إذا كان أبي طالب مشرك كما تفترون فكيف ينصر التوحيد ..؟؟!!
بتاريخ : 21-12-2013 الساعة : 01:02 AM
بسمه تعالى
البحث على قسمين و لكن كلاهما مرتبطان ببعضهما البعض لنصل لنتيجة واحدة إن شاء الله تعالى ..
أولاً : المؤمن أبي طالب عليه السلام كان الحامي لرسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و المدافع عنه فلو كان مشركاً كما يفترون كيف يدافع عن عدوه فبطبيعة الحال رسول الله سيكون عدواً للمشركين و سيتوحدون لإيذائه و قتله و القضاء على الدين الذي جاء به و هذا الأمر لا يختلف عليه عاقلان .. ( من لا عقل له لا شغل لنا معه ) ..
فكيف يقوم هذا المشرك بالدفاع عن رسالة سماوية تدعو للتوحيد و يدافع عن المُرسَلْ بها .. ؟؟
البداية والنهاية - بن كثير - الجزء 3 الصفحة 164
(( .. فصل قد تقدم ذكر موت أبي طالب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه كان ناصرا له وقائما في صفه ومدافعا عنه بكل ما يقدر عليه من نفس ومال ومقال وفعال، فلما مات اجترأ سفهاء قريش على رسول الله صلى الله عليه وسلم ونالوا منه ما لم يكونوا يصلون إليه ولا يقدرون عليه.
كما قد رواه البيهقي عن الحاكم عن الاصم حدثنا محمد بن إسحاق الصنعاني (2) حدثنا يوسف بن بهلول، حدثنا عبد الله بن إدريس حدثنا محمد بن إسحاق، عمن حدثه عن عروة بن الزبير عن عبد الله بن جعفر.
قال: لما مات أبو طالب عرض لرسول الله صلى الله عليه وسلم سفيه من سفهاء قريش فألقى عليه ترابا، فرجع إلى بيته فأتت امرأة من بناته تمسح عن وجهه التراب وتبكي، فجعل يقول: " أي بنية لا تبكين فإن الله مانع أباك " ويقول ما بين ذلك " ما نالت قريش شيئا أكرهه حتى مات أبو طالب ثم شرعوا " (3).
قد رواه زياد البكائي عن محمد بن إسحاق عن هشام بن عروة عن أبيه مرسلا والله أعلم.
وروى البيهقي أيضا عن الحاكم وغيره (4) عن الاصم عن أحمد بن عبد الجبار عن يونس بن بكير عن هشام بن عروة عن أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ما زالت قريش كاعين (5) حتى مات أبو طالب " ثم رواه عن الحاكم عن الاصم عن عباس الدوري عن يحيى بن معين، حدثنا عقبة
__________
(2) في البيهقي: الصغاني بدلا من الصنعاني.
(3) الخبر في دلائل البيهقي ج 2 / 350.
(4) في دلائل البيهقي ج 2 / 349: وأبو سعيد بن أبي عمرو بدلا من " وغيره ".
(5) في دلائل البيهقي: كاعين عني: أي جبنوا، والكاعة جمع كاع وهو الجبان، يقال: كع الرجل يكع كعا: جبن عنه (راجع النهاية لابن الاثير).
المجدر عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ما زالت قريش كاعة حتى توفي أبو طالب " وقد روى الحافظ أبو الفرج ابن الجوزي بسنده عن ثعلبة بن صعير (1) وحكيم بن حزام أنهما قالا: لما توفي أبو طالب وخديجة - وكان بينهما خمسة أيام - اجتمع على رسول الله صلى الله عليه وسلم مصيبتان ولزم بيته وأقل الخروج، ونالت منه قريش ما لم تكن تنال ولا تطمع فيه، فبلغ ذلك أبا لهب فجاءه فقال: يا محمد امض لما أردت وما كنت صانعا إذ كان أبو طالب حيا في صنعه، لا واللات لا يوصل إليك حتى أموت.
