في بداية التسعينات ومع سطوع نجم السيد محمد محمد صادق الصدر (سقراط الفكر المهدوي المعاصر) (رض) وفتحه لابواب الدراسة الحوزوية على مصراعيها، وقيامه شخصياً بالتدريس، كان رحمه الله يلقي على بعض تلامذته دروس في التصوف او ما يطلق عليه (العرفان والسلوك) او (علم الباطن والحقيقة) الذي يقابل (علم الظاهر والشريعة) عند الفقهاء، وذلك حسب تصنيفات المتصوفة واهل العرفان، وقد إنضم اليهم لاحقا بعض الطلبة من المتأثرين بالافكار (السلوكية المهدوية)، الا ان بعضهم قد خرج فيما بعد عن سياق البحث العلمي الذي كان يتلقاه، وخالف المنهج العرفاني الشرعي المعتدل الذي كان يبثه السيد الصدر بينهم، والذي يجمع بين آداب السلوك واحكام الفقه، فانفتحوا على مواضيع وابحاث هذا العلم وهي كثيرة وغاصوا في بحاره وهي عميقة، فخاضوا فيه من غير حصانه وهم في بداية الطريق فغرقوا واغرقوا معهم خلقاً كثيراً، (هذا مع حسن الظن بهم)، ولكن هناك ارقام وادلة تؤكد ارتباط عدد منهم بمخابرات النظام السابق والمخابرات الاجنبية، وهو ما سيأتي الحديث عنه لاحقا.
وقد عرفوا في حياة السيد الشهيد الصدر بـ (المنتظرون) او (حركة جند المولى)، و(المولى) هو السيد الصدر (رض) اذ كانوا يعتقدون: ان الإمام المهدي قد تجلى وظهر به، وهناك من ادعى ان السيد الصدر هو (محمد ذو النفس الزكية)، وقد القى البعض منهم المحاضرات الدينية التي تروج لفكرة (حلول ارواح الائمة في بعض الاولياء والعارفين، ومنهم: السيد الصدر)، وكان منهم زعماء اكثر الحركات المهدوية الناشطة في الساحة العراقية اليوم، وقد فسقهم (رضوان الله عليه)، وفسق من يتعاون معهم.
وهنا نذكر مقطعا مهما ضمن كتاب السفير الخامس الذي ألفه الشيخ عباس الزيدي، وهو أحد تلامذة السيد الشهيد محمد الصدر (رض) يسلط فيه الاضواء، وبصورة مكثفة جدا على حقيقة دعاوى (السلوكيين) وغاياتهم واساليبهم، وكذلك عن طبيعة تعامله معهم وموقفه منهم، والذي انتهى باعلانه البراءة من افكارهم افعالهم وتحذير المجتمع من خطرهم بقوله "انا اخاطب المجتمع المؤمن وذوي العقول الصافية والنفوس البريئة ان يقاطعوا هؤلاء وان يتبرؤا منهم ويبتعدوا عنهم بعد السليم عن الاجرب ".