هناك نظريتان حول عبد الله بن سبأ ، نذكرهما باختصار :
1 ـ أن عبد الله بن سبأ شخصية وهمية وأسطورة ، وهذا القول كما ذهب اليه السيد العسكري والشيخ مغنية ، ذهب اليه عدد من المفكرين المسلمين والمستشرقين ، ومع هذا فإن الآراء التي نشرها السيد العسكري حول عبد الله بن سبأ والاسطورة السبئية والتي صدرت في مجلدين ، ليست هي النتائج كلها التي توصل اليها ، فهناك مجلد مخطوط اسمه : (عبد الله بن سبأ والاسطورة السبئية ) حيث تناول فيه الاسطورة السبئية بتفصيل واسع .
2 ـ أن عبد الله بن سبأ له وجود عادي ، وأن الكثير ما نسب إليه لا أصل له اخترعه النواصب للطعن بالتشيع .
والأدلة تساعد على ان ابن سبأ كان له وجود ، ولكن أعداء التشيع أرادوا وسيلة يتخذونها للطعن بالتشيع . وخير وسيلة كانت لهم أن جعلوا من ابن سبأ شخصية تاريخية كبيرة نسبوا له تأسيس التشيع ، مع ان ابن سبأ ملعون على لسان أئمة أهل البيت عليهم السلام ، وملعون على لسان علماء مذهب أهل البيت عليهم السلام ، والشيعة منه براء ، ولا توجد أيّ صلة له بالتشيع .
والخــــــــــــــلاصة فيه .....
والذي أفاده جمع من المحقّقين والباحثين ـ كالعلاّمة السيد مرتضى العسكري في كتابه عبد الله بن سبأ ـ أنه رجل اختلقه خصوم الشيعة كيداً لهم وإزراءاً عليهم .
قال الدكتور عبد العزيز الهلابي الأستاذ في قسم التاريخ بكلية الآداب بجامعة الملك سعود بالرياض :
وعلى أية حال ، فسَيف ـ وهو راوي قصة ابن سبأ ـ أراد طعن الشيعة في الصميم ، وذلك بنسبة مذهب التشيع إلى يهودي حاقد على الإسلام ، يريد تقويضه من الداخل ، وأن أفكار الشيعة ـ المعتدلين منهم والغلاة ـ ليست سوى أفكار هذا اليهودي ـ عبد الله بن سبأ للهلابي : 26 ـ .
وقال الدكتور طه حسين :
إن أمر السبئية وصاحبهم ابن السوداء إنما كان متكلّفاً منحولاً ، قد اختُرع بأخَرَة ، حين كان الجدال بين الشيعة وغيرهم من الفِرق الإسلامية ، أراد خصوم الشيعة أن يُدخِلوا في أصول هذا المذهب عنصراً يهوديّاً ، إمعاناً في الكيد لهم والنيل منهم ـ علي وبنوه : 518 ـ .
ويأتي الدكتور أحمد محمد صبحي ليستعرض كلام الدكتور طه حسين حول وهمية عبد الله بن سبأ ، ثم يعلّق على هذا الموضوع قائلاً :
إن مبالغة المؤرخين وكتاب الفرق في حقيقة الدور الذي قام به عبد الله ابن سبأ يرجع إلى سبب آخر غير ما ذكره الدكتور طه حسين . فلقد حدثت في الإسلام أحداث سياسية ضخمة كمقتل عثمان ثم حرب الجمل ، وقد شارك فيها كبار الصحابة وزوجة الرسول " صلى الله عليه وآله وسلّم " وكلّهم يتفرقون ويتحاربون ، وكل هذه الأحداث تصدم وجدان المسلم المتتبع لتاريخه السياسي ... إلى أن يقول :
ولم يكن من المعقول أن يتحمل وزر ذلك كله صحابة أجلاء أبلوا مع رسول الله " صلى الله عليه وآله وسلّم " بلاءاً حسناً ، فكان لابد أن يقع عبء ذلك كله على ابن سبأ ـ نظرية الإمامة ـ .
وحسبكم هذه الكلمات التي كتبها محمد كرد علي في كتابه خطط الشام قائلاً :
وأما ما ذهب إليه بعض الكتاب من أن مذهب التشيع من بدعة عبد الله ابن سبأ المعروف بابن السوداء ، فهو وهم ، وقلة علم بتحقيق مذهبهم ، ولمن علم منزلة هذا الرجل عند الشيعة وبراءتهم منه ومن أقواله وأعماله وكلام علمائهم في الطعن فيه بلا خلاف في ذلك علم مبلغ هذا القول من الصواب ـ خطط الشام لمحمد كرد علي 6 / 251 ـ .
أما الدكتور علي الوردي فيقول في معرض كلامه عن ابن سبأ :
ويبدو أن هذه الشخصية العجيبة اخترعت اختراعاً ، وقد اخترعها الأغنياء الذين كانت الثورة موجهة ضدهم ـ علي الوردي في كتاب وعاظ السلاطين : 151 ـ . ويدل على أن عبد الله بن سبأ شخصية وهمية أمور كثيرة يذكرها صاحب كتاب كشف الحقائق : 228 فراجع .
وهـــــــــذا رأينا في هذه الشخصية المزعــــــــــــومة والأسطورة المشؤمة ...، وعلى المدعي أثبات البينة ...