العودة   منتديات أنا شيعـي العالمية منتديات أنا شيعي العالمية المنتدى العام

المنتدى العام المنتدى مخصص للأمور العامة

 
   
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next

الصورة الرمزية جعفر المندلاوي
جعفر المندلاوي
مشرف المنتدى الثقافي
رقم العضوية : 68149
الإنتساب : Sep 2011
المشاركات : 6,622
بمعدل : 1.38 يوميا

جعفر المندلاوي غير متصل

 عرض البوم صور جعفر المندلاوي

  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : المنتدى العام
افتراضي الغيرة العراقية ... أُعجوبة الإنسانية ~
قديم بتاريخ : 17-02-2013 الساعة : 12:48 AM


الغيرة العراقية ... أُعجوبة الإنسانية

بقلمي

(بسم الله الرحمن الرحيم ؛ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ * صدق الله العلي العظيم)

إستوقفني هذا الشعار المُعلقٌ في إحدى ساحات بغداد (( آنا عراقي ؛؛ إذا آنا حسيني )) ؛
فوجدته ملائما أن أبدأ منه حديثي عن الانسان العراقي ..
إذ يقف الكاتب .. امام الشخصية العراقية .. حائرا ؛ ليس لانه كائن يختلف عن بني البشر ،
ولكن لوجود سمات راكزة وصفات ظاهرة ؛ تجعل منه إنسانا يٌشار له بالبنان ..
فمع قسوة الحياة ومآسي الظروف وضغط الابتلاءات وضخامة التضحيات التي مرّ بها بل وإنغمس فيها ؛
تجده لطيفا سميحا مضيافاً طيباً ؛ رفيف الحس شفيف النفس رقيق القلب ..
حتى ان ثمة مفردات تشكلت في هذا المجتمع قلما تجد لها في مجتمع آخر رديفا لها ؛
تنم عن شفافية هذا الانسان وأريحيته ودماثة اخلاقه: فكم جميلة هي مفردة
( إتدلل عيوني) أو (على عيني وراسي) و(عِد عيناك) و(فدوة اروحلك) أو (تؤمر أمر)
وغيرها من المفردات التي تحاكي المشاعر الطيبة والمواساة الحقيقية ...

إذا فاضت أكفّهم بجود ٍ == تيتم بالعطاء لهم مثال

والذي جعل هذا الانسان بهذه الكيفية تلك الثقافة الصافية التي تشربها حتى النخاع ؛
فالعراقي : محمّدي الدين ؛ علويٌ المنهج : حُسينيٌ التضحية ؛ حسنيٌ الكرم ؛ سجاديٌ التضرع ؛
باقريٌ الآداب ؛ صادقيٌ المعارف ؛ كاظميٌ الصبر ؛ رضويٌ المحنة ؛ جواديٌ الخُلق ؛ نقويٌ السريرة ؛
عسكريٌ الابتلاء ؛ مهدويٌ التحمل ~
ومن أبرز سمات الانسان العراقي المميزة ما اصطلح عليه بـ الغيرة العراقية ...
فلا نغالي أبداً إذا قلنا بندرتها وفرادتها وعلوّها .. ولو أضفناها الى عجائب الدنيا لفاقَتْها سمُّواً ..
ولو إذ تنّبه لها أصحاب موسوعة غينز للارقام القياسية لكانت غُرّتها السامقة ..
لا أقول هذا لأننا عراقيون ..
ولكن لو تتبعنا تاريخ المجتمع العراقي والشخصية العراقية عبر تاريخه المعاصر على الاقل لوجدنا هذه الحقيقة ماثلة ..
أما عمقه فزاخر بصور الإيثار الشامخة ...
فلقد اصطبغت بلون الايثار ونكهة الاباء .. لدرجة التضحية بالروح.. حتى احيانا لاجل اناس لا نعرفهم ولم نلتق بهم ...
هذه الغيرة المغموسة بسيل الحب وفيض المودة والحنين ..
هذه الغيرة التي تسامت على الجراح .. وفاقت ألم المآساة ..
هذه الغيرة التي زرعت ولا زالت البسمة على شفاه القلوب المنكوبة في لحظات عصيبة ..
هذه الغيرة التي صارت مضربا للمثل .. وسمة لكل المحافل حتى على امتداد ساحات الرياضة فالجميع بات يتحسس ان اللاعب العراقي يلعب بغيرته اكثر مما يلعب بمهارته ..


والاحداث المعاصرة والراهنة ابرزت عشرات من تلك الصور الرائعة ؛ ولا اريد ان اسردها فقد راها القاصي والداني ؛ والعدو شهد لها قبل الصديق ...
لكني ساقتصر على صور ثلاث هي عبارة عن مفاتيح لآلاف المواقف والقصص التي يجللها الفخر ويطرزها المجد ؛ وحريٌ ان تُعَلَّقُ على جبين الزمن عبر العصور.. رغم ما يسكنها من آسى وحزن ودموع .. لكنها اصبحت مبعث فخر لنا جميعاً ..

الصورة الاولى
هلاّ علمت بأن القتل يولدني ==أنا القتيل فيا مرحى بميلادي
يعلم الجميع ان العراق ابتلي بامتحان عصيب ؛ كانت واحدة من افرازاته المؤلمة ؛ محاولة اطفاء الربيع العراقي بجيوش المفخخات والانