إنّ السياسيين الذين يدّعون ويؤكدون على انفصال الدين عن السياسة والذين هبّوا لمساعدة هؤلاء، من بين أهل الإيمان وهم يتشدقون بهذه الأقوال هنا وهناك، هل فكروا ـ يا ترى ـ في الآيات القرآنية وتاريخ الإسلام وأحكام الشريعة الإسلامية مليّاً؟ وهل تأملوا، فيما لو كان الدين منفصلاً عن السياسة حقاً، فلماذا يربط القرآن الكريم جميع الشؤون السياسية؛ أي الحكومة والقانون والتكتلات الموجودة في حياة المجتمع البشري والحرب والسلم وتحديد وتشخيص الصديق مع العدو وباقي مظاهر السياسة، لماذا يربط جميعها بالله ودين الله وأولياء الله؟
وهل ستكون الأعمال والسلوكيات السياسية والإجتماعية التي تشكل القسم الأعظم من حياة الناس، دون أي عقاب أو ثواب؟ إن كان الأمر كذلك حقاً، فما معنى هذه الآيات: ﴿وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا﴾[6] وكذلك: ﴿وُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ﴾[7]، كيف يمكن تقييم هذه الآيات إذاً؟ هل يمكن القول بأن الإسلام لا يهتم بالأعمال الإيجابية والسلبية في عالم الدنيا ولم يصدّر أي واجب أو مسؤولية للناس، لكنه يحاسب الجميع على أعمالهم وأقوالهم؟!