بانواما الشرق الاوسط - أحمد الشرقاوي
السبت , 19 نيسان / ابريل 2014
كثر الحديث مؤخرا عن أعداد الإرهابيين المغاربة الذين إلتحقوا بـ”الجهاد” في سورية من الداخل ودول المهجر، وتُقدّر مراكز دراسات متخصصة عددهم بحوالي 4.000 مقاتل، إلتحقوا بجماعات وتنظيمات مختلفة، كـ”النصرة” في البداية، ثم “داعش” عند إعلان “الدولة الإسلامية” وتوحيد “الجهاد” في العراق والشام، إلى أن أسّس المغربي المعتقل السابق في ‘غوانتنامو’ المدعو ‘إبراهيم بن شقرون’ حركة ما يسمى بـ”شام الإسلام”، التي شاركت في معارك ‘كسب’ و ريف اللاذقية ولا تزال.
وبظهور هذه المعطيات، عاد الحديث مجددا عن “الإرهاب” في المغرب، من خلال ما تتناوله صفحات الجرائد والمواقع الإلكترونية، ومعظمها ممولة من قبل مخابرات النظام الذي يعمل ليل نهار على تبييض وجهه القبيح من خلال فريق من العملاء الذين لا شغل لهم سوى التطبيل والتزمير بمزايا الأمن في ظل مولاهم السلطان، وتحميل جماعات الإسلام السياسي المسؤولية عن “الإرهاب”.
وبموازات هؤلاء، ينشط كتاب وأكادميون، معروفون بتوجهاتهم المخزنية، في مقاربة الظاهرة من مختلف جوانبها السوسيوثقافية والدينية وغيرها… لمحاولة فهم طبيعتها وتفكيك جذورها ومعرفة أسبابها ومسبّباتها، في بلد كان يفتخر قبل بضع سنين بأنه “بلد الأمن والأمان”، وكان يطيب للنظام أن يُسوّق من خلال الخطاب الرسمي وفي الإعلام لمقولة “الإستثناء المغربي” الذي يميز المغرب عن بقية الدول العربية.
والحقيقة أن لا شيىء يميز النظام المغربي عن بقية الدول العربية، فجميعها في الجهل والتخلف والفساد والإستبداد والإرهاب سواء، بخلاف أن المغرب كان قديما ولا يزال، دولة تدور في الفلك الأمريكي والفرنسي والسعودي، لدرجة أن وزيرا فرنسيا شبّه المغرب مؤخرا بـ”عاهرة لا تحبها لكنك مُضطرّ لمضاجعتها”.. فتسائل الناس، أين إختفت كرامة السلطان؟.
وخلاصة القول، أن كل المقاربات التي تناولت ظاهرة الإرهاب في المغرب حتى الآن، تحاول أن ترجع أسبابها إلى الأمراض المتفشية في المجتمع من جهل وفقر وبطالة وفقدان للأمل في مستقبل أفضل، بسبب السياسات الفاشلة للحكومات المتعاقبة منذ الإستقلال إلى اليوم، وتُرجع مسبّباتها إلى ظاهرة الفكر التكفيري المسؤول عن إنتشارها، بسبب فوضى الإفتاء واستغلال فضاءات المساجد والجمعيات الدينية والمجالس الخاصة للترويج لفكرة “إحياء الجهاد” لإقامة “الخلافة الإسلامية”، باعتباره فرض عين على كل مسلم قادر.
والمفارقة العجيبة، أن المغاربة لم يكونوا يعرفون ما التكفير ولا ما الإرهاب، كان الناس يعيشون في بيئة منفتحة عبارة عن خليط من الثقافة المشرقية والأندلسية والغربية، وتميز المغاربة دائما بانفتاحهم على أوروبا بحكم الموقع والجوار، الأمر الذي أثر على طريقة تفكيرهم التي تتسم بالعقلانية، ونمط حياتهم المعاصر الذي يتنفس حرية وحيوية، وكان تدينهم يقوم على ثوابت العقيدة بنفحة روحية صوفية بسبب دور الزوايا في تاريخ المغرب، ولمسة عاطفية تشارك آل البيت مصاب الأمة بكربلاء في ذكرى عاشوراء من كل سنة، والتي جعلها المغاربة عيدا دينيا تُخرج فيه الزكاة المفروضة للفقراء.