لا يجهل أحد أن التطرف الإسلامي وما يولده من إرهاب يمثل اليوم الخطر الأول على الشعوب والحضارة.
صحيح أن هناك متطرفين ومتزمتين غير مسلمين موجودون بين معتنقي الأديان الأخرى، وصحيح أيضا أن الإرهاب متعدد الأشكال، كما كان الجيش الأحمر الماوي الياباني والمنظمات السرية المتطرفة في إيطاليا وفرنسا، وكما هو وضع جيش المعارضة الماوي الكولومبي، الذي يعتمد ماليا على تهريب المخدرات وعلى خطف الناس. لا ننسى أيضا أن بين الأنظمة الشمولية من يمارس إرهاب الدولة وإن لم يتستر بالدين؛ كما كان حال النظام الصدامي الذي لم يحاول التقنع وراء الدين إلا خلال عقده الأخير.
لكن صحيح كذلك أن الخطر عند الآخرين لا يتجاوز البلد أو منطقة ما في حين أن خطر الإرهاب الإسلامي يقوم بعمليات الوحشية في كل مكان ولا يتردد عن قتل الآلاف من الأبرياء، كما حدث في انفجارات نيويورك وواشنطن ومدريد ولندن وعمليات التفجير والاغتيال في فرنسا وهولندا وغيرهما، ومثلما يجري كل يوم وكل ساعة في العراق. إن العديد من البلدان العربية ومنها مكة نفسها وبلدان جنوب شرفي آسيا شهد عشرات العمليات الإرهابية وتدريب الإرهابيين على مدى أكثر من عقد، والخطر يومي على الغرب مثلما على البلدان الإسلامية ودول بقية مناطق العالم.
أين هي المراكز الرئيسية لتصدير التطرف والإرهابيين الإسلاميين من المذهبين السني والشيعي؟ إنها دون شك السعودية وباكستان وإيران.
إن التطرف الإسلامي الذي ولّد القاعدة وتعتنقه كل الفصائل الإرهابية "السنية" تقريبا هو طبعات من الوهابية عندما تصل درجة عالية من التطرف. هذا التطرف يكفر غير المسلمين والشيعة والعلمانيين والمتدينين الذين لا يسايرونهم، كما معظم الأنظمة العربية والإسلامية المتهمة عندهم بترك الدين والإلحاد. إن الكتاتيب والمدارس وفرق المطاوعين ينشرون التطرف بالضغط أو القوة، وقد وجدنا علماء السعودية لا يدينون الأعمال الإرهابية في العراق ويخطئون فقط كل عملية في السعودية وحدها.
لقد نشرت صحيفة الفيجاور الفرنسية في 30 تموز الفائت تقريرا موسعا على كامل صفحتها الثانية عن كيفية غسل أدمغة الهنود المسلمين العاملين في الخليج تحت أتعس الظروف. يشير التقرير لحالة عائلة هندية مسلمة من ولاية كيرالا ذات الأكثرية المسلمة. بعد سنة من عمله في السعودية عاد لزوجته في إجازة قصيرة حاملا لها حجابا طالبانيين كالخيمة السوداء بتعبير الصحيفة. كانت المرأة ككل نساء الولاية يلبسن الملابس الملونة الزاهية فتحولت نساء المهاجرين العائدين من السعودية ودبي إلى خيم سوداء. كانت الولاية ذات أكثرية مسلمة وطوائف هندوسية ومسيحية ويهودية متجانسة عقودا من السنين، فإذا هي اليوم منطقة توتر بين الهندوس والمسلمين. إن العائدين من الخليج صاروا يمارسون الشعائر الدينية بالطريقة الوهابية ويشككون بغير المسلمين مما يشجع التطرف الهندوسي.
لقد تساءل عدد من كتاب السعودية مؤخرا عن الأسباب التي تجعل معظم الإرهابيين خارج المملكة سعوديين ومنهم معظم من قاموا بتفجيرات نيويورك وواشنطن، وأشاروا لدور التعليم السلبي هناك.
الباكستان لا تزال كتاتيبها ومعظم رجال الدين هناك يمارسون الدين على النمط الوهابي ويبررون الإرهاب، أما الحكومة فمارست سياسة التغاضي والضرب عند الخطر، وهي تعتقل ثم تطلق سراح دعاة التطرف والإرهاب. إنها تجاري الأمريكان في ضرب الطالبانيين داخل البلد وعلى الحدود ثم تتبع سياسة التغاضي لاسيما وأن أجهزة أمنية وعسكرية تمالئ الطالبانيين والتطرف الإسلامي.
موضوع إيران متشعب ونشير هنا لآخر التصريحات الأمريكية عن تسريب أسلحة إيرانية متطورة للمسلحين الشيعة، وكيف أن معظم الهجمات على القوات الأمريكية ينفذه هؤلاء المسلحون المؤتمرون بتعليمات إيران.
الموضوع متشعب وقد نعود إليه قريبا.
10 آب 2007