وقف أحمد بن حجر الهيتمي المكي موقفا عجيبا مع يزيد ابن معاوية فهو لايريد تكفيره .... على كل حال نقرأ بعض ما كتبه من الصفحتين 220 – 221 من كتابه الصواعق المحرقة:
أخرج أبو يعلى في مسنده بسند لكنه ضعيف عن أبي عبيدة قال رسول الله ( صلى الله عليه (وآله)وسلم) : (( لايزال أمر أمتي قائما بالقسط حتى يكون أول من يثلمه رجل من بني أمية يقال له يزيد .))
وأخرج الروياني في مسند عن أبي الدرداء قال سمعت النبي (صلى الله عليه(وآله)وسلم) يقول : ((أول من يبدل سنتي رجل من بني أمية يقال له يزيد .))
وقال نوفل بن أبي الفرات كنت عند عمر بن عبد العزيز فذكر رجل يزيد فقال أمير المؤمنين يزيد بن معاوية ، فقال : تقول أمير المؤمنين فأمر به فضرب عشرين سوطا.
أخرج الواقدي من طرف أن عبدالله بن حنظلة ابن الغسيل (غسيل الملائكة) قال :
( والله ما خرجنا على يزيد حتى خفنا أن نرمى بالحجارة من السماء ان كان رجلا ينكح أمهات الاولاد والبنات الاخوات ويشرب الخمر ويدع الصلاة .)
وقال الذهبي ولما فعل يزيد بأهل المدينة ما فعل مع شربه الخمر واتيانه المنكرات اشتد عليه الناس وخرج عليه غير واحد ولم يبارك الله في عمره . وأشار بقوله ما فعل الى ما وقع منه سنة ثلاث وستين فانه بلغه ان أهل المدينة خرجوا عليه وخلعوه فأرسل لهم جيشا عظيما وأمرهم بقتالهم فجاؤا اليهم وكانت وقعة الحرة على باب طيبة وما أدراك ما وقعة الحرة . ذكرها الحسن مرة فقال لله ما كان ينجو منهم واحد ، قتل فيها خلق من الصحابة ومن غيرهم فانا لله وانا اليه راجعون..
اعلم ان اهل السنة اختلفوا في تكفير يزيد..فقالت طائفة انه كافر لقول سبط ابن الجوزي وغيره المشهور : انه لما جاء رأس الحسين رضي الله عنه جمع أهل الشام وجعل ينكت رأسه بالخيزران وينشد أبيات الزبعرى :
ليت أشياخي ببدر شهدوا =الابيات المعروفة وزاد فيها بيتين مشتملين على صريح الكفر.
.....فلا نتعرض لتكفيره أصلا لأن هذا هو الاحرى والاسلم
وعلى القول بأنه مسلم فاسق شرير سكير جائر......
وقال آخرون لا يجوز لعنه اذ لم يثبت عندنا ما يقتضيه وبه افتى الغزالي وأطال في الانتصار له وهذا هو اللائق بقواعد أئمتنا بما صرحوا به من انه لايجوز أن يلعن شخص بخصومه الا أن علم موته على الكفر ...
ما بال ابن حجر يدافع دفاع المستميت عن يزيد وهو القائل في كتابه الصواعق المحرقة :
وصنف القاضي أبو يعلى كتابا ذكر فيه بيان من يستحق اللعن وذكر منهم يزيد ثم ذكر حديث من أخاف أهل المدينة ظلما أخافه الله وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ... والحديث الذي ذكره رواه مسلم ووقع من ذلك الجيش من القتل والفساد العظيم والسبي واباحة المدينة ماهو مشهور ، حتى فض نحو ثلثمائة بكر وقتل من الصحابة نحو ذلك سبعمائة نفس وأبيحت المدينة أياما وبطلت الجماعة من المسجد النبوي أياما فلم يمكن أحدا دخول مسجدها حتى دخلته الكلاب والذئاب وبالت على منبره صلى الله عليه (وآله)وسلم..
ونقرأ في صفحة193 ..ولما قتلوه (الحسين)بعثوا برأسه الى يزيد فنزلوا أول مرحلة فجعلوا يشربون بالرأس(الشريف) فبينما هم كذلك اذ خرجت اليهم من الحائط يد معها قلم من حديد فكتبت سطرا بدم :
أترجو أمة قتلت حسينا ===== شفاعة جده يوم الحساب
فهربوا وتركوا الرأس..
