|
عضو برونزي
|
رقم العضوية : 53658
|
الإنتساب : Aug 2010
|
المشاركات : 592
|
بمعدل : 0.11 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
المنتدى الفقهي
حرمة مس كتابة المصحف للمحْدِث
بتاريخ : 25-05-2013 الساعة : 11:22 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
-------------
حرمة مس كتابة المصحف للمحْدِث
من المسائل الابتلائية حرمة مس كتابة المصحف لغير المتطهر ، قد تكون المسألة معلومة إجمالاً الا أن تفاصيلها وجزئياتها ليست كذلك فأحببت التعرض لها نفعاً للمؤمنين أعزهم الله تعالى
أصل المسألة أن المُحْدِث - سواء بالحدث الأصغر أو الأكبر - يحرم عليه مس كتابة المصحف ، ويلحق بها أسماء الله تعالى وصفاته في غير المصحف ، هذا مجمل المسألة وتفصيلها يكون ضمن نقاط :
النقطة الأولى : المقصود من كتابة المصحف نفس كلمات القران وحروفه ، وفي المد والتشديد خلاف والمعروف حرمة مسهما أيضاً ، ولا يحرم مس ماعدا ذلك كورق المصحف الذي ليس عليه كتابة وما فيها من زخارف وكذا حركات الإعراب والبناء وأسماء السور وعلامات التجويد كما لا يحرم حمل المصحف ونقله من مكان الى آخر لغير المتطهر .
النقطة الثانية : لا فرق في الحرمة بين أن يكون القرآن مكتوباً بالعربية أو غيرها من اللغات ما دام يصدق عليه القرآنية ككتابة القرآن بالفارسي ، بخلاف ترجمته الى لغة أخرى فلا يصدق عليه قرآن بل هو ترجمة للقرآن فلا يحرم مسه حينئذٍ على غير المتطهر .
النقطة الثالثة : لا فرق بين أنواع الكتابة سواء كانت بالحبر أو الحفر أو التطريز أو غيرها من فنون وأساليب الكتابة ، وسواء كانت طباعة أو كتابة باليد ، فكل ما يصدق عليه أنه قرآن مكتوب يحرم مسه على غير المتطهر أياً كانت نوعية هذه الكتابة .
النقطة الرابعة : يحرم المس بكل جزء من أجزاء البدن حتى الداخلية منها كاللسان والأسنان وحتى الظفر ولا تختص الحرمة بالبشرة أو اليد ، واختلفوا في الشعر فقيل لا يحرم المس به وهو رأي السيد اليزدي والسيد محمد الصدر والسيد محمد سعيد الحكيم وغيرهم ، ومنهم من احتاط بعدم جواز المس به مطلقاً كالشيخ الفياض وغيره ، وقال السيد الخوئي والسيد السيستاني وغيرهما بالتفصيل بين ما إذا كان الشعر تابعاً للبشرة كالشعر القصير بحيث يصدق عند ملامسته لكتابة المصحف أن صاحبه مس كتابة المصحف فيحرم المس به وبين ما إذا كان الشعر غير تابع للبشرة كما إذا كان طويلاً وحصلت المماسة بأطرافه فلا حرمة في مماسته للمصحف حينئذٍ .
النقطة الخامسة : تشمل الحرمة السور والآيات المكتوبة في غير المصحف من الكتب وغيرها فيحرم مسها ، فما يوجد من القرآن في مختلف الكتب ككتب الأدعية والتفسير والحديث وغيرها من الكتب الدينية وغير الدينية يحرم مسه على غير المتطهر ، بل لو كتبت كلمة واحدة من القران في أي مكان حرم مسها لغير المتطهر ، فكل ما يصدق عليه أنه قرآن وكتابة لآياته وكلماته يحرم مسه على غير المتطهر سواء كان في المصاحف الورقية المتعارفة أو لا كالنقش على الأبواب والجدران وغيرهما ومن ذلك الآيات المنقوشة على الحُلي كالقلادة أو الخاتم فلا يحرم لبسها على غير المتطهر لكن يحرم أن تكون مماسة للبدن ولو علم أن المماسة ستحصل قطعاً لم يجز لبسها ، قال السيد اليزدي ( لا فرق بين ما كان في القرآن أو في كتاب ، بل لو وجدت كلمة من القرآن في كاغد أو نصف الكلمة ، كما إذا قص من ورق القرآن أو الكتاب ، يحرم مسها أيضا ) (1) .
وفي هذه النقطة خلاف فهذا هو المعروف ولو احتياطاً لكن خص بعض الفقهاء الحرمة بمس كتابة المصحف دونما إذا كتبت بعض آياته في غير المصحف كالسيد محمد الصدر الا على نحو الاحتياط الاستحبابي ، وهو رأي السيد الشهيد قدس سره أيضاً قال ( وإذا لم تكن الكلمة القرآنية أو الآية في المصحف بل كانت بكتاب أو برسالة أو بطاقة تهنئة أو ورقة تعزية أو نقش خاتم فيجوز للمحدث ان يمسها ) (2) .
النقطة السادسة : تختص الحرمة بالمكلف وهو البالغ العاقل ولا يحرم مس كتابة المصحف على غير البالغ ولا على المجنون ، فلا يجب منع الأطفال عن مس كتابة القرآن باعتبار عدم طهارتهم الا أن يكون في مسهم هتكاً للمصحف فيجب منعهم من هذه الجهة .
النقطة السابعة : يلحق بمس كتابة القرآن الكريم في الحرمة على غير المتطهر مسُّ لفظ الجلالة وسائر أسمائه وصفاته تعالى ، فحيث ما وجد أحد أسمائه وصفاته تعالى مكتوباً مثل ( الله ، الرحمن ، الرحيم ، الخالق ... ) وغيرها لم يجز لغير المتطهر مسها على الأحوط وجوباً سواء كانت في كتاب أو أي شي آخر ، هذا هو المعروف ، وذهب بعض الفقهاء الى الاحتياط الاستحبابي في عدم مسها لأن الحرمة تختص بمس كتابة المصحف فقط وهو رأي الشهيدين الصدرين قدس سرهما كما تقدم في النقطة الخامسة ، فما لم تكن أسماؤه وصفاته تعالى مكتوبة في المصحف فلا حرمة في مسها لغير المتطهر وإن كان الأحوط استحباباً عدم مسه لها .
وبناءً على القول المعروف بعدم الجواز لا فرق في الحرمة بين أن يكون لفظ الجلالة مفرداً أو جزءاً من اسم مركب مثل اسم ( عبد الله ) ، نعم لا تشمل الحرمة ما إذا لم يكتب لفظ الجلالة بتمامه بل كتب بعضه كما جرت العادة أن يكتب هكذا ( ا... ) فيجوز مسه حينئذٍ لعدم صدق لفظ الجلالة على المكتوب .
النقطة الثامنة / أما أسماء الأنبياء والأئمة وسيدة النساء صلوات الله عليهم أجمعين ، فلا حرمة في مسها للمحدث الا على نحو الأولوية والاحتياط الاستحبابي كما هو الرأي المعروف خلافاً لقليل من الفقهاء كالسيدين الخميني والكلبايكاني حيث استشكلا في الجواز واحتاطا وجوباً بإلحاقها بكتابة القرآن وأسماء الله تعالى وصفاته في عدم جواز مسها (3) ، نعم يجب الالتفات الى أن بعض الكنى لهم عليهم السلام مشتملة على لفظ الجلالة مثل أبو عبد الله فلا يجوز مسه لغير المتطهر حينئذٍ بناء على الرأي المعروف من شمول الحرمة للفظ الجلالة .
النقطة التاسعة : لا يحرم كتابة غير المتطهر لآيات القرآن الكريم وأسماء الله تعالى وصفاته ما دام لا يلزم من كتابتها مس المكتوب كما إذا كتب بالقلم ، وإنما المحرم مسها بالبدن بعد كتابتها . ولو كتب المحدث آية مثلاً بإصبعه سواء بمداد أو طلاء ونحوهما أو بدون ذلك كما إذا كتب على الأرض بحيث يظهر للكتابة أثر ففيه خلاف ذهب السيد الخوئي والأكثر الى الحرمة ولو احتياطاً (4) خلافاً للسيد اليزدي فاختار عدم الحرمة ويظهر من السيد السيستاني موافقته له (5) ، كما لاحرمة عند من يخص الحرمة بمس كتابة المصحف دون غيرها .
النقطة العاشرة : لا يحرم المس من وراء حاجب كما لو كان ورق المصحف مغلفاً بشيء شفاف كالنايلون مثلاً ، ومن ذلك المصاحف الألكترونية في أجهزة النقّالات والحواسيب ونحوها ، فلا حرمة في مس هذه الأجهزة العارضة للمصحف لأن المس حقيقة للشاشة العارضة لكتابة المصحف لا لنفس الكتابة .
النقطة الحادية العشرة : بناء على الرأي المعروف من عدم اختصاص حرمة مس المحدث بكتابة المصحف وشمولها لمطلق كتابة القرآن ولو في غير المصحف تقدم أنه لو كتبت آية بل كلمة من القرآن في أي مكان حرم مسها على المحدث ، فإن اشتبه علينا كلام أنه قرآن أو لا كما في الألفاظ المشتركة بين القرآن وغيره قال الفقهاء فحينئذٍ يعتبر فيها بقصد الكاتب فإن كان يقصد القرآنية حرم المس والا لم يحرم ، مثلاً لو وجدنا في كتابٍ جملة ( ولا تفسدوا في الأرض ) فإن كان الكاتب يقصد بذلك ذكر الآية القرآنية (6) والاستشهاد بها حرم مس تلك الجملة على المحدث وإن لم يكن يقصد ذلك بل كانت جملة إنشائية منه يقصد بها الوعظ مثلاً لم يحرم مسها ، ويعلم ذلك من خلال القرائن المحتفة بالكلام كما إذا قال ( قال تعالى ) ونحو ذلك ، ومع الشك في قصد الكاتب يجوز المس ولا حرمة ، هذا هو المعروف بين الفقهاء وللسيد السيستاني وغيره تفصيل هنا حاصله أن المناط والاعتبار ليس بقصد الكاتب بل بصدق القرآن على المكتوب عرفاً فإذا صدق على المكتوب أنه قرآن حرم مسه وإن لم يقصد الكاتب القرآنية وإن لم يصدق عليه أنه قرآن لم يحرم مسه وإن كان الكاتب قد قصد القرآنية (7) .
