نصوص في التوراة والإنجيل تبشّر بظهور قائم آل محمّد
بتاريخ : 14-05-2013 الساعة : 11:08 PM
بحث لسماحة الشيخ حسين انصاريان
تعتبر كلُّ الشرائع والرسالات السماوية عبارة عن حلقات متكاملة تصل بعضها بعضاً لتشكّل سلسلة الإيمان بالله الواحد الأحد . فما من شريعة إلاّ ومهّدت للتي تليها ، وما من نبي أو ولي إلاّ وبشّر بمن يليه ؛ باعتبار أنّ (خلافة الله) في الأرض لا تنقطع ؛ لئلاّ يزيغ الناس عن الحق ؛ ولذا فلا بدّ في كلِّ زمان من حجة على الخلق يكون ترجماناً لوحي الله تعالى وتعاليمه .
ونظراً لما للإسلام من خصوصية بكونه خاتمة الشرائع والأديان , والرسالة العالمية الأكمل ، فإنّ كلَّ الأنبياء السابقين وأوصيائهم (عليهم السّلام) كانوا قد قاموا بعملية تهيئة مستمرة للبشرية ؛ لتقبّل واستيعاب الرسالة الخاتمة التي ستنسخ كل ما سبقها ؛ ومن هنا كانت حصة الإسلام ورسوله الأعظم وأهل بيته (عليهم الصلاة والسّلام) من الإشارات والبشائر حصة الأسد ، منذ عهد آدم (عليه السّلام) وحتّى آخر أوصياء عيسى (عليه السّلام) .
ولا يخفى أنّ كلَّ هؤلاء الأنبياء والأولياء (عليهم السّلام) إنما كانت دعواتهم قائمة على ركائز ثلاث ؛ هي شهادة أن لا إله إلاّ الله , وأنّ محمّداً رسول الله , وأنّ علياً ولي الله كما صرّح به الرسول الأعظم (صلّى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السّلام) في أكثر من موضع .
ويشهد له القرآن الكريم أيضاً كما في قصة آدم (عليه السّلام) ؛ إذ يقول الله تعالى : (وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاَء إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ) ؛ إذ إنّ الأئمة (عليهم السّلام) فسّروا المراد بهذه الأسماء بأنها كانت أسماء النبي وأهل بيته (عليهم السّلام) التي لا بدّ لكلِّ نبي من معرفتها , والاعتقاد بولاية أصحابها حتّى تتكامل له صفات النبوة .
والمدقّق في النص القرآني يلاحظ أنّ هذه الأسماء لها دلالة تعقّلية , بمعنى أنها لأشخاص ؛ ولذا قال : (عَرَضَهُم) ولم يقل : (عرضها) , فلو كانت الأسماء ذات معنى مجرّد لاستخدم الضمير الأخير لا الأول كما تقتضي اللغة .
ويؤيّد ذلك أنه جيء (بِأَسْمَاءِ هَؤُلاَء) , وهو ما يعني أنها كانت تخص أشخاصاً محدقين بالعرش ، وليس أحد محدقاً بالعرش سوى آل محمّد (عليهم الصلاة والسّلام) ؛ لذا فلا شكّ بأن كلَّ نبيٍّ ووصي وصاحب رسالة سماوية كان قد بشّر بظهور نبي الإسلام والأئمة من بعده (عليهم السّلام) .
وقد سبق لـ (مجلة المنبر) أن نشرت في عددها الأوّل قصة راهب مسيحي تمكّن من انتزاع اعتراف من بابا الفاتيكان بأنّ الإسلام هو الدين الحق الناسخ للمسيحيّة ، وأنّ كلمة (فارقليطا) الواردة في الإنجيل تعني (أحمد ومحمّد) ؛ وهو الأمر الذي دفع ذلك الراهب إلى ترك دينه واعتناق الإسلام .
ويبدو مناسباً ـ قبل الولوج في تفصيل البحث ـ الإشارة إلى أنّ أسقف نجران الذي كان معاصراً لرسول الله (صلّى الله عليه وآله) لمّا رآه [هو] وعلياً وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السّلام) كان قد عرفهم بسيماهم وصفاتهم ؛ نظراً لما كان قد اطّلع عليه من بشارات وردت بحقهم في التوراة والإنجيل وبقية أسفار أهل الكتاب المقدّسة عندهم .
إلاّ أنّ التحريف الذي وقع في الكتب المقدّسة غيّر كثيراً من معالم النصوص التي تتحدث عن أهل البيت (عليهم الصلاة والسّلام) , والتي كان الأنبياء السابقون يتلونها على اُممهم . ومع هذا يمكن للباحث المدقق أن يعيد قراءة تلك النصوص ؛ ليكتشف كثيراً من المؤشرات واضحة الدلالة إليهم (عليهم السّلام) .
من تلك النصوص ما جاء في المزمور 72 من مزامير النبي داود (عليه السّلام) التي وردت في الكتاب المقدّس ، والتي تشير إلى منقذ سيصلح هذا العالم , ويقيم دولة العدل والقسط , ويخلّص البشرية من نير الظلم والجور . وهذا المنقذ ـ كما في المزمور ـ هو ابن صاحب شريعة عالمية ستسود على هذه الأرض في آخر الزمان .
يتبع