وسب ابن الغيطلة رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقبل إليه أبو لهب فنال منه، فولى يصيح يا معشر قريش صبا أبو عتبة.
فأقبلت قريش حتى وقفوا على أبي لهب فقال: ما فارقت دين عبد المطلب، ولكني أمنع ابن أخي أن يضام حتى يمضي لما يريد.
فقالوا لقد أحسنت وأجملت ووصلت الرحم فمكث رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك أياما يأتي ويذهب لا يعرض له أحد من قريش، وهابوا أبا لهب إذ جاء عقبة بن أبي معيط وأبو جهل إلى أبي لهب فقالا له: أخبرك ابن أخيك أين مدخل أبيك ؟ فقال له أبو لهب يا محمد أين مدخل عبد المطلب ؟ قال مع قومه.
فخرج إليهما فقال قد سألته فقال مع قومه.
فقالا يزعم أنه في النار.
فقال يا محمد أيدخل عبد المطلب النار ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن مات على ما مات عليه عبد المطلب دخل النار.
فقال أبو لهب
- لعنه الله - والله لا برحت لك إلا عدوا أبدا وأنت تزعم أن عبد المطلب في النار.
واشتد عند ذلك أبو لهب وسائر قريش عليه.
قال ابن إسحاق: وكان النفر الذين يؤذون رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته: أبو لهب، والحكم بن أبي العاص بن أمية، وعقبة بن أبي معيط، وعدي بن الحمراء، وابن الاصداء الهذلي.
وكانوا جيرانه لم يسلم منهم أحد إلا الحكم بن أبي العاص.
وكان أحدهم - فيما ذكر لي - يطرح عليه رحم الشاة وهو يصلي، وكان أحدهم يطرحها في برمته إذا نصبت له، حتى اتخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم حجرا يستتر به منهم إذا صلى، فكان إذا طرحوا شيئا من ذلك يحمله على عود ثم يقف به على بابه ثم يقول: يا بني عبد مناف أي جوار هذا ؟ ثم يلقيه في الطريق.
قلت: وعندي أن غالب ما روي مما تقدم من طرحهم سلا الجزور بين كتفيه وهو يصلي كما رواه ابن مسعود وفيه أن فاطمة جاءت فطرحته عنه وأقبلت عليهم فشتمتهم، ثم لما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا على سبعة منهم كما تقدم.
وكذلك ما أخبر به عبد الله بن عمرو بن العاص من خنقهم له عليه السلام خنقا شديدا حتى حال دونه أبو بكر الصديق قائلا: أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله.
وكذلك عزم أبي جهل - لعنه الله - على أن يطأ على عنقه وهو يصلي فحيل بينه وبين ذلك، مما أشبه ذلك كان بعد وفاة أبي طالب والله أعلم.
فذكرها ههنا أنسب وأشبه.
__________
(1) في الوفاء لابن الجوزي 210 وفي سيرة ابن كثير صقير وهو تحريف وما أثبتناه الصواب: ثعلبة بن صعير أو ابن أبي صعير العذري ويقال ثعلبة بن عبد الله بن صعير ويقال عبد الله بن ثعلبة بن صعير مختلف في صحبته (تقريب التهذيب 1 / 33 / 118).
