يشترط إذن ولي الفتاة وهو رأي أكثر فقهاء الشيعة المعاصرين، على نحو الفتوى أو الاحتياط الوجوبي، وأيضاً هو رأي جمهور أهل السنة.
وولي الفتاة الذي يؤخذ رأيه في الفقه الجعفري هو الأب أو الجد للأب فقط حيث يكفي موافقة أحدهما ولا ولاية لغيرهما على الفتاة البالغة الرشيدة.
و اشتراط الشارع إذن الولي في إمضاء زواج الفتاة البكر، هو من أجل ترشيد قرارها، حتى لا يكون اختيارها نابعاً من حالة عاطفية، دون التأكد من صلاحية من تريد الاقتران به.
وخاصة في المجتمعات المحافظة، فإن الفتاة ليست منفتحة على مجتمع الرجال، لتعرف سلوك الخاطب لها، ومستواه ودرجة صلاحيته، وأبوها أو جدها يفترض فيهما الحرص على مصلحتها، ورغبتهما في سعادتها، لذا كان لرأيهما دخل في إمضاء زواجها.
أما غيرهما فليس له حق المنع، حسب الفقه الجعفري، نعم يستحب للفتاة أن تستشير من تثق به من أهلها، لكن ليس لأحد منهم حق المنع.
وما يمارسه بعض الأقرباء من التدخل في شأن زواج أخته، أو ابنة أخيه، أو ابنة أخته، أو ابنة عمه، أو ما أشبه، بالعرقلة والتعويق، هو تدخل طفولي لا يقره الشرع، يقول الفقيه السيد محمد سعيد الحكيم:
1- ليس لأحد من الأرحام مع فقد الأب والجد للأب الولاية على البالغة البكر فضلاً عن غيرها، بل تستقل فيه بنفسها، وما قامت عليه بعض الأعراف من تدخل الأرحام ومنعهم للمرأة عما تريد، أو عما يريده لها وليها مع وجوده، ظلم صارخ، وخروج عن الموازين الشرعية وانتهاك لحدود اللَّه تعالى، وتجاهل لأحكامه في عباده، وهو من أسباب الفساد المهمة، التي قد يترتب عليها ردود فعل لا تحمد عقباها، يتحمل المفسد عارها وشنارها في الدنيا، وتبعتها ومسؤوليتها في الآخرة، {يَوْمَ لاَ يُغْنِي مَوْلًى عَن مَّوْلًى شَيْئًا وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ}
2- إن بعض الفتيات -كما لاحظت- ينزعجن من ممارسة وليهنّ لهذا الدور، وتسيطر عليهن الانفعالات الحادة، عندما يقف الولي أمام رغبتهن في اختيار الزوج، ولكن المطلوب من الفتاة أن تتفهم هذا الحكم الشرعي، وان تتفهم دور أبيها الذي رباها وتحمل مسؤولية رعايتها، وهو حريص على سعادتها ومستقبلها، وهو أكثر منها تجربة وخبرةً ومعرفة بأوضاع المجتمع وأفراده، وحينما يرفض خاطباً يتقدم لها إنما هو من منطلق عدم كفاءة ذلك الخاطب وصلاحيته.
3- ويحصل في بعض الحالات أن الفتاة تصر على رغبتها في الزواج من خاطب معيّن، مع رفض أبيها، ويضطر الأب للتنازل عن رأيه، والاستجابة لرغبتها، مع تحميلها مسؤولية مستقبلها، فماذا يحدث بعد ذلك؟
4- يحدث أحياناً أن تجد البنت نفسها في ورطة الحياة مع شخص لا يحسن التعامل معها، ولا يتحلى بالصفات المطلوبة والسلوك المناسب، فتدرك بعد فوات الأوان أنها كانت مخطئة في الاختيار، وتدفع ثمناً باهضاً.