بسم الله الرحمن الرحيم
اللهُم صلِّ على محمدٍ وآلِ محمدٍ واللعنة على اعدائهم ومخالفيهم من الجن والانس اجمعين وعجل فرجهم يارب العالمين
نقل فضيلة الشيخ أحمد الرحماني الهمداني ( دام عزّه ) قائلا : كنتُ جالساً عند أحد مراجع الدين في قم المقدسة ، فذكر المرحوم آية الله الآخوند ملاّ علي الهمداني قائلا : إنّه كان شديد الاهتمام و الاحتياط في الحفاظ على ثقة الناس بالعلماء . ثم ذكر القصة التالية بإجلال و ثناء : جاء ثريٌ من أهل الخير إلى آية الله الآخوند و قال له : عندي مزرعة كبيرة ، قيمتها الآن ( 8000 ) آلاف تومان ـ و هو مبلغ كبير في ذلك الزمان ـ و إنني أحبّ أن أهبها لسماحتكم .
فقال آية الله الآخوند : إنْ تبيعها الآن و تعطيني ثمنها لأوزّعه على الطلاّب أقبلها منك ، و إلاّ فلاأريدها !
كان في المجلس شخص من أحبّاء الشيخ و كما يدّعي انه من أصدقاء الرجل الثريّ فبادر الى القول مخاطباً سماحة الشيخ : لماذا لاتقبلون الهدية انّ هذا الرجل يحبّ أن يهبكم مزرعته ؟ !
فأعاد الشيخ كلامه الذي قاله ، مع حذف وساطته الشخصية هذه المرّة ، اذ قال : وزّع بنفسك ثمن المزرعة على الطلاّب كرواتب شهرية ، فبهذا الشرط أقبل منك الهديّة .
ثم وضع الشيخ الآخوند للشخص الوسيط فيما بعد بأنه إنْ قَبِل المزرعة و قيمتها الآن ( 8000 ) آلاف تومان فسوف تصل قيمتها عند الناس فيما بعد ثمانمائة ألف ، و بعد مدة تصل الى ملايين ، و هذا يصبح سبباً لأن يسيء الناس الظن بالعلماء و ينظروا اليهم نظرة سيئة فيتساءلوا : من أين له هذا ؟ ! و بالتالي تتضعضع عقيدتهم و تهتز ثقتهم بهم .
و لذلك عُرف الشيخ الآخوند بقوله الذي كان يكرّره دائماً لطلبته :
« إنّ عمامتي بيضاء ، يجب أن أراقبها كيلا تتوسّخ ، ذلك لأن القماس الأبيض تبدو عليه الوساخة بسرعة و لو كانت قليلة » .([1])
أقول : ان هذه الشدة في الاحتياط لاتعني عدم التملّك المطلق ـ و خاصة إذا كان من تحسين الوضع الاقتصادي للاسلام و المؤمنين ـ بل تعني ضرورة الانتباه المستمر و رعاية الغاية في الورع .