ان محبة السيدة زينب (عليها السلام) ومودتها، كمحبة أخيها الإمام الحسين (عليه السلام) ومودته، من أعظم الطاعات والعبادات، ومن افضل القربات الى الله تعالى، كيف لا، وقد بلغت في محبة الله وكذلك في محبة أخيها الإمام الحسين (عليه السلام) مقاما رفيعا لا يمكن لأحد تصوره.
فان فاطمة الزهراء ( صلوات الله عليها ) ورّثت ابنتها الوفية:
السيدة زينب ابنة علي أمير المؤمنين (عليه السلام)
كل خصالها الخيرة، وجميع صفاتها الحميدة، والتي على رأسها الحفاظ على حدود الله تعالى وحرماته، وصون كرامة رسول الله المصطفى وأهل بيته.
وعلمتها كيف تقف امام المعتدين وتندد بهم وتشجب أعمالهم، وتحاججهم بكتاب الله،
وتخاصمهم بالعقل والمنطق السليم.
وأوصتها بأن تجود بالبذل والعطاء فيما لو استدعى وقوفها بوجه المعتدين الى الفداء والتضحية، حتى ولو كان بالنفس، بل واصعب منه وهو السبي والأسر
لأن السبي والأسر أمرّ من الموت والقتل على الإنسان الغيور.
وكذلك فعلت السيدة زينب (عليها السلام) فقد عملت بوصية امها كاملة، وطبقتها حرفيا، وأقرت عين أمها بمواقفها الشجاعة، وحافظت بقيمة أسرها وسبيها على حدود الله وحرماته
وصانت قدسية جدها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وكرامة أهل بيته (عليهم السلام)
من اكاذيب وتهم بني أمية و افتراءاتهم.
ومضت السيدة زينب لربها قبل ان ترى ثمرات جهادها المضني ، و ثمرات دماء الشهداء من اهل بيتها .. ولكن متى كان عباد الله يجاهدون من اجل انفسهم ؟
لقد كانت مولاتنا زينب زلزالآ دمر مشاريع واحلام بني امية الواهية فبعد وفاتها بستة اشهر
.
ثارت المدينة المنورة بقيادة ابن غسيل الملائكة عبد الله بن حنظلة ، وبالرغم من ان يزيد استطاع اخماد الثورة بقسوة بالغة حيث اباح المدينة لقائده الزنيم الذي سمى بحق مسرفا بعد ان كان اسمه مسلم بن عقبة الا ان حصيلته من تلك الوقعة التي سميت بوقعة الحرة لم تكن سوى المزيد من الافتضاح واللعن ..
حيث ان عدوه عبد الله بن الزبير قويت شوكته ، لان يزيد امر بعد تلك الواقعة التي كانت في نهاية العام (62) للهجرة بوضع المنجنيق ورمي الكعبة بالحجارة لاخراج ابن الزبير منها ، ففشلت حملته التي وقعت في السنة (63) للهجرة ،
وهلك يزيد وغاص البيت الاموي في غمرات المشاكل .
لقد مضت الصديقة زينب الى ربها بعد ان زرعت في الكوفة ايضا بذور المعارضة ،
فلم تمر الا بضع سنوات حتى اخضرت واينعت
فاذا بانتفاضة التوابين بعد حوالي خمس سنوات من مقتل السبط الشهيد ، والتي كانت بقيادة الصحابي الجليل سليمان بن صرد الخزاعي والذي القى خطابا الهب حماس الجماهير فقال فيما قال :
اما بعد فقد ابتلينا بطول العمر والتعرض لانواع الفتن فنرغب الى ربنا الا يجعلنا ممن يقول له غدا " اولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر " ( فاطر / 37)
فان امير المؤمنين عليا قال : العمر الذي اعذر الله فيه الى ابن آدم ستون سنة وليس فينا رجل الا وقد بلغه .
ثم اضاف : فما عذرنا عند ربنا وعند لقاء نبينا وقد قتل فينا ولد حبيبه وذريته ونسله . لا والله ، لا عذر دون ان تقتلوا قاتله والموالين عليه او تقتلوا في طلب ذلك .
كلمة
يا لثارات الحسين
اصبحت شعار كل ثائر ، وهكذا نسمع هذا الشعار في ازقة الكوفة ابتداء من السنة (65) للهجرة ، واذا بالالوف من الشيعة يخرجون من الكوفة الى كربلاء حيث يستغفرون الله عند مزار ابي عبد الله الحسين عليه السلام ثم يتوجهون الى الشام للانتقام من دم الشهيد .
وكانت تلك الحملة الفدائية شبيهة في كثير من الوجوه لذات الواقعة التي شهدتها كربلاء في يوم عاشوراء ، لا تهدف الانتصار بل الشهادة دفاعا عن الحق ، واستشهد الصحابي الجليل سليمان بن صرد وثلة من الفقهاء والقراء الصالحين ، وجرت دمائهم الزاكية في ذات القناة التي جرت فيها دماء شهداء الطف حيث روت شجرة الاسلام ، واحيت الضمائر ، واثارت الهمم ، وكانت مقدمة لثورة اخرى اعقبتها
بقيادة المختار الثقفي
، والتي استهدفت قتلة الحسين سلام الله عليه واستأصلتهم وبعثت برؤوسهم الى المدينة عند الامام زين العابدين عليه السلام .
وتلاحقت الثورات واصبحت راية السبط الشهيد المصبوغة بالدم الثائر ، والتي رفعتها السيدة زينب اصبحت مرفوعة خفاقة تنضوي تحتها النفوس الابية ولا تزال .
تلك كانت من ثمرات جهاد الصديقة زينب .
فعلينا الأقتداء بسيرة مولاتنا زينب صلوات الله عليها في حياتنا رجالا ونساء بشكل عام
وكنساء بشكل خاص علينا ان نحاسب انفسنا وبأنصاف ما دمنا اخترنا ان نقتدي بالأباء الزينبي ونكون صادقات مع انفسنا في تفعيل لقب :
زينبية . . . .
فسلام الله على مولاتنا زبنب وعلى جدها وابيها وامها واخويها . .