مدخل:
في ظل مُعترك المبادئ، وصراع التّيارات، والتّدفّق السّريع للرّؤى المتنافرة والنّظريات المتنافية برز على المشهد الدّيني في الآونة الأخيرة تيار داخل صفوف البيت الشّيعي يناسب تسميته بـ(التيّار التّغريبي)، ومهّمة هذا التّيار وأتباعه هو تفتيت الهويّة الشّيعيّة من خلال تقويض بنيان المذهب، والتّطلع لإيجاد مذهب جديد ليس له نصيب من مرتكزات المذهب الأصيل وأصوله ومخزونه الايديولوجي سوى اسمه وعنوانه! ؛ يقوم على أساس التّبعيّة المفرطة لخطوط الانحراف بمراتبها المختلفة التي تقود العالم، والارتماء بين أحضانها بحثاً عن مكانة في سُلّم القِيَم الذي صنعه خطّ الانحراف ونجح في بسط هيمنته الثقافيّة والفكريّة على مساحة واسعة من العالم الإسلامي!
هذا التّيار يدفع باتجاه انسلاخ المؤمنين عن هوياتهم، واستلاب موروثاتهم الدّينية وغيرها؛ لتصنع منهم مسوخاً تعيش صورة بشعة من الهزيمة النّفسيّة، والانحلال الانتمائي، إمّا من خلال العبث بالمفاهيم، ومحاولة إعادة صياغتها وتشويهها وفقاً لما تتطلبه مصالحهم وطموحاتهم الشّخصيّة، أو من خلال إيجاد مفاهيم جديدة مبتدعة لتحل محلّ كل ما هو أصيل في ثقافتهم؛ وما يُصاحب ذلك مما يأتي في سياق المساعي التي تنادي بالاندماج الثقافي –إلى حدّ الانصهار- في ثقافات أجنبيّة عن مكتسبات الأصالة الدّينيّة والأطروحة الإلهيّة، والذي يتطلّب –بطبيعته- تفكيك الهويّة بداعي تكوين شخصيّة قلقة هشّة مضمحلّة للأمّة تلائم شروط الخضوع لهذا الاندماج.
وينفّذ هذا المشروع عَبْر عدة مسارات وآليات يُمكن عنونتها بعنوان جامع وهو: (ممارسة الدّجل الفكري!) الذي يستهدف منطقة الفكر ليزعزعها ثم يحطّمها باسمالحداثة) و(التّمدن) و(تثوير فاعليّة العقل)، و(التجديد)، و(الإصلاح)، و(الحرّيّة)، و(النّسبيّة)، و(البلوراليسم=التعدّدية)، و(الهرمنيوطيقا)؛ لينتج لنا مُعطى وحيداً وهو: (الوعي المأزوم!).
ولعل أبرز ما يتّكأ عليه هذا التّيار هو محاولة إقصاء المؤسّسة الدّينيّة الرّسميّة (الحوزة العلميّة) وتنحيتها، أو على الأقل تقليص أدوارها ووظائفها خلال عدة آليات تعرّضنا لبيانها في بحث سابق منشور.[1]
هذا، وتتنوع السياسات التي يعتمدها هذا التّيار أو المشروع، ومنها: محاولة القضاء على الموروث الرّوائي الذي هو المسؤول الأوّل عن تشكيل ملامح المذهب وأتباعه، وتتوزّع هذه المحاولة على عدة اتجاهات، منها: محاصرة النّص واحتوائه من خلال العبث بمدلوله، أو من خلال إزاحته وإلغائه برمّته.
ويأتي في طليعة النّماذج التي تقود أحد مشاريع هذا (التّيار التّغريبي) : المدعو بـ(السيّد أحمد القبانچي)، وتجربته المثيرة للجدل، حيث عُرف بطروحاته غير النّمطيّة، وتشغيباته ومعاركه وسجاليّاته المصطنعة مع المؤسّسة الدّينيّة، وتعدّيه السّافر على مرتكزات المذهب بل اقتحامه لمسلّمات الدّين أيضاً، مع أنّ المطّلع لكتاباته يجدها رُكاماً من الشُّبهات لا تتجاوز التّرجمة والنّقل غالباً؛ نتيجة كونه مفتوناً بالبحث عن ذاته وإثباتها في كل ما يثير الجدل، ويسرق الأضواء، ويضع صاحبه موضع حديث النّاس، ويمنحه جواز الرّيادة في عالم الحداثة والتّحضّر الزّائف!، وإنْ كان ذلك يستدعي منه القفز على العقل باسم العقل! ، وتحطيم الأصيل الثّابت باسم الصّحيح المُعَقْلن!