__________________________ انتهى
المستدرك - الحاكم - الجزء 2 الصفحة 679
4243 - حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا العباس بن محمد الدوري ثنا يحيى بن معين ثنا عقبة المجدر عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها : عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ما زالت قريش كاعة حتى توفي أبو طالب
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين و لم يخرجاه
____________________________
الرحيق المختوم - صفي الرحمن المباركفوري - الجزء 1 الصفحة 70
قريش بين يدى أبي طالب مرة أخرى
ولما رأت قريش أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ماض في عمله عرفت أن أبا طالب قد أبي خذلان رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه مجمع لفراقهم وعداوتهم في ذلك، فذهبوا إليه بعمارة ابن الوليد بن المغيرة وقالوا له : يا أبا طالب، إن هذا الفتى أنْهَدَ فتى في قريش وأجمله، فخذه فلك عقله ونصره، واتخذه ولدًا فهو لك، وأسْلِمْ إلينا ابن أخيك هذا الذي خالف دينك ودين آبائك، وفرق جماعة قومك، وسفه أحلامهم، فنقتله، فإنما هو رجل برجل،
فقال : والله لبئس ما تسومونني، أتعطوني ابنكم أغذوه لكم، وأعطيكم ابني تقتلونه ؟ هذا والله ما لا يكون أبدًا . فقال المطعم بن عدى بن نوفل ابن عبد مناف : والله يا أبا طالب لقد أنصفك قومك، وجهدوا على التخلص مما تكره، فما أراك تريد أن تقبل منهم شيئًا، فقال : والله ما أنصفتموني، ولكنك قد أجمعت خذلاني ومظاهرة القوم علىّ، فاصنع ما بدا لك .
ولما فشلت قريش في هذه المفاوضات، ولم توفق في إقناع أبي طالب بمنع رسول الله صلى الله عليه وسلم وكفه عن الدعوة إلى الله، قررت أن يختار سبيلا قد حاولت تجنبه والابتعاد منه مخافة مغبته وما يؤول إليه، وهو سبيل الاعتداء على ذات الرسول صلى الله عليه وسلم . انتهى
___________________________
و بالطبع هذه عينة بسيطة من الكم الهائل من المصادر الكثيرة التي تحدثت عن نصرة أبي طالب لرسول الله في دعوته لدين الله الحق و للتوحيد بشهادة أن لا إله إلا الله .. فكيف لهذا الرجل المدافع عن رسول الله و عن دينه أن يكون مشركاً و لو كان على صلة قرابة منه فهذا لا يدفعه للدفاع عنه بهذه الصورة المستميتة و لم يؤذيه و لو بربع كلمة أو حرف واحد طوال حياته حتى أننا لم نسمعه يجادله في الدين أو التوحيد بل كل ما رأيناه من أبو طالب أنه كان طائعاً لهذا الدين لا يسلم رسول الله لأعدائه و يدافع عنه دفاعاً مستميتاً ..
يقف العاقل أمام هذا التصرف و يتسائل هل أترك هذه الأدلة العقلية المنطقية الساطعة و أتبع قول مدسوس لفلان و علان ممن عرف عنهم العداوة لآل رسول الله و أكفر شخص شهدت له السموات و الأرض بالإيمان و التوحيد ..؟؟!!
باعتراف علماء السنة و بالمصادر المعتبرة أبي طالب عليه السلام كان ناصراً لرسول الله مدافعاً عنه باذلاً الغالي و الرخيص من أجله فكيف لشخص بهذه المواقف أن يكون مشركاً .. قليل من العقل يا أهل الخلاف ..!
__________________________
ثانياً : تعليقاً على الفقرة التي وردت في النص السابق لابن كثير و التي تتحدث عن أن أبو لهب لعنه الله أبدى " فزعته " و هب لمساعدة و حماية رسول الله ..
الفقرة :
(( .. وقد روى الحافظ أبو الفرج ابن الجوزي بسنده عن ثعلبة بن صعير (1) وحكيم بن حزام أنهما قالا: لما توفي أبو طالب وخديجة - وكان بينهما خمسة أيام - اجتمع على رسول الله صلى الله عليه وسلم مصيبتان ولزم بيته وأقل الخروج، ونالت منه قريش ما لم تكن تنال ولا تطمع فيه، فبلغ ذلك أبا لهب فجاءه فقال: يا محمد امض لما أردت وما كنت صانعا إذ كان أبو طالب حيا في صنعه، لا واللات لا يوصل إليك حتى أموت.
وسب ابن الغيطلة رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقبل إليه أبو لهب فنال منه، فولى يصيح يا معشر قريش صبا أبو عتبة.
