بقلم : نائب رئيس الجمهورية المستقيل عادل عبد المهدي
كشفت الضربة المحتملة افاقها وافاق التطورات قبل ان تبدأ.. فالنقاش (قبل دخول منطق الضربة) هو حول جنيف (2) او استمرار القتال؟ والتدخل العسكري لمصلحة المعارضة، بعد قرارات التسليح ام لا؟ واستمرار النظام بالتقدم ليحقق الحسم النهائي، ام ستستعيد المعارضة المبادرة لتحسم الامور؟ وهل سيقود اشتراك قوى خارجية كثيرة لانتقال الصراع الى لبنان والعراق وتركيا والاردن وفلسطين وغيرها، ام لا؟
والحقيقة ان معظم هذه الامور قد وجدت تطبيقاتها.. فالصراع انعكست اثاره في العراق، والهجمات الاخيرة للقاعدة جزء منه.. وكذلك في لبنان، والضاحية وطرابلس، وفي مصر وسيناء، الخ. وتقدم الجيش بصعوبة في حمص وحلب وبعض اطراف دمشق.. وتقدمت المعارضة بصعوبة ايضاً، واخذت بعض المواقع واهمها مطار "منغ".. فالصراع مال للجمود.. وانتقل النزاع، جغرافياً وسكانياً، واقليمياً ودولياً، لحالة يصعب فيها الحسم.
لذلك قد يكون الكيمياوي هو لتحريك الجمود او لفرض الحسم.. فصار التدخل العسكري اقرب للحتمية.. ورأى كثيرون ان الضربة ستغير تماماً موازين المعركة باتجاه طرف. وهنا تكشفت اوهام كثيرة.. اعطت لاصطفافات القوى صوراً اكثر واقعية.. فالغرب وروسيا والصين اليوم غير ما كانوا بالامس.. لا داخليا ولا اقليمياً ودولياً.. والمنطقة اليوم غير المنطقة بالامس. وان التمنع البريطاني الذي خذل "كاميرون" بفارق (13) صوتاً في مجلس العموم، يكشف التذبذب في معظم العواصم.. وتردد اوباما وتأكيده ان الضربة ستكون محدودة في الزمان والمكان ولن تسعى لاسقاط النظام، معناه ان المعركة قد طوقتها جميع معارك الزمان خلال العقود الثلاثة الماضية على الاقل، والمكان في الحرب العراقية الايرانية، واحتلال العراق ومعارك لبنان وافغانستان وغيرها.. وهذا يصح عربياً، فرفضت الكثير من الدول وعلى رأسها مصر الضربة.. فالتظاهرات تجوب دول العالم، مما سيجعل العملية بكلفها المدمرة، وما يمكن ان تفجره من مضاعفات قد يصعب السيطرة عليها، رفعاً للعتب وادعاء القيام بالواجب.. اكثر منه مشروعاً لانهاء ازمة معقدة كالازمة السورية.
فالتلويح بالضربة بذاته قد كشف موازين القوى، والاطراف السورية والخارجية قد شخصت حدودها، حسب كل المؤشرات.. والاوهام والتقديرات الخاطئة على وشك الانهيار.. وتراجعت نظرية الحسم.. مما قد يولد الضغوطات والقناعات المطلوبة للتوجه لطاولة المفاوضات.. لوقف جنون الحرب والتدخل والكيمياوي والارهاب، وارساء اساس نظام ديمقراطي يعتمد حكم الشعب، ويحقق مصلحة السوريين بتلاوينهم.