بانواما الشرق الاوسط
السبت , 7 كانون اول / ديسمبر 2013
مع الاعلان عن الانتهاء من مشروع الهندسة العكسية لطائرة RQ170 من قبل حرس الثورة الاسلامية ، يبدو ان اكبر كابوس امريكي، اي تحليق النموذج الايراني من الطائرة الامريكية بات وشيكا .
في ديسمبر 2011 اعلنت ايران سيطرتها على طائرة تجسس امريكية من دون طيار انتهكت اجواء البلاد، عبر اختراق منظومة التحكم فيها وارغامها على الهبوط. اما الطائرة فقد كانت واحدة من أكثر الطائرات سرية في القوات الجوية الأمريكية، وهي من طراز “آر كيو – 170″ التي استخدمت في تصنيعها، أحدث الابتكارات التكنولوجية، بما في ذلك تكنولوجيا طائرة الشبح، لجعلها هدفا غير مرئي بالنسبة للرادارات. الخبر تصدر العناوين الخبرية بسرعة فائقة ليبادر المسؤولون الامريكيون وفي خطوة متسرعة الى تفنيده معللين ذلك بان ايران لا يمكنها اختراق انظمة هذه الطائرة. لكن عرض الطائرة امام العالم حيث كان من الواضح انها لم تتعرض للإسقاط بالنيران كشف عن صحة اقوال المسؤولين الايرانيين .
مواصفات الحارس الامريكي
ولكن ما هي مواصفات الطائرة التي اغتنمتها ايران؟ طائرة RQ-170 الامريكية المعروفة بـالحارس ” Sentinel ” او وحش قندهار هي إحدى أكثر الطائرات الامريكية تطورا، إذ بها تقنية عالية للتخفي وأنظمة كمبيوتر متطورة تمكنها من التوغل بشكل عميق في أراضي الخصم دون الكشف عنها. فالرادارات التي تعمل بالموجات الطويلة لا يمكنها رصد هذه الطائرة ابدا. اما الرادارات التي تعمل بالترددات الجد عالية (VHF) فهي ايضا لا يمكنها رصد هذه الطائرة ما لم تكن على مسافة اقل من 40 كيلومترا عنها، الامر الذي يعد مستحيلا. ويعود الفضل في ذلك الى تصميم سطحها الخاص والمواد المستخدمة في صناعتها، تلك التقنية التي تبذل العديد من الدول ومنها الصين وروسيا منذ اعوام جهودا مضنية للحصول عليها. ومن المواصفات الاخرى لهذه الطائرة هي مدى تحليقها وقدرتها على الحرب الالكترونية ما يجعلها فريدة من نوعها بين الطائرات الاخرى من حيث التشويش على نطاق واسع والتنصت على الاتصالت السلكية واللاسلكية لمساحة واسعة.
كما ان هذه الطائرة مجهزة بكاميرات ومجسات ومعدات استشعار فريدة من نوعها يمكنها التقاط صور بمنتهى الوضوح في اي ظروف جوية. ويجري التحكم بهذه الطائرة ،التي يبلغ طولها جناحيها 26 مترا وطولها اربعة امتار ونصف وارتفاعها متر و 84 سنتيمترا، بواسطة الاقمار الاصطناعية وكذلك القواعد الارضية في افغانستان وامريكا ويمكنها التحليق في شعاع 1500 كيلومتر . يشار الى ان الطائرة دخلت الخدمة بشكل سري لاول مرة عام 2005 في افغانستان وجرى نشر اول صورة لها عام 2007 في قاعدة قندهار الجوية.
”سار” الرادار المتطور للطائرة الامريكية بدون طيار لاستطلاع المناطق الحساسة
ومن الميزات الخاصة بهذه الطائرة ايضا يمكن الاشارة الى رادارها المتطور جدا. فرادار الجهاز ذو النافذة التخليقية “سار” ( (Synthetic Aperture Radar الذي يستخدم للاغراض المدنية والعسكرية مبني على ارسال نبضات وترددات بسرعة عالية من قبل هدف متحرك مثل الطائرة باتجاه المنطقة المستهدفة ومن ثم التقاط الطاقة المنعكسة. وبناء على المعلومات التي تم الحصول عليها من الطائرة الامريكية فان رادار سار المجهزة به يمكنه اعداء تصاوير بدقة 10 سنتيمترات .
وبعد هذ المواصفات يمكن القول ان النجاح في السيطرة على مثل هذه الطائرة وارغامها على الهبوط سالمة يكشفان نوعا ما عن قدرات الحرب الالكترونية التي تتمتع بها القوات المسلحة الايرانية.
نهاية حقبة السرية
منذ ان تبينت اهمية الرادار خلال الحرب العالمية الثانية، بدات فكرة التخفي عن الرادار او التهرب منها تترسخ في اذهان المهندسين والمخترعين. اولى هذه المشاريع التي عرفت باسم Ho229 تمت من قبل النازيين. والطائرة التي سيطرت عليها ايران تشبه الى حد كبير هذا النموذج. بعد ذلك وخلال الحرب الباردة بدات الاطراف المتنازعة التركيز على الاستفادة من الحرب الالكترونية للتشويش على الرادارات المعادية. ولكن خلال عقد السبعينيات بدات شركة “لوكهيد مارتين” الامريكية مشروع( Have Blue ) الهادف الى صناعة طائرة شبح باستخدام سبائك وفلزات مختلفة بكلفة 112 مليون دولار لتنجح اخيرا في صنع أول طائرة شبحية في العالم وهي( F-117 Nighthawk ) التي استخدمتها امريكا في الغزو على بنما وعمليات عاصفة الصحراء ويوغسلافيا وافغانستان والعراق. وخرجت هذه الطائرة من الخدمة عام 2008 بعد ان تم اسقاط احدى نماذجها فوق يوغسلافيا. وبعد هذه الطائرة جرى تصميم القاذفة “بي 2″ .
خصائص الـ”شبح” الامريكية
القاذفة ب 2 سبيريت ” الشبح ” طائرة حربية صممت كقاذفة للصواريخ النووية خلال فترة الحرب الباردة. وتعد أغلى أنواع الطائرات على الإطلاق إذ بلغت تكلفة الطائرة الواحدة منها 2.2 مليار دولار. ولهذا اكتفت الحكومة الأمريكية بواحد وعشرين طائرة من أصل 135 طائرة كان مقررا لها أن تنتج. وتصل سرعتها القصوى إلى حوالي (973 كم/ساعة). دمج كفاءة التصنيع مع التكنولوجيا العالية والحمولة الكبيرة التي تستطيع حملها يعطي ب -2 مزايا هامة قائمة على القاذفات الاستراتيجية. يبلغ عرض الطائرة 52 مترا وطولها 21 مترا في حين يبلغ ارتفاعها 5 أمتار. وهي طائرة غير مرئية للرادار التقليدي، ولا حتى الرادرات الحديثة، تستطيع تتبع مسارها بنحو فعال، فأجهزة الاتصال المزودة بها، لا يمكن التشويش عليها، او التقاط ذبذاباتها، كما أن الانبعاثات الحرارية منها، متدنية جدا، حتى لا يتمكن الرادار الذي يعمل على الكشف الحراري، او الصوت، أن يكتشفها. استخدمت اول مرة في حرب كوسوفو عام 1999 حيث انطلقت من قاعدة من ولاية ميسوري وقامت بقصف كوسوفو في شرق اوروبا ومن ثم عادت الى قاعدتها. وأستمر استخدامها، في حرب افغانستان والعراق.
المقارنة بين طائرة “آر كيو 170″ التي هي بحوزة ايران مع هذه المقاتلة الحربية تكشف عن ان طائرة آر كيو 170 هي انموذج مصغر من طائرة “بي 2″ من حيث التصميم والهيكل وكذلك تقنية التخفي من الرادارات.
**انهيار بي 2 بعد فشل آر كيو 170
بات من الواضح ان صيد احدث طائرات التجسس الامريكية من قبل ايران اصبح يمثل خطرا لهذا البلد، لان امتلاك ايران لهذه الطائرة ليس فقط سيجعلها قادرة على الكشف عن احدث اساليب التجسس التي تقوم بها وكالة الاستخبارات الامريكية، بل ان الشبه بين هذه الطائرة وطائرة “بي 2″ سيوجه ضربة قاصمة لاغلى مشاريع المقاتلات الجوية الامريكية واكثرها سرية.
**فك الشيفرات والهندسة العكسية لطائرة RQ-170
المسؤولون الأميركيون أكدوا أن ايران لن تستطيع فك شفرة تشغيل الطائرة بدون طيار آر كيو 170 والوصول للمعلومات الموجودة بداخلها، لأنها مؤمّنة بطرق سرية معقدة، حسب زعمهم. لكن قادة الحرس الثوري وفي مناسبات عدة قدموا معلومات حول كيفية السيطرة على الطائرة وفك شيفراتها ومنها على سبيل المثال :
قال العميد امير علي حاجي زاده قائد القوات الجوية والفضائية في الحرس الثوري “اعطي مؤشرات لكي يفهم الاميركيون الى اي حد تمكنا من اختراق اسرار الطائرة”.
- “في تشرين الاول 2010، ارسلت الطائرة بسبب مشاكل تقنية الى كاليفورنيا حيث تم اصلاحها ثم ارسلت الى قندهار (افغانستان) في تشرين الثاني 2010، لكنها بقيت تعاني من مشاكل تقنية”.
- “ارسلت الطائرة لاحقا الى مطار قرب لوس انجليس في كانون الاول 2010 … وحلقت فوق المنزل الذي اختبأ فيه (اسامة) بن لادن قبل اسبوعين من قتله” في باكستان في ايار 2011 بيد عسكريين اميركيين.
-”في اكتوبر من العام 2010 كانت تحلق فوق سماء كاليفورنيا للتجربة، أما في نوفمبر من العام نفسه تقرر القدوم الى قندهار فتصاب باشكالات فنية لتعود مرة اخرى في ديسمبر من العام نفسه الى لوس انجلوس لرفع الاشكالات التي كانت تعاني منها على ما يبدو”.
- المعلومات التي تم الحصول عليها من الطائرة هو انها أقلعت في رحلتها الأخيرة من قاعدة قندهار على بعد حوالى 420 كيلومتراً من الحدود الإيرانية ، مشيرا الى ان طائرات أخرى مثل طائرات MQ الاستطلاعية كانت تستخدم في تلك القاعدة، وان غالبية عمليات القصف التي كان يقوم بها الأمريكيون ضد أفغانستان وباكستان كانت تتم بواسطة الطائرة التي تقلع من تلك القاعدة.
فان لم نفك رموزها وشيفراتها كيف استطعنا الحصول على هذه المعلومات؟.
واشار العميد حاجي زاده الى أن التكنولوجيات الأميركية المستخدمة في الطائرات الحربية والجاسوسية على مدى الاعوام الخمسين الماضية متوفرة في هذه الطائرة واضاف : جميع التكنولوجيات المستخدمة في طائرات “أف – 35″ و “القاذفة ستيلث” و “المقاتلة رابتورز” باتت في متناولنا.
**الكابوس الامريكي على وشك التحقق
الان وبعد عامين من الاستيلاء على الطائرة الامريكية وبناء على تصريحات قادة الحرس في خصوص التقدم المتواصل على صعيد الهندسة العكسية لطائرة RQ-170 فان تحليق النموذج الايراني قد يشكل مفاجأة اخرى للبيت الابيض؛ ذلك الكابوس الذي لايبدو ان تحقيقه سيستغرق وقتا طويلا.