ومما ظهر يوم قتله (الامام الحسين)...ان السماء احمرت لقتله وانكسفت الشمس حتى بدت الكواكب نصف النهار وظن الناس بأن القيامة قد قامت ولم يرفع حجر في الشام الا رؤي تحته دم عبيط..ونقل ابن الجوزي عن ابن سيرين ان الدنيا أظلمت ثلاثة أيام ثم ظهرت الحمرة في السماء....
وذكر الكثير من المعجزات التي حدثت بعد استشهاد الامام الحسين (عليه السلام )..
والآن نذكر ما غاب عن ابن حجر الهيتمي من كفر يزيد والتي تعمد تغطيتها وعدم ذكرها:
لم يكمل ابن حجر الابيات التي انشدها يزيد في مجلس كبار اليهود والنصارى وهي اشعار ابن الزعبرى من كتب السنة :
ليت أشياخي ببدر شهدوا ===== جزع الخزرج من وقع الاسل
( لأهلوا واستهلوا فرحا ======== ثم قالوا : يا يزيد لا تشل )
قد قتلنا القرم من ساداتهم ========= وعدلناه ببدر فاعتدل
لعبت هاشم بالملك فلا ======= خبر جاء ولا وحي نزل
لست من خندف ان لم انتقم ===== من بني أحمد ما كان فعل
( قد أخذنا من علي ثأرنا ===== وقتلنا الفارس الليث البطل )
الابيات بين الاقواس ليزيد نفسه ... ومن أبياته الالحادية انشدها لما جاؤوا بأهل البيت الى الشام سبايا كان يزيد جالسا في قصره مشرفا على محلة جيرون :
لما بدت تلك الرؤوس وأشرقت ===== تلك الشموس على ربى جيرون
نعب الغراب فقلت : نح أو لاتنح ===== فلقد قضيت من النبي ديوني
(سبط ابن الجوزي في كتابه التذكرة ص 148 )
وعنده ابيات كثيرة في ديوانه تدل على كفره لعنه الله نختار منها :
شميسة كرم برجها قعر دنها ======= فمشرقها الساقي ومغربها فمي
فان حرمت يوما على دين أحمد ==== فخذها على دين المسيح ابن مريم
وقبل أن نرحل نقرأ ما رواه ابن حجر في كتاب الصواعق ص199 :
ولما فعل يزيد برأس الحسين ما مر كان عنده رسول قيصر فقال متعجبا : ان عندنا في بعض الجزائر في دير حافر حمار عيسى فنحن نحج اليه كل عام من الاقطار وننذر النذور ونعظمه كما تعظمون كعبتكم فأشهد أنكم على باطل.
وقال ذمي آخر: بيني وبين داود سبعون أبا وان اليهود تعظمني وتحترمني وأنتم قتلتم ابن نبيكم..
ولما كانت الحرس على الرأس كلما نزلوا منزلا وضعوه على رمح وحرسوه فرآه راهب في دير فسأل عنه فعرفوه به فقال : بئس القوم أنتم هل لكم في عشرة آلاف دينار ويبيت الرأس عندي هذه الليلة قالوا نعم ، فأخذه وغسله وطيبه ووضعه على فخذه الى عنان السماء وقعد يبكي الى الصبح ثم أسلم لأنه رأى نورا ساطعا من الرأس الى السماء ، ثم خرج عن الدير وما فيه وصار يخدم أهل البيت..
وكان مع أولئك الحرس دنانير أخذوها من عسكر الحسين ففتحوا أكياسها ليتقاسموها فرأوها خزفا وعلى أحد جانبي كل منها
( ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون )
وعلى الآخر ( وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون )
نعم .. كل هذا نقله لنا ابن حجر ودافع دفاع المستميت عن يزيد ولا يكفره ولا يسبه وهو يروي ويعلم بان الامام الحسين (عليه السلام ) على حق.وفوق هذا كله فان علماء أهل السنة آنذاك منعوا اقامة عزاء الامام الحسين ( عليه السلام ) لأنها تولد الطائفية والبغضاء حسب ما نقله ابن حجر في كتابه.... ( صم بكم عمي فهم لايفقهون )
لا يسعني ان أقول سوى
(( لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم ))
وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين