تُظهر السنوات الأخيرة زيادة كبيرة في حالات عدم الإستقرار الزوجي في بلادنا العربية، وهو ما يبدو واضحاً من خلال إرتفاع حالات الطلاق وقضايا "الخُلع" إحصائياً، وما تُظهره الحوارات والندوات التي تناقش هذه القضايا،وهو ما يُرجعه البعض إلى الإنتشار الواسع لـ"الإنترنت" وظهور "المجتمعات الإلكترونية"، التي لا تعرف حدوداً أو حكومات أو أنظمة أو قوانين،
فإلى أي مدى كانت الثورة الإلكترونية مسؤولة عن حالات الفشل في الحياة الزوجية؟
تُبرئ السيدة إيمان عبدالله، رئيسة مؤتمر المرأة الثقافي في دبي, وتُعلِّل ذلك بقولها: "تحدث المشكلات ويلجأ الزوج أو الزوجة إلى علاقات سطحية عبر "الإنترنت"، لكن مثل هذا الإستخدام السيِّئ، يحدث عندما يكون هناك تفكك أسري في الأساس، لا أعتقد أنّ التكنولوجيا لعبت دوراً رئيسياً في إحداث التفكك الأسري، فحالة عدم الإستقرار بين الزوجين تنشأ في الأغلب بسبب سوء إختيار الشريك، وفي المقابل فإنّ التكنولوجيا أسهمت في التقريب بين المجتمعات والثقافات وتقارب الحضارات".
- ميل إلى الإنعزال:
الناشط في القضايا الإجتماعية في المملكة العربية السعودية، الدكتور محمد العنزي،يُجمل لنا الآثار السلبية التي طالت الأسرة العربية بسبب الثورة الإلكترونية، وفي مقدمتها "الميل إلى الإنعزال، وزيادة حالات الإكتئاب والإحساس بالإستقلالية، فزادت المشكلات الأسرية بسبب جلوس الزوج فترات طويلة أمام "الإنترنت"، بعيداً عن الزوجة والأبناء، ما خلق حالة من إنعدام العاطفة بين الزوجين، حيث إنّ الزوج يبحث عن إشباع رغبته العاطفية غير المتوافرة في زوجته، هذا يؤدي بدوره إلى زيادة حالة الشك عند الزوجة، فتبدأ في مراقبة زوجها، ما يؤدي إلى إنعدام الثقة الذي قد يؤدي في نهاية المطاف إلى الإنفصال ووقوع الطلاق".
وهناك، والكلام للدكتور العنزي، "إرتفاع في حالات الطلاق في المملكة العربية السعودية ودول الخليج بسبب إدمان "الإنترنت"، فالزوج يهمل واجباته المنزلية، ويترك كل الحمل على الزوجة، وقد يتأثر هو نفسه في عمله بسبب سهره حتى ساعات متأخرة من الليل، ما يؤدي إلى الغياب عن العمل، ويتأثر الأبناء بدرجة أو بأخرى، بسبب تأخرهم في التحصيل الدراسي بسبب إنشغالهم بـ"النّت"، وهناك عدد لا بأس به من الطلاب تم فصلهم من الجامعة بسبب هذه المشكلة".
ويشير الدكتور العنزي إلى ما ذكرته إحدى الدراسات، من أنّ أكثر من (90%) من مستخدمي "الإنترنت" في منطقة الخليج يدخلون مواقع غير مفيدة، بما فيها المواقع الجنسية.
وينصح الدكتور العنزي، بضرورة الإستخدام السليم للتكنولوجيا ودخول المواقع المفيدة، وأن يقوم الشخص الذي يرغب في إستخدام "النت" بتحديد الهدف من ذلك، "وهو ما أطبّقه في بيتي، فممنوع الجلوس أمام "الإنترنت" يوم الجمعة، حتى الجوّال ممنوع، إلاّ في أضيق الحدود". وينصح بوضع "الكمبيوتر" في مكان عام وليس في غرف الأبناء، ومتابعة الأطفال أثناء جلوسهم إليه، وأن يجلس أفراد العائلة مع بعضهم بعضاً، حتى تعم الفائدة على الجميع".
