طالعتنا الصحف السعودية أمس بخبر اعتزام هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات السعودية فرض رقابة على تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي مثل سكايب، فايبر، واتس اب ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
مع نهاية هذا الأسبوع تنتهي المهلة التي حددتها هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات السعودية للشركات المقدمة لخدمات الاتصالات والإنترنت للرد على طلبها، وهددت الهيئة بحجب هذه البرامج اذا لم تتمكن من فرض الرقابة عليها.
هذه المهلة القصيرة جدا والتهديد المصاحب لها يشي بأن الدوافع وراء فرض الرقابة مرده الهواجس «الأمنية» التي تعيشها البلاد خصوصا مع اكتشاف شبكات تجسس تراقب مصانع الصورايخ البالستية المنتشرة في المملكة ناهيك عن الخلايا التي مذ سمعنا عنها وهي لازالت نائمة.
فرض الرقابة هذا يعيدنا إلى المعركة التي خاضتها المملكة - حكومة وشعبا - مع شركة البلاك بيري وتكللت بالنصر المؤزر ورضوخ الشركة «صاغرة» للضغوط السعودية خصوصا وأنها تعاني - أي الشركة - من تقلص شديد لشريحة مستخدميها نظرا لدخول الآيفون والجالكسي ساحة المنافسة، وعدم رغبتها في الخروج من السوق السعودية التي تشرئب لها الأعناق.
هذا فيما يخص غزوة البلاك بري ولكن الأمر مع تطبيقات التواصل الاجتماعي يعد مختلفا على الأقل من الناحية التقنية. اذ أن فرض الرقابة على برامج المحادثات هو أشبه بمن يريد حمل الماء في مشخال. فبرامج المحادثات أكثر من ان تحصى، ومهوسو المحادثات لن يعدموا الوسيلة لإيجاد بدائل جديدة في ظل تزايد عدد برامج المحادثة إلى درجة ان العرض أصبح أكثر من الطلب.
من جهة أخرى فبرامج الـVPN التي تمكن مستخدميها من تجاوز كل أنواع حظر الاتصال بالإنترنت متوفرة هي الأخرى وبكثرة. هذه البرامج «سلام الله عليها» ستحيل اي نوع من فرض الرقابة على الإنترنت إلى ضرب من العبث ومضيعة للوقت والمال معا.
كثير من المستخدمين العاديين ليس لديهم أي اطلاع أو معرفة ببرامج الـVPN وإمكانياتها، وهيئة الإتصالات بفرضها هذا النوع من الحظر أو الرقابة على برامج المحادثة ستلجئ المستخدمين للتعرف على هذه البرامج وحينها ستفتح على نفسها أبواباً كانت مغلقة وسيصعب عليها - لا سمح الله - مراقبة حتى ما كان تحت سيطرتها.
في هذه الحالة ستكون كل الرقابة على الإنترنت إثر بعد عين وسينطبق على هيئة الاتصالات السعودية المثل الألماني المعروف «قاعدة مستريحة، جابت لها فضيحة».