثا، إلاّ من قبل هذه الشرذمة، ابن خلدون ومن لفّ لفّه، بأدلّة واهية