- لا غنى عنها:
وتؤيد الدكتورة مشاعل الحملي، والمتخصصة في إستخدام الكمبيوتر في التدريس، ما طرحه الدكتور العنزي، وتضيف: "لا غنى عن إستخدام "الكمبيوتر" و"الإنترنت"، ولكن مطلوب من الأسرة وضع إستراتيجية للتعامل مع هذه الأجهزة، وأن تحرص الأُم على متابعة أبنائها".
الدكتورة نورية العبيدلي، الحاصلة على الماجستير في الإرشاد النفسي الأسري،تعدِّد الآثار السلبية للثورة الإلكترونية بقولها: "نعم، هناك سلبيات كثيرة تعانيها الأسرة العربية في السنوات الأخيرة، بسبب هذه الثورة المعلوماتية، ومن هذه السلبيات إضطراب التواصُل بين أفراد الأسرة، فكل واحد بات مشغولاً بعالمه الإلكتروني الخاص، ومعظم علاقاتهم تكون ضمن الإطار الإلكتروني فقط، بعيداً عن التواصُل الحميمي، فغابت العلاقة الإنسانية، وأصبحت الأسرة العربية بالفعل غير قادرة على تحقيق التوازن بين التطور التكنولوجي وحاجاتها الإنسانية والإجتماعية، فحاجة الإنسان إلى التواصل موجودة في داخله. أما الآن فالكل يبحث عن علاقات عبر "النت" مع شخصيات أخرى مجهولة الهوية، وهذا لا يحقق المشاركة الوجدانية".
أمّا عن دور التكنولوجيا في إضطراب العلاقات الزوجية، فتقول الدكتورة العبيدلي: "إنّ الإضطراب في العلاقات الزوجية موجود من دون وجود التكنولوجيا، ولكن سوء إستخدام التكنولوجيا أسهم في زيادة هذه المشكلات، ومع غياب القدرة على المواجهة، يلجأ الزوج إلى "الشات" و"الدردشة" كوسيلة للهروب، مع أنّ المطلوب هو أن يتحاور مع شريك حياته حتى تنتهي المشكلة".
وتستدرك: "لكن هناك نمطاً آخر من الرجال، أو النساء، وهذا النمط لا يُسيء إستخدام "النت"، فهو عندما يجلس أمام الشاشة، فإنه يهدف إلى المعرفة ولأغراض مهنية، بحتة، فلا مفر من التعامل مع هذا الواقع، ولكن يجب الحرص على أن يكون إستخدام "الإنترنت" ليس على حساب حاجات الأسرة النفسية والإجتماعية والإنسانية، ومن المهم تهيئة جيل الأبناء للزمن المقبل، الذي سيكون أكثر تعقيداً".
- غير قائمة:
تختلف السيدة سحر ناصر، مديرة مركز "انسياب"، الحاصلة على الماجستير في القانون الدولي، مع الرأي القائل إنّ التكنولوجيا هي من أسباب عدم الإستقرار بين الزوجين: "لست مع هذا الطرح، لأنّ الفجوة قائمة قبل ذلك، والعلاقة العاطفية غائبة، لأنّها لو كانت حاضرة لَمَا هرب الزوج إلى شاشة "النت"، فإذا كان هناك حُب في البيت، لا شيء يؤثر في العلاقة بين الزوجين".
وتنصح سحر ناصر بوجود كمبيوتر واحد داخل المنزل وفي مكان عام، وأن يكون الحوار "سيِّد الموقف".
ومن خلال المركز الذي تديره، تقوم سحر ناصر بإعداد دورات تَوعَويَّة للمرأة، لمسايرة التطور السريع في عالم الإلكترونيات.
