اللهم صل على محمد وآآل محمد
.../...
اما السؤال الثاني " لماذا أبقى نبي الله عليا صلوات الله عليهما بالمدينة في غزوة تبوك ؟
فلأمر خفي على كثير من الناس مع سهولته .
وللجواب عنه لا بدّ من مقدمة بسيطة .
بلا شك ان النبي صلوات الله عليه وآله كان يعلم ما سيسبّبونه موالي ذلك الحي المهلك لأمته , وما يخلقونه من مبررات لرؤوس هذا الحي , ولذلك سدّ عليهم أبواب الحجة بفعله صلوات الله عليه وآله وسلم . ولقد قرأنا كيف بعث بالأول ثم الثاني وهو يعلم أنهما غير صالحان لهذا البعث ... وما ذلك إلا لنعرف ناصر الدين من خاذله .
وللوصول إلى ما أردت الوصول إليه لا بد من ضرب المثل من الواقع : الأكيد انه ليس في الموالين من لم يناقش البكريين والعمريين في حديث رزية الخميس ؟
وكلما وصل بهم النقاش إلى نقطة : أن النبي صلوت الله عليه وآآله طرد المشوشين من بيته ...
يصيحون" أثبت أن عليّا " سلام الله عليه " ما كان يقول "ما قال عمر" , وأنه لم يكن مع هؤلاء المطرودين ....؟؟؟.
فتابع عزيزي القاري لتعرف سرّ إبقاء علي سلام الله عليه .
يروي صاحب سرّ رسول الله عليه وآله الصلاة والسلام حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أن في هذه الغزوة منافقين من أصحاب رسول الله صلوات الله عليه وآله أرادوا قتله أرواحنا فداه!
وقد ذكر ابن كثير قصتهم عند تفسير قوله تعالى { يحلفون بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا }(التوبة: من الآية74) قال :{ ... وقال الإمام أحمد رحمه اللهحدثنا يزيد أخبرنا الوليد بن عبد الله بن جميع عن أبي الطفيل قال لما أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك أمر مناديا فنادى: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ العقبة فلا يأخذها أحد , فبينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوده حذيفة ويسوقه عمار إذ أقبل رهط متلثمون على الرواحل فغشوا عمارا وهو يسوق برسول الله صلى الله عليه وسلم فأقبل عمار رضي الله عنه يضرب وجوه الرواحل فقال رسول الله لحذيفة " قد قد " حتى هبط رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما هبط نزل ورجع عمار فقال يا عمار " هل عرفت القوم؟ " فقال لقد عرفت عامة الرواحل والقوم متلثمون . قال " هل تدري ما أرادوا؟ " قال الله ورسوله أعلم ؟ قال " أرادوا أن ينفروا برسول الله صلى الله عليه وسلم راحلته فيطرحوه ". قال فسأل عمار رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال نشدتك بالله كم تعلم كان أصحاب العقبة ؟ قال أربعة عشر رجلا فقال إن كنت منهم فقد كانوا خمسة عشر قال فعد رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم ثلاثة , قالوا والله ما سمعنا منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم وما علمنا ما أراد القوم فقال عمار أشهد أن الاثني عشر الباقين حرب لله ولرسوله في الحياة الدنيا ويوم يقوم الاشهاد .... "إلى ان يقول " وكذا قد حكى في معجم الطبراني قاله البيهقي ويشهد لهذه القصة بالصحة ما رواه مسلم . حدثنا زهير بن حرب حدثنا أبو أحمد الكوفي حدثنا الوليد بن جميع حدثنا أبو الطفيل قال: كان بين رجل من أهل العقبة وبين حذيفة بعض ما يكون بين الناس فقال أنشدكم بالله كم كان أصحاب العقبة ؟ قال: فقال له القوم أخبره إذ سألك فقال كنا نخبر أنهم أربعة عشر فإن كنت منهم فقد كان القوم خمسة عشر وأشهد بالله أن اثني عشر منهم حرب لله ولرسوله في الحياة الدنيا ويوم يقوم الاشهاد , وعذر ثلاثة قالوا ما سمعنا منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا علمنا بما أراد القوم .
وقد كان في حرة يمشي فقال " إن الماء قليل فلا يسبقني إليه أحد " فوجد قوما قد سبقوه فلعنهم يومئذ وما رواه مسلم أيضا من حديث قتادة عن أبي نضرة عن قيس بن عباد عن عمار بن ياسر قال: أخبرني حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " في أصحابي اثنا عشر منافقا لا يدخلون الجنة ولا يجدون ريحها حتى يلج الجمل في سم الخياط: ثمانية منهم تكفيكهم الدبيلة سراج من نار تظهر بين أكتافهم حتى ينجم في صدورهم ".
ولهذا كان حذيفة يقال له صاحب السر الذي لا يعلمه غيره أي من تعيين جماعة من المنافقين وهم هؤلاء قد أطلعه عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم دون غيره والله أعلم. { تفسير ابن كثير - ج 3- الصفحة 387 } { ثم يواصل ابن كثير ويذكر عن الطبراني في ترجمة حذيفة رضي الله عنه وأرضاه فيتّهمه بكشف سر نبي الله صلوات الله عليه وآله "عياذا بالله" وذكر أسماء غريبة جدا عن الإسلام تمويها لإبعاد الأنظار .. !! مع أنه يستحيل على من اختاره نبي الله صلوات الله عليه وآله حافظا لسره أن يبوح به ... هذا غير معقول ولا يهم في موضوعنا }.
على كل حال ...
كان عدد المسلمين في تبوك 30 الف صحابي .. فيهم 12 منافقا " فقط" .
لكن من يقدر ان يستثني أحد أو يعفي فلان " دون الذيْن اعفاهما نبي الله , عمار وحذيفة" من هذا الجمع الهائل من الصحابة الحاضرين غزوة تبوك من تهمة النفاق ؟؟
أعتقد ان لا أحد يستطيع , خاصة إذا كان الحاضرين أنفسهم بل ومن المعملقين الذين يُراد اليوم انتزاع العفو لهم , شكّوا في أنفسهم ! وكم مرة سألوا صاحب السر أهم من المنافقين أم لا ؟
نستخلص ان النبي صلوات الله عليه وآله كان يعلم ما سيحدث في هذه الغزوة , وبالشبهة العظيمة التي ستلحق وتلتصق بالصحابة , وأن الشك سيلازم المسلمين في من صدر منه خبث من هؤلاء الصحابة إلى يوم القيامة , فترك عليّ سلام الله عليه بعيدا لإبعاد هذه الشبهة عن أذهان أعداءه , بل وشبّهه بمن يستحيل أن يُتهم بما اتهم به الصحابة " إنك مني بمنزلة هارون" المعصوم .
وكل ذلك لئلا يقال لنا اليوم :
اثبت ان عليا " سلام الله عليه " لم يكن ضمن هؤلاء .
العرض الشجري