النقطة الثانية عشرة / هل يحرم مس أسماء الله والآيات والسور الموجودة على العملات النقدية ؟
الجواب / بناء على رأي السيدين الصدرين فلا إشكال في الجواز لأن الحرمة عندهما مختصة بمس كتابة المصحف دون غيره ، أما بناء على الرأي المعروف من عدم اختصاص الحرمة بالمصحف وشمولها لما يكتب من القرآن في غير المصحف ولأسماء الله تعالى وصفاته فالمسألة محل خلاف ذهب بعض الفقهاء الى الجواز أي جواز مس ما يكتب على العملات من آيات أو أسماء الله تعالى وصفاته لوجود بعض الروايات المجوزة (8) مضافاً الى لزوم العسر والحرج بحرمة مسها لكثرة مباشرتها والتعامل بها ، فيما أفتى بالحرمة آخرون وأن الكتابة على العملات غير مستثنى من الحكم بالحرمة ، واحتاط بعض الفقهاء في المسألة بعدم جواز المس على الأحوط لزوماً كالسيد السيستاني ، وحينئذ مقلدوه بالخيار بين الالتزام بالاحتياط اللزومي أو الرجوع الى فقيه آخر يجيز مس ما على العملات النقدية من دون وضوء كالسيد محمد سعيد الحكيم (9) .
النقطة الثالثة عشرة / هل يجوز الوشم على الجسد بشيء من القرآن الكريم أو أسماء الله تعالى ؟ فإن الإنسان في كثير من الأحيان يكون محدثاً وبالتالي وجود الوشم المشتمل على ذلك على جسده هل يعتبر من المس المحرم ؟
الجواب / بناء على رأي الشهيدين الصدرين رحمهما الله تعالى من اختصاص حرمة المس بكتابة المصحف فلا إشكال في الجواز ، وإنما الكلام بناء على الرأي المعروف بشمول الحرمة لمطلق كتابة القرآن ولو في غير المصحف ولأسماء الله تعالى وصفاته ، وهنا رأيان :
الرأي الأول / لا يجوز الوشم على جسد المحدث بشيء من القرآن أو ما فيه أسماء الله تعالى وصفاته ، ولو فعل وجب إزالة تلك الكتابة فوراً مع الإمكان ومع عدم إمكان الإزالة يجب المحافظة على الطهارة دائماً قدر الإمكان ، ذهب الى هذا الرأي بعض الفقهاء ولو احتياطاً كالسيد الكلبايكاني (10) .
الرأي الثاني / يجوز الوشم ولا تجب الإزالة وذلك لاتحاد الماس والممسوس وعدم صدق المس حينئذٍ وهو الرأي المعروف بين الفقهاءكما تدل عليه جملة من الاستفتاءات في هذا الصدد ، نعم لا يجوز مسه بجزء آخر من البدن حال الحدث فلو وشم إحدى يديه بلفظ الجلالة لم يجز وضع يده الأخرى عليه حال الحدث .
مسألة / لا يجب الوضوء لقراءة القرآن بل هو مستحب ، فيجوز القراءة في المصحف من دون وضوء ما لم يمس كتابة المصحف فإنه محرم كما تقدم .
.
والحمد لله رب العالمين
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
.
---------------
(1) العروة الوثقى 1 / 355 .
(2) الفتاوى الواضحة / 100 .
(3) تحرير الوسيلة للسيد الخميني ج1 ص 32 . ولاحظ هداية العباد للسيد الكلبايكاني ج1 مسألة 148 .
(4) لاحظ العروة الوثقى للسيد اليزدي مع تعليقات الفقهاء 1 / 357 ، وغيرها من التعليقات والشروح على كتاب العروة .
(5) لاحظ تعليقة على العروة الوثقى / السيد السيستاني ج1 ص147 .
(6) الآية 56 من سورة الأعراف وهي قوله تعالى ( وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ) .
(7) منهاج الصالحين / السيد السيستاني ج1 مسألة 165 .
(8) وسائل الشيعة ج1 ص491 .
(9) حواريات فقهية / السيد محمد سعيد الحكيم : 66 .
(10) إرشاد السائل ص 183 / س 665 .
|
|
|
|
|