قراءة إجمالية في طُروحات القبانچي على ضوء كتاب (تهذيب أحاديث الشيعة):
من خلال قراءة تحليليّة لخطاب القبانچي في كتابه (تهذيب أحاديث الشيعة) يمكن رصد أبرز السّمات التي يتضمّنها، ويمكن إجمالها عَبْر الآتي[2]:
أولاً: غياب المنهج والرّؤية العلميّة، إذْ يعتمد على آلية (التّرقيع والالتقاط) في بناء خطابه.
استهلك القبانچي آليّة انتقائيّة مُركّبة من ثنائيّة (التّرقيع والالتقاط) في عموم خطابه ومعالجاته، سواء على مستوى ما طرحه في هذا الكتاب، أو ما هو أعمّ منه، فمثلاً يؤصّل القبانچي في مقدّمة كتابه لهذا المنهج بقوله: (وقد وجدت أن الطريق الأقصر والأيسر هو تصنيف كتاب يتولى تهذيب أحاديث الشيعة من الأباطيل والأكاذيب الواردة في مصادر الروايات الشيعية، ووجدت أن بعض علماء وفضلاء الحوزة العلمية في إيران قد تناولوا هذه المصادر بالنقد والتهذيب وبذلوا جهودا مشكورة في هذا السبيل، فقررت ترجمة ما وقع في يدي من كتبهم ومقالاتهم).[3]
هكذا من غير تمييز أو فرز للمناهج والأطُر البحثيّة التي على أساسها تشكّلت حركة ومقولات أصحابها -الذين استعار منهم واقتبس عنهم-، وإهمال تقييمها، أو إعادة قراءتها قراءة نقديّة لضمان فاعليّتها الإجرائية وكفاءتها لبناء المشروع المزمع، بل ولا يكاد ينقضي العجب من إغفاله حتى للإشارة إلى مناهجها المُعتمدة، فيبدو أنّ وحدة غرضها كان مسوّغاً كافياً لديه لاعتمادها وابداء الشّكر لجهود أصحابها!
هكذا فقط! يبيح لنفسه استحضار المُنْجَز الفكري للآخرين وفق آليّة الالتقاط والتّجزيء، ثم الجمع والتّرقيع، متأرجحاً بين كتابةٍ هنا ونقدٍ هناك! ، دون أنْ يقدّم عرضاً لرؤية ناضجة قائمة على أساس علمي محُكم ومتين، تليق بسعة عنوان مشروعه الضخم! (تهذيب أحاديث الشّيعة) ، فلم يتطرّق القبانچي إلى المنهج أو المبنى الذي يعتمده هو شخصيّاً ويبني على أساسه نقده وتهذيبه المزعوم، مع أنّ هكذا أمر يُعدُّ من أوّليّات أدبيّات البحث العلمي، فنظراً لكونه يفتقد هكذا منهج، ويعجز عن تنفيذ الأدوات العلميّة والبحثيّة، فقد عمد إلى التقاط كتابات من هنا وهناك، ليصيغها في قالب مشروعه (النّهضوي!) و(التّطهيري!) لأحاديث الشّيعة!
لذا يتعذّر على المُتابع استجلاء طبيعة الضّابطة التي يعتمدها القبانچي ويوظّفها في طُروحاته، ليس لكونها متوارية بطبيعتها، بل لانتفائها أصلاً!
ولا يخفى أنّ تجنّب البحث الموضوعي بشأن الضّابطة جاء لصالح ما تفرضه طبيعة الرّؤية التّكيفيّة أو التّرقيعيّة التي تمنح القبانچي القدرة على تفصيل المذهب وفق المقاس الذي يريده، ووضعه في الموقع الذي يراه مناسباً في خارطة طريق المؤمنين، وبما لا يتجاوز أفق مُعطى الفهم الذي يتوفّر عليه، ومقدار ما يغذّي مركّب الهاجس الذي يحمله إزاء التّعقّل والعقلنة! الذي يُشكّل شرطاً مُلحّاً لمعانقة الحداثة وإنْ استدعى ذلك تضاؤل عقل الإنسان إلى حدّ التّورط بمنزلق الإعاقة الفكريّة! ، أو الإصابة بداء العاهة العقليّة!
ثانياً: العبث بمضامين المفردات والالتفاف على مدلولاتها.
وهو عنصر بارز ومقوّم لخطاب القبانچي، فكثيراً ما يتترّس ببعض المفردات عبر تفريغها من مضامينها المفهوميّة، لتنسجم مع النَّسق البحثي الذي هو بصدده، ولترفده بالرّصيد الزّائف من المُبرّرات العلميّة، ولعل أكثر هذه المفردات نصيباً من عبثه هو مفردة (العقل)، و(النّص الموضوع)، و(الخرافة)، يقول في مقدّمة كتابه: (وهدفي من كتابة هذا الكتاب هو تحطيم هذا الصنم المهيمن على العقول والأفكار، وزحزحة العقل الإسلامي ليبتعد عن مواطن الخرافة والوهم، وكسر هذه القوالب الضيقة التي تؤطّر الذهنية المسلمة والمتمثلة بالنصوص الموضوعة التي وضعها الدّجالون والغلاة وأصحاب الفرق السياسية باسم النبي وأهل بيته الطاهرين لينفذوا من خلالها إلى أفكار المسلمين وعقائدهم السليمة وينفثوا فيها سمومهم وخرافاتهم).[4]
مما نجم عن ذلك تلكّؤه وتعثّره المتكرر في تحديد وتطبيق مصاديق مفهوم (العقل القطعي)، والذي يُفترض أنّه المنطلق الذي ينطلق منه القبانچي في تأسيس خطابه (النّقدي!)، أو (التّهذيبي!)، أو (التّطهيري!)، كما نجده لا يكاد يستقر على ضابطة في تصنيف النّص ضمن النّصوص الموضوعة المكذوبة أو النّصوص الصّحيحة الثّابتة! ؛ ولذا من اليسير جداً اكتشاف ظاهرة تمييع الضّابطة في بحثه وخطابه –كما أشرنا إلى ذلك فيما تقدّم- لتلتقي مع تصوّراته وانطباعاته الخاصّة في معالجة النّصوص، أو على الأقل ما يلتقي مع تصورات من لجأ إلى ترجمة نتاجهم الفكري، والذي يُفترض أنّه يتبنّاه بمستوى جعله يتجنّب حتى تقييم ومحاكمة البناء (الإبستمولوجي) المعرفي الذي يؤُسس لتلك الأطروحات كما سبقت الإشارة إليه.
وعلى ضوء تلك العشوائيّة غير المبرّرة يرتكز كتاب القبانچي على ترسيخ الدّعوة إلى تنقية التّراث أو تطهيره!، متجاوزاً حتى الحداثيين في دعواهم إلى إعادة قراءة النّصوص وفق محدّدات ذكروها في محلّها -بغية تطويع النّصوص لمعطيات الواقع، أو جعلها فضاءً لمعانٍ مزدحمة، لتتحول بذلك إلى وحدات هُلاميّة مرنة-، متبنّياً اتجاهاً تغريبيّاً مُضاعفاً وموغلاً بالانحراف وهو إلغاء النّصوص، ونزع قداستها، وهدرها! بدعوى أنّ هذا التّراث تصدّى لنقله حفنة من الكذّابين والغُلاة، فتحوّل إلى صنم أحال أفكار النّاس إلى سموم وخُرافات!
ثالثاً: التّحرّك من موقع الانفعال والموقف العدائي المُفرط من المؤسّسة الدّينية.
وملامح هذه السّمة قابلة للرّصد جداً في خطابه؛ مُطّردةً على امتداد كتبه أو ترجماته أو حتى محاضراته، وكُلّها تصبّ باتجاه اتهام المؤسّسة الدّينيّة بتكميم أفواه البحث العلمي!، وتكبيل أهل الحقيقة!، وتحطيم وتسفيه جهودهم العلميّة، واختزال وظيفتها بممارسة المصلحيّة المحضة!
ومن نماذج ذلك: كتابه هذا الذي بين أيدينا، حيث يقول في المقدّمة: (أصحاب الدكاكين والمصالح الذاتية من الاحبار ورجال اللاهوت الذين فرضوا أنفسهم شرطة على عقائد الناس وسفراء الله في خلقه حيث ارتبطت مصالحهم في التفكير الماضوي الذي يهيئ لهم سلطة دينية خفية على الناس، يجدون في عملية التغيير والإصلاح الديني تهديداً لمصالحهم وسلطتهم، فأي تحرك لعقلنة النصوص أو تثوير فاعلية العقل لدى الناس ليكشفوا الحقيقة بأنفسهم، يعني ابتعاد الناس عنهم وعن افكارهم الدينية الماضوية، ولهذا تقف هذه الحفنة من أصحاب المطامع أمام كل ما من شأنه النهوض بالواقع المتخلّف للمسلمين والصعود بالأمة في مدارج الرقي والتحضر).[5]
ويعمد إلى تُعميق منشأ المشكلة من خلال تجذيرها بقوله: (وأعلم يقينا أن قوى الانحراف ورجال اللاهوت في المؤسسة الدينية والحوزة العلمية المشغولين دوما بحراسة مصالحهم ومراكزهم من غضب الحقيقة سوف يتحركون بشدة ضد هذا الكتاب وصاحبه ويقومون بتحريض العامة واثارة الغبار في وجه الحقيقة الشاخصة).[6]
فالرّجل لا يدّخر جهداً في إبداء انزعاجه المفرط واستيائه المكثّف من المؤسّسة الدّينية وأتباعها، وكيل الاتهامات بالجملة، وابداء قلقه المتنامي من مواقفها إزاء مظاهر الانحراف في كل أبعاده!، إلى حدٍّ يُمكن تشخيص هذه الظّاهرة على أنّها بلغت مستوى (العُقدة!) المرضيّة لدى القبانچي، وستكون لنا وقفة مفصّلة مع ذلك إن شاء الله تعالى.
ويكفي للرّد على مسلكه هذا، هو الالتفات إلى الوجدان؛ إذْ لا يكاد يخفى على أصغر طالب علم في الحوزة العلميّة انفتاحها على البحث العلمي الحُر بشرط الالتزام بالضّوابط العلميّة، والتوفّر على الأهليّة والكفاءة لممارسة البحث والنّقد، وهذا ليس انحساراً في الرّؤية وقصوراً عن درك متطلبات الواقع، وتلبيتها، بل هو شرط عُقلائي تشترك فيه مؤسّسة الحوزة مع سائر المؤسّسات العلميّة على اختلاف مشاربها وحقولها، بعد أنْ كان الجميع يستهدف تقديم الأجوبة والحلول اللاّئقة للمشكلات الماثلة، والاستفهامات المُثارة، وحينئذ: لا معنى لاتهام الحوزة بحزمة الاتهامات التي وجّهها القبانچي ونظائره، ولا مجال للنيل منها بدعوى كون الحوزة تشغتل على أساس الدوغمائيّة، والأحاديّة، والجمود، والاستبداد.
رابعاً: اعتماد الأسلوب الخطابي غبر المُبرهن.
وغالباً ما تجده يسطّر كلامه بمعزل عن الدّليل والبرهان الذي يقتضيه مقام الإثبات أو النّفي، ومن ذلك تهجّمه المفرط والمتكرّر على المؤسّسة الدّينيّة، بلا إبراز دليل أو شاهد على مُدّعاه، وقد تقدّم جانب من ذلك، ولا بأس بنقل بعض كلماته بهذا الصّدد، قال في مقدّمة كتابه: (لقد تحول الموقف في رموز هذه الفئة إلى حالة طاغوتية تسعى لمحاربة كل فكر جديد وقهر كل حركة نحو التمدن والتعقل خوفاً على الامتيازات الاجتماعية والمادية التي اكتسبتها هذه الفئة من خلال عنصر التخلف الفكري الذي يعيشه العوام من الناس. وتحولت المؤسسة الدينية إلى عامل ركود على القديم، وحبوب إجهاض لكل نشاط فكري يهدف الى اصلاح الحالة المأساوية التي تمر بها الامة الاسلامية، أداة كبت لكل فكرة تطرح علامات استفهام أمام الفكر الديني السائد الذي تحول الى صنم من دون الله، فلا أحد يتجرأ على نقده ونقد هذه المؤسسة الدينية إلا ورُجم بأحجار الارتداد ورمي بتهمة المروق من الدين والعمالة للاجنبي وامثال ذلك).[7]
وعدم قدرة فهم القبانچي لوظيفة المؤسّسة الدّينية يكمن وراء كيله لاتهاماته وجرأته عليها في كل حين، ولنا بحثٌ مستقل في بلورة وظيفة المؤسسة الدّينيّة في هذه الجهة، سننشره قريباً إنْ شاء الله تعالى، وكيفما كان فإنّ الاتّهام المجرّد عن الشّاهد أو الدّليل غير مجدي عند العُقلاء، اللّهم إلاّ إذا كان القبانچي يخاطب غيرهم، فهذا شأنه، ولا معنى حينئذ لإدانته! ، وسيختصر علينا الطّريق!
دوافع كتابة الرّد:
هذه الأوراق معنيّة بالرّد والمناقشة لجانب من طُروحات القبانچي المكتوبة، ومما دفعنا لقراءة كتاباته قراءة نقديّة، وتعريتها، وبيان وما فيها، هو: التّكليف والمسؤوليّة الشّرعيّة التي تدعونا إلى التصدّي لأمثال هذه الطُروحات التي تستغرق في ممارسة الانحراف المُلمّع على مستوى من الحِرَفيّة في التّلبيس، والذي يصنع شروخاً وتصدّعات في جسد المذهب، تتّسع كلّما اتسعت دائرة المفتونين المتلقّفين الذين انطلت عليهم حيل وتنميقات هذا (التّيار التّغريبي) البغيض، فتحوّلت قناعاتهم إلى كتل مبعثرة من الشّبهات والإشكالات التي لا تكاد تستقر على شيء! ، سوى أنّها عبّأت أذهانهم وأربكت حركتهم، وعبثت ببوصلتهم، وقفزت على جميع المحاذير والمحظورات العقلية باسم العقل! ، وهي في نفس الوقت يُراد لها أنْ تتكفّل بإجهاض أي محاولة لبيان الحقّ والتّصدّي لأرباب هذا الفكر السّاقط والمُنظّرين له والمراهنين على بقائه واستمراره بديلاً عن خطّ الله الأصيل.
وعلى ضوء ذلك، سنقف مع ما اشتمل عليه كتاب القبانچي (تهذيب أحاديث الشيعة) وقفات نقديّة محكومة بالضوابط العلميّة؛ يتبيّن من خلالها زَيْف الدّعاوى التي يطلقها، وتُسهم في قياس حجم المساحة الشّاسعة التي تفصله عن الحقيقة، والله ولي التّوفيق.
إطلالة سريعة على مطالب كتاب (تهذيب أحاديث الشّيعة):
بعد مدخل الكتاب الذي عنونه القبانچي بـهمسة مع القارئ)، يشرع بالفصل الأوّل، الذي اشتمل على نقد كتب الحديث الشّيعيّة (أصول الكافي للشّيخ الكُليني (قده)، كتب الشّيخ الصّدوق (قده)، وسائل الشّيعة للشّيخ الحرّ العاملي (قده)، بحار الأنوار للعلاّمة المجلسي (قده)، مقدّما قبل ذلك ببحث حول الأخبار التي تدل على جعل (وضع) الأحاديث.
ويتلوه الفصل الثّاني الذي أفرده لنقد أحاديث التّفسير وكتب الدّعاء والزّيارة.
ثم يشرع بالفصل الثّالث بعنوان: دراسات في نقد الحديث، واشتمل على ثلاث مقالات تخدم موضوع الكتاب خدمة غير مرتّبة!
وأخيراً ألحق كل ذلك بالفصل الرّابع الذي لخّص فيه كتاب (الموضوعات في الأخبار والآثار) للسيّد هاشم معروف الحسيني.
هذا وصرّح القبانچي كما وافاك في هذه المقدّمة أنّه قام بالاستعانة بأبحاث غيره في هذا الصّدد، وقام بترجمتها، قال:
(أمّا الكتب الأخرى التي قمت بترجمة ما ورد فيها حول هذا الموضوع، فهي:
1- حديثهاى خيالى (لأية الله الشيخ صالحي نجف آبادي)
2- عرض أخبار اصول (تأليف السيد ابو الفضل بن الرضا)
3- زيارت وزيارت نامه (تأليف حيدر علي قلمداران)
4- نقد كتب حديث (للسيد مصطفى الطباطبايي) ).[8]