فأقبلت قريش حتى وقفوا على أبي لهب فقال: ما فارقت دين عبد المطلب، ولكني أمنع ابن أخي أن يضام حتى يمضي لما يريد.
فقالوا لقد أحسنت وأجملت ووصلت الرحم فمكث رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك أياما يأتي ويذهب لا يعرض له أحد من قريش، وهابوا أبا لهب إذ جاء عقبة بن أبي معيط وأبو جهل إلى أبي لهب فقالا له: أخبرك ابن أخيك أين مدخل أبيك ؟ فقال له أبو لهب يا محمد أين مدخل عبد المطلب ؟ قال مع قومه.
فخرج إليهما فقال قد سألته فقال مع قومه.
فقالا يزعم أنه في النار.
فقال يا محمد أيدخل عبد المطلب النار ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن مات على ما مات عليه عبد المطلب دخل النار. فقال أبو لهب - لعنه الله - والله لا برحت لك إلا عدوا أبدا وأنت تزعم أن عبد المطلب في النار.
واشتد عند ذلك أبو لهب وسائر قريش عليه. .. )) انتهى
__________________
رداً على هذا الادعاء .. نقول ..
منذ أن عرف التاريخ أبو لهب لعنه الله لم يعرفه أبداً إلا بدور المؤذي المحارب الساب و الشاتم لرسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و قد امتلأت الكتب و المصادر بأدلة ايذاء أبو لهب لرسول الله و الأعظم من كل هذه المصادر القرآن الكريم حيث نزلت آية كاملة في أبو لهب و زوجته حمالة الحطب .. و بالتأكيد هو كافر في الدرك الأسفل من النار قضى حياته في محاربة الله و رسوله و دين الحق حتى هلك إلى جهنم و بئس المصير .. نذكر بعض الأدلة على سبيل المثال لا الحصر :
الرحيق المختوم - صفي الرحمن المباركفوري - الجزء 1 الصفحة 71
اعتداءات على رسول الله صلى الله عليه وسلم واخترقت قريش ما كانت تتعاظمه وتحترمه منذ ظهرت الدعوة على الساحة، فقد صعب على غطرستها وكبريائها أن تصبر طويلًا، فمدت يد الاعتداء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، مع ما كانت تأتيه من السخرية والاستهزاء والتشوية والتلبيس والتشويش وغير ذلك . وكان من الطبيعى أن يكون أبو لهب في مقدمتهم وعلى رأسهم، فإنه كان أحد رؤوس بني هاشم، فلم يكن يخشى ما يخشاه الآخرون، وكان عدوًا لدودًا للإسلام وأهله، وقد وقف موقف العداء من رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ اليوم الأول، واعتدى عليه قبل أن تفكر فيه قريش، وقد أسلفنا ما فعل بالنبي صلى الله عليه وسلم في مجلس بني هاشم، وما فعل على الصفا .
وكان أبو لهب قد زوج ولديه عتبة وعتيبة ببنتى رسول الله صلى الله عليه وسلم رقية وأم كلثوم قبل البعثة، فلما كانت البعثة أمرهما بتطليقهما بعنف وشدة حتى طلقاهما . ولما مات عبد الله ـ الابن الثاني لرسول الله صلى الله عليه وسلم ـ استبشر أبو لهب وذهب إلى المشركين يبشرهم بأن محمدًا صار أبتر . وقد أسلفنا أن أبا لهب كان يجول خلف النبي صلى الله عليه وسلم في موسم الحج والأسواق لتكذيبه، وقد روى طارق بن عبد الله المحاربى ما يفيد أنه كان لا يقتصر على التكذيب بل كان يضربه بالحجر حتى يدمى عقباه .
