السبت , 7 حزيران / يونيو 2014
بانوراما الشرق الاوسط - احمد الشرقاوي
في معنـى الإنتخابـات السوريــة
كتب الكثير عن الإنتخابات السورية، وعن المعاني التي حملتها على المستوى الوطني والرسائل التي بعثتها لمن يهمهم الأمر في الإقليم وعلى المستوى الدولي. وفي ما اعتبرت إيران في تصريح رسمي يوم الإقتراع، أن الهدف من إجراء الإنتخابات الرئاسية في موعدها هو تحدي أمريكا رأس محور الشر وزعيمة مشروع الخراب في المنطقة، أعلن الرئيس ‘الأسد’ بعد ظهور النتائج الرسمية، أن الإنتخابات والمشاركة العالية التي سجلتها، تعتبر صفعة قوية لأمريكا ومخططاتها في المنطقة.
هذا الكلام السياسي العميق، يحمل في طياته مضمونا إستراتيجيا كبيرا مؤداه، أن الشعب السوري صاحب الشرعية ومصدر كل السلطات، قد إختار قائده في إنتخابات حرة نزيهة وشفافة، فأسقط بالتالي مبررات الحرب الكونية التي أعلنتها أمريكا وحلفائها وأدواتها على سورية بدعوى أن الرئيس ‘بشار الأسد’ فقد شرعيته وتحول إلى “ديكتاتور يقتل شعبه”، قد سقطت وبان للعالم أجمع اليوم زيفها، وهذا هو العار وأم الفضائح للغرب المنافق الذي يدعي الدفاع عن الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، في الوقت الذي يرتكب فيه أبشع الجرائم في حق الإنسانية بدعوى تطبيق هذه الشعارات التي تحولت إلى حصان طروادة للهيمنة على القرار السيادي للدول الممانعة والمقاومة للإستكبار والعجرفة والإجرام الأمريكي والأطلسي.
والحقيقة، أن الإنتخابات السورية أبهرت الأعداء قبل الأصدقاء الذين كانوا على يقين بوعي، و وطنية، وإخلاص الشعب السوري العظيم لدولته ومؤسساته وتاريخه وحضارته ومقدساته وللرجل الذي نجح بإيمان وصبر وشجاعة على إنقاذ سورية الكيان من السقوط.
وبهذا المعنى الشعبي الجميل، لا يمكن مقارنة الإنتخابات السورية بمهزلة الإنتخابات المصرية التي سارع الغرب لمباركتها كما هب فرحا رئيس وزراء الكيان الصهيوني لتهنأة ‘السيسي’، في نفاق مكشوف، رغم ما شابها من ضعف مشاركة وتجتاوزات وانتهاكات وانتقادات قاسية من لجنة الرقابة الممثلة للإتحاد الأوروبي، وهي الإنتقاذات التي سجبتها القاهرة واعتبرتها تدخلا مرفوضا في شؤونها الداخلية (الأمر يتعلق بلجنة قبلتها مصر لمراقبة إنتخاباتها؟؟؟)، متناسية أن العالم لم يعد قلاعا محصنة، وأن القانون الإنساني في عصر العولمة أضحى يسمو على القوانين الداخلية للدول.
وقد ركزت الصحف الغربية، الأمريكية والأوروبية خاصة على الحشود الضخمة التي شاركت في الإنتخابات السورية وقارنتها بدورها بالإنتخابات المصرية، لتخلص إلى أن نجاح الأسد هو حدث كبير سيغير من نظرة العالم للحرب على سورية. وإذا كان من درس على الغرب إستخلاصه، هو أن سياسة الإدارة الأمريكية في سورية والمنطقة لم تكن مجدية. وبهذا المعنى، فالمهزلة ليست في الإنتخابات السورية كما تدعي أمريكا وشركائها في المؤامرة، بل في إنكشاف السياسة الأمريكية المرتبكة، بحيث تبين أن إدارة أوباما لم تكن تملك رؤية ولا إستراتيجية ولا خطة محكمة، ولا تتحكم في لعبة التغيير في المنطقة، وتعرف صراعات قوية داخل البيت الأبيض بين كبار الموظفين حول الخيارات السياسية الواجب إتباعها، بدل سياسة النأي بالنفس والتدخل من بعيد وأحيانا بقفازات ناعمة، حتى لا ينكشف أمر إستغلال الإدارة الأمريكية للإرهاب كسلاح لتفجير الدول والشعوب.
هذا وقد شهدت الإنتخابات السورية إقبالا منقطع النظير حيث لامس عدد المقترعين الذين أدلوا بأصواتهم ثلثا من يحق لهم الإقتراع، وحصل المواطن ‘بشار الأسد’ (مع حفظ الألقاب) على الأغلبية الساحقة من الأصوات تقارب 89%، وهي نسب لا تقارن بما تعرفه الإنخابات العادية في دول العالم بمن فيها الأعرق في الديمقراطية، فأحرى في ظروف الحرب وتهديد الناخبين السوريين بالقتل والتفجير في حال ذهبوا إلى صناديق الإقتراع ليمارسوا حقهم الدستوري.
وبهذا المعنى، يكون الشعب السوري العظيم بمشاركته في الإنتخابات بكثافة منقطعة النظير، وتصويته لفائدة قائده الكبير ‘بشار الأسد’ رئيسا للدولة، قد حسم الحرب في الساحة السياسة الوطنية والإقليمية والدولية، ليكمل ما حققه الجيش العربي السوري البطل من إنجازات إستراتيجية في الميدان، فاكتملت أطراف المعادلة، وأصبحت النتيجة الملحمية النهائية والحتمية العظيمة، تجسد عنوانا كبيرا يقول “انتصر محور المقاومة.. وهزم محور المآمرة”.
وعلى من لديه أدنى شك في هذه النتيجة، أن يراجع ما تقوله الصحافة الأمريكية والغربية عن إنتصار سورية عسكريا وسياسيا، وهزيمة أمريكا وأدواتها بسبب سوء تقدير وإدارة الحرب في سورية، والتي يتحمل مسؤوليتها بالدرجة الأولى الرئيس ‘أوباما’ الذي تشن عليه اليوم حملة إنتقاذات غير مسبوقة، تتهمه بالفشل والعجز والضعف، وتحويل أمريكا إلى كيان فاقد للمصداقية والهيبة لم يعد يحترمه أحد في هذا العالم، وبذلك، يكون قد شهد شهود من أهلها.