لا تأمنْ دهرَ الصروفَ فإنهُ ..... لا زالَ قِدماً للرجالِ يُهذِّبُ
و كذلك الأيامُ في غدواتِها ..... مرت يُذلُ لها الأعزُ الأنجبُ
فدع الصبا فلقد عداكَ زمانُهُ ..... و ازهدْ فعُمركَ مِنهُ ولَّى الأطيبُ
ذهبَ الشبابُ فما له من عودةٍ ..... و أتى المشيبُ فأين منهُ المهربُ
ضيفٌ ألمَّ إليْك لم تحفلْ بهِ ..... فترى لهُ أسفاً و دمعاً يُسكبُ
دعْ عنك ما قد فات في زمن الصبا ..... واذكرْ ذنوبَك وابْكِها يا مذنبُ
و اخشَ مُناقشةَ الحسابِ فإنَّهُ ..... لا بُد يُحصى ما جنيتَ ويكتبُ
لم ينْسَهُ الملكانُ حين نسيتَهُ ..... بل أثبتاهُ و أنت لاهٍ تلعبُ
و الروح فيك وديعةُ أُوْدِعْتَها ..... ستردُّها بالرغمِ منك و تُسلبُ
و غرورُ دنياك التي تسعى لها ..... دارٌ حقيقَتُها متاعٌ يذهبُ
و جميعُ ما حصلتَهُ وجمعتَهُ ..... حقاً يقيناً بعد موتك يُنهبُ
فاقنعْ ففي بعضِ القناعةِ راحةٌ ..... و اليأسُ مما فاتَ فهْوَ المطلبُ
واجِهْ عدوّكَ بالتحيةِ لا تكن ..... مِنْهُ زمانُك خائفاً تترقبُ
و احذرهُ يوماً إذْ أتى لك باسماً ..... فالليثُ يبدو نابُهُ إذْ يغضبُ
لا خيرَ في ودِ إمرءٍ متملغٍ ..... حُلْوُ اللسانِ و قلبُهُ يَتلهبُ
يلقاك َيحلفُ أنهُ بكَ واثقٌ ..... و إذا توارى عنك فهوَ العقربُ
يعطيكَ من طرفِ اللسانِ حلاوةً ..... و يَروغُ منكَ كما يروغُ الثعلبُ
و دعْ الكذوبَ فلا يكُنْ لك صاحِباً ..... إنَّ الكذوبَ لبئسَ خِلاً يُصحبُ
و زِنْ الكلامَ إذا نطقت و لا تكن ..... ثرثارةً في كلِّ نابٍ تخطبُ
كم عاجزٍ في الناسِ يُؤتى رزقُهُ ..... رقْداً و يُحرمُ كيّسٌ و يخيّبُ
أدِ الأمانةَ و الخيانةَ فاجتنبْ ..... و اعدلْ و لا تظلمْ يطيبُ المكسبُ
و إذا بُليتَ بنكبةٍ فاصبر لها ..... من ذا رأيْتَ مسلِّماً لا يُنكبُ
و إذا أصابَك في زمانك شدةٌ ..... و أصابك الخطبُ الكريهُ الأصعبُ
فالجَأْ لربِّك إنهُ أدنى لمَن ..... يدعوهُ من حبلِ الوريدِ و أقربُ