وكانت امرأة أبي لهب ـ أم جميل أروى بنت حرب بن أمية، أخت أبي سفيان ـ لا تقل عن زوجها في عداوة النبي صلى الله عليه وسلم، فقد كانت تحمل الشوك، وتضعه في طريق النبي صلى الله عليه وسلم وعلى بابه ليلًا، وكانت امرأة سليطة تبسط فيه لسانها، وتطيل عليه الافتراء والدس، وتؤجج نار الفتنة، وتثير حربًا شعواء على النبي صلى الله عليه وسلم؛ ولذلك وصفها القرآن بحمالة الحطب .
ولما سمعت ما نزل فيها وفي زوجها من القرآن أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس في المسجد عند الكعبة، ومعه أبو بكر الصديق وفي يدها فِهْرٌ [ أي بمقدار ملء الكف ] من حجارة، فلما وقفت عليهما أخذ الله ببصرها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا ترى إلا أبا بكر، فقالت : يا أبا بكر، أين صاحبك ؟ قد بلغنى أنه يهجونى، والله لو وجدته لضربت بهذا الفهر فاه، أما والله إني لشاعرة . ثم قالت :
مُذَمَّما عصينا * وأمره أبينا * ودينه قَلَيْنا
ثم انصرفت، فقال أبو بكر : يا رسول الله، أما تراها رأتك ؟ فقال : ( ما رأتنى، لقد أخذ الله ببصرها عني ) .
وروى أبو بكر البزار هذه القصة، وفيها : أنها لما وقفت على أبي بكر قالت : أبا بكر، هجانا صاحبك، فقال أبو بكر : لا ورب هذه البنية، ما ينطق بالشعر ولا يتفوه به، فقالت : إنك لمُصدَّق .
كان أبو لهب يفعل كل ذلك وهو عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاره، كان بيته ملصقا ببيته، كما كان غيره من جيران رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤذونه وهو في بيته .
قال ابن إسحاق : كان النفر الذين يؤذون رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته أبا لهب، والحكم بن أبي العاص بن أمية، وعقبة بن أبي معيط، وعدى بن حمراء الثقفي، وابن الأصداء الهذلى ـ وكانوا جيرانه ـ لم يسلم منهم أحد إلا الحكم بن أبي العاص، فكان أحدهم يطرح عليه صلى الله عليه وسلم رحم الشاة وهو يصلى، وكان أحدهم يطرحها في برمته إذا نصبت له، حتى اتخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم حجرًا ليستتر به منهم إذا صلى فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا طرحوا عليه ذلك الأذى يخرج به على العود، فيقف به على بابه، ثم يقول : ( يا بني عبد مناف، أي جوار هذا ؟ ) ثم يلقيه في الطريق .
وازداد عقبة بن أبي مُعَيْط في شقاوته وخبثه، فقد روى البخاري عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلى عند البيت، وأبو جهل وأصحاب له جلوس؛ إذ قال بعضهم لبعض : أيكم يجىء بسَلاَ جَزُور بني فلان فيضعه على ظهر محمد إذا سجد، فانبعث أشقى القوم [ وهو عقبة بن أبي معيط ] فجاء به فنظر، حتى إذا سجد النبي وضع على ظهره بين كتفيه، وأنا أنظر، لا أغنى شيئًا، لو كانت لي منعة، قال : فجعلوا يضحكون، ويحيل بعضهم على بعضهم [ أي يتمايل بعضهم على بعض مرحًا وبطرًا ] ورسول الله صلى الله عليه وسلم ساجد، لا يرفع رأسه، حتى جاءته فاطمة، فطرحته عن ظهره، فرفع رأسه، ثم قال : [ اللهم عليك بقريش ] ثلاث مرات، فشق ذلك عليهم إذ دعا عليهم، قال : وكانوا يرون أن الدعوة في ذلك البلد مستجابة، ثم سمى : ( اللّهم عليك بأبي جهل، وعليك بعتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة، وأمية بن خلف، وعقبة بن أبي معيط ) ـ وعد السابع فلم نحفظه ـ فوالذي نفسى بيده لقد رأيت الذين عدّ رسول الله صلى الله عليه وسلم صرعى في القَلِيب، قليب بدر . )) انتهى
____________________
و لعل أحد النواصب يستخدم فقرة بن كثير السابقة في أن يقول التالي :
هذا أبو لهب الذي هو في النار دافع عن رسول الله بدافع الحمية القبلية و العشائرية و قرابته منه فلا فضل لأبي طالب في دفاعه عن رسول الله فهو كان يتحرك بنفس الدافع القبلي ..
