لماذا ذكر القرآن الولاية التكوينية للأنبياء ولم يذكرها لأهل البيت ع؟
بتاريخ : 18-03-2013 الساعة : 05:16 AM
اللهم صلي على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر العظيم المستودع فيها عدد ما أحاط به علمك .
اللهم صلي على مُحمد وآل مُحمد وعجل فرجهم واهلك عدوهم من الجن والإنس من الأولين والآخرين
السؤال : ما الدليل الصريح من كتاب الله على أحقّية الأئمة بأمتلاك الولاية التكوينية ؟ حيث ذكرت مع...جزات من هم أقلّ منهم منزلة ، وهم الأنبياء في القرآن ؟ فأين ولاية الأئمة التكوينية في القرآن ؟
الجواب : من سماحة السيّد جعفر علم الهدى
أوّلاً : القرآن الكريم إنّما تعرّض لمعجزات الأنبياء والرسل ؛ لأنّهم كانوا في الأُمم السابقة ، والقرآن يحدّثنا عن قصصهم وقصص أُممهم ليكون عبرة وموعظة لنا ، ولأجل أن يبيّن للناس أن رسالة محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ونبوته ليس شيئاً جديداً ، وإنّما هو إمتداد لخطّ الأنبياء والرسل : { قُلْ مَا كُنتُ بِدْعًا مِّنْ الرُّسُلِ } {الأحقاف/9} .
أمّا الأئمة الأطهار (عليهم السّلام) فهم أوصياء وخلفاء النبيّ محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ، وإذا ثبت نبوّة محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ورسالته بالدلائل والمعجزات ، فمن الطبيعي أن يثبت إمامتهم وولايتهم وخلافتهم بالتنصيص من قبل الرسول الأعظم (صلّى الله عليه وآله وسلّم) .
أمّا الكرامات والمعاجز التي صدرت منهم فهي أمور متأخرة عن نزول القرآن ، وليس بناء القرآن الكريم على الإخبار بكلّ ما سيتحقّق في المستقبل .
نعم ، بعد صدور الكرامات من الأنبياء والرسل ، وثبوت الولاية التكوينية لهم يكون ثبوتها في حقّ الأئمة الأطهار (عليهم السّلام) ممكناً ، وغير مستحيل عقلاً ، بل يثبت صدورها منهم ؛ لأنّهم أفضل من الأنبياء والرسل ، كما نطقت به الروايات المتواترة إجمالاً.
هذا مع قطع النظر عن الآيات المفسَّرة والنازلة في حقّ أهل البيت (عليهم السّلام) ، وإلاّ فثبوت الولاية التكوينية للأئمة (عليهم السّلام) مذكور في آيات كثيرة ولو بالدلالة الالتزامية
منها : قوله تعالى : { قُلْ كَفَى بِاللّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ } {الرعد/43} ، وقد فسَّرت هذه الآية في روايات أهل البيت (عليهم السّلام) ، وفي جملة من روايات أهل السنّة بانّ المراد هو علي بن أبي طالب (عليه السّلام) ، وبناء على ذلك ، إذاكان لآصف بن برخيا ـ الذي كان له علم من الكتاب ـ الولاية التكوينية ، فقد أتى بعرش بلقيس إلى سليمان في طرفة عين بالولاية التكوينية التي منحها الله إيّاه ، فالذي عنده علم الكتاب كلّه ، وهو أمير المؤمنين (عليه السّلام) أولى بأن يكون له الولاية التكوينية ، بل ولايته أوسع وأعظم منه ، وقس على ذلك سائر الآيات والروايات ، بل وردت روايات من طرفنا أنّ الأنبياء والرسل كانوا يتوسّلون بمحمّد وآل محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في مواضع الاضطرار ، فينصرهم الله ، ويجري على أيديهم المعاجز والكرامات .
ففي حديث رواه الطبرسي في الاحتجاج عن معمّر بن راشد قال : سمعت أبا عبد الله (عليه السّلام) يقول : أتى يهودي النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ، فقام بين يديه يحدّ النظر إليه فقال (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : « يايهودي ما حاجتك »؟
قال : أنت أفضل أم موسى بن عمران النبيّ الذي كلّمه الله ، وأنزل عليه التوراة والعصا ، وفلق له البحر ، وأضلّه بالغمام ؟
فقال له النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : « إنّه يكره للعبد أن يزكّي نفسه ، ولكنّي أقول : إنّ آدم لمّا أصاب الخطيئة كانت توبته أن قال : " اللهم أني أسألك بحقّ محمّد وآل محمّد لمّا غفرت لي " فغفر الله له .
وإنّ نوحاً لمّا ركب السفينة وخاف الغرق قال : " اللهم إنّي أسألك بحقّ محمّد وآل محمّد لمّا انجيتني منها " فنّجاه الله .
وإن إبراهيم لمّا ألقي في النار قال : " اللهم إنّي أسألك بحقّ محمّد وآل محمّد لمّا انجيتني منها " فجعلها الله عليه برداً وسلاماً .
وإنّ موسى لمّا أُلقى عصاه وأوجس في نفسه خيفة قال : " اللهم إنّي أسألك بحقّ محمّد وآل محمّد لمّا آمنتني " فقال الله جلّ جلاله : { لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الْأَعْلَى } {طه/68}.
يايهودي : إنّ موسى لو أدركني ، ثمّ لم يؤمن بي وبنبوّتي ما نفعه إيمانه شيئاً ، ولانفعته النبوّة .
يايهودي : ومن ذرّيتي المهدي إذا خرج نزل عيسى بن مريم لنصرته ، وقدّمه وصلّى خلفه ».
وثانياً : لو كان القرآن الكريم يصرح بأمامة الأئمة الاثنى عشر ، وبثبوت الولاية التكوينية لهم لكان الناس يرتدّون على أدبارهم كفّاراً ، أو كانوا يحرّفون القرآن الكريم ؛ لأنّ أغلب القوم كانوا منحرفين عن خطّ أهل البيت (عليهم السّلام) لما كان في قلوبهم من أحقاد بدريّة وحنينيّة وخيبريّة وأُحديّة تجاه علي بن أبي طالب (عليه السّلام) وأولاده ، وهو الذي قتل آبائهم وأبنائهم ، وإخوانهم وأعمامهم ، وأبناء عشرتهم في الغزوات والحروب ، فكانوا حتّى المؤمن منهم لا يطيق تحمّل خلافة عليّ وأولاده(عليهم السّلام) ، كما صرحت بذلك الزهراء المعصومة (عليها السّلام) : « وما نقموا من أبي الحسن ، نقموا والله منه نكير سيفه ، وقلّة مبالاته لحتفه ، وشدّة وطأته ، ونكال وقعته ، وتنمّره في ذات الله عزّ وجلّ ».