وبسخرية تُعبِّر سيدة الأعمال إنصاف النعمان، عن رأيها في تأثير التكنولوجيا في الإستقرار الزوجي قائلة: "لو كان هناك حب بين الزوجين لَمَا لجأ أحدهما إلى شاشة الكمبيوتر للهروب من المشكلة الفعلية، وهناك نسبة كبيرة من الأزواج يجلسون أمام "الشات" فترات طويلة، ويدخلون إلى مواقع غريبة".
أمّا السيدة نعمت بايزيد، الناشطة في مجال الأسرة، فتعبر عن رأيها في مسألة تأثير التكنولوجيا في الإستقرار بين الزوجين، قائلة: "لا أتصوّر أنها عامل رئيسي، لأن أساس الزواج إذا لم يكن فيه قدر كبير في التكافؤ في النواحي الإجتماعية والفكرية، فلن يعرف الإستقرار، وإذا غاب التفاهم، تفاقمت المشكلات، فالمشكلة قائمة في الأساس والهروب إلى "النت" يأتي في مرحلة تالية، وإذا لم تكن الحياة مستقرة فالطلاق هو النتيجة الطبيعية".
- سوء الإستخدام:
الإستخدام السيِّئ هو المسؤول عن زيادة حالات عدم الإستقرار الزوجي، هذا ما تقوله السيدة أسماء يحيى الباشا، حرم قنصل اليمن في دبي: "توجد مزايا رائعة، أمّا السلبيات فهي ناتجة عن الإستخدام السيِّئ، ويمكن للحكومات العربية أن تلعب دوراً فاعلاً في التقليل من هذه المشكلات، من خلال إغلاق المواقع الإباحية، وأن تقوم الأسرة بدورها ولا تترك الحبل على الغارب للأبناء، وعلينا أن نُسرع نحو التقدُّم والتطور التكنولوجي، وأن نُترجم أحلامنا إلى واقع".
أمّا السيدة ضياء علي، حرم قنصل ليبيا في دبي، فترى أنّ التكنولوجيا مسؤولة بدرجات ما عن حالة عدم الإستقرار الزوجي، ولكن في المقابل لها دور كبير في النهوض المجتمعي والتطور العلمي، والمسؤولية على الشخص نفسه.
وتدافع السيدة شريفة علي القلداري، القنصل الثقافي في السفارة البحرينية في أبوظبي، عن التكنولوجيا، ملقية باللوم على مَن يستخدمون هذه التكنولوجيا بشكل سيِّئ: "طريقة الإستخدام السيِّئ هي المسؤولة، يجب ألاّ نلقي باللوم على التكنولوجيا، إذا كانت هناك مشكلات، فيجب حلها، وأن تكون هناك رقابة على الأبناء، مع التوعية وغرس الأخلاق الحميدة".
تقلل الشيخة عزة النعيمي، من "جمعية أُم المؤمنين" في عجمان، من تأثير التكنولوجيا في الإستقرار الزوجي في البلاد العربية: "نحن نعيش حالة من الإستقرار العائلي، على الرغم من كل هذا التطور التكنولوجي في الإمارات والعالم العربي، والسبب يعود إلى قيمنا وعاداتنا العربية والإسلامية، التي تهدف في أساسها إلى تحقيق الإستقرار الأسري".
- الفجوة:
"هناك فجوة موجودة في العلاقة بين الزوجين والرجل هو المسؤول عنها"، كلام يعترف به الدكتور عزام الشلبي، الذي يعمل في مجال تكنولوجيا المعلومات في الحكومة الفلسطينية: "الفجوة سببها إنشغال الزوجة بشؤون البيت والأبناء والزوج، بينما يلجأ الزوج إلى الجلوس أمام "النت"، ومن هنا تحدث المشكلات".
=======
بعد كل تلك الاراء
يسعدنا ان نسمع رأيكم في الموضوع
تحياتي
منقول للفائدة
__________________
التعديل الأخير تم بواسطة خادمة الكوثر ; 30-03-2014 الساعة 07:19 PM.