و للرد على ذلك نقول :
أولاً : أبو طالب لم يعرف عنه التاريخ كله أن آذى رسول الله بحرف بخلاف أبو لهب الذي قضى حياته كلها بأذية رسول الله .. فهنا نقف و نقول تأمل الفرق الشاسع بين الموقفين فلو كان أبو طالب مشركاً و العياذ بالله لكان سجل له التاريخ مواقف متعددة من محاربة الإسلام و التوحيد كما سجل لأبو لهب ..
ثانياً : من غير المعقول و لا المنطقي أن يقوم مشرك كأبو لهب عرف بشدته على رسول الله و على الإسلام بحماية الداعي للتوحيد ( رسول الله ) حتى لو كان من قرابته فمواقف أبو لهب شديدة العداء لا يمكن أن تتغير بلحظة واحدة لتصبح مدافعة و محامية عن رسول الله ..!!
ثالثاً : لو قبلنا جدلاً أن أبو لهب حمى رسول الله لفترة ( على حسب زعمكم ) فهل دامت هذه الحماية ..؟ الجواب لا بل عاد لمحاربة رسول الله بشكل أشد من ذي قبل .. بينما أبو طالب لم يؤذيه أبداً حتى توفاه الله فأنظر الفرق بين الحالين ..
رابعاً : السبب الذي من أجله عاد أبو لهب لمحاربة رسول الله جداً ركيك و لا يمكن أن يقوم بحجة
السبب كما ذكرت رواية بن كثير هو أن رسول الله أخبرهم أم عبد المطلب في النار فغضب أبو لهب و عاد لعهده السابق بمحاربة الرسول
بالله عليكم أيها العقلاء أبو لهب مشرك كافر لم يسلم يوماً و لا يعرتف بجنة و نار فكيف لهذا السبب أن يجعله يغضب ..؟؟!!
خامساً : أبو لهب و زوجته كانا يحاولان قتل رسول الله فكيف يكون أبو لهب حماه من المشركين ..؟؟ فهل نسيا وقتها أن رسول الله من صلة الرحم التي تحدث عنها القوم أعلاه أم ماذا ..؟؟
فما أورده بن كثير هذا لا يعدو كونه تراهات لا تستقيم عقلاً و لا نقلاً حتى .. و ما وُضعت هذه الحكاية إلا لتشويه صورة أبي طالب و ليقال أبو طالب و أبو لهب كلاهما حميا رسول الله و هما الاثنين بالنار و ذلك كنثر الرماد في العيون لكن القارئ الواعي صاحب العقل المستنير و المتوقد بروح التقصي و المعرفة لن تفوت عليه هكذا ألعوبة بل سيدقق في التاريخ و الحقائق و سيرى الفرق الشاسع بين الموقفين ... فتأمل أيها المتدبر !
النتيجة التي نصل اليها مع القارئ الكريم هي أن أبي طالب عليه السلام كان مؤمناً حقاً شهد بأن لا إله إلا الله و أن محمداً رسول الله و ليس كما يزعم البخاري المجوسي الحاقد على الإسلام بأن أبو طالب في النار ..
فببساطة نقول :
مشرك = عدو لله و للرسول و للإسلام محارب لهم ..
مؤمن = مدافع عن الله و الرسول و الإسلام ...
و موقف أبي طالب عليه السلام هو المدافع عن الله و الرسول و الإسلام
فانظروا كيف تحكمون يا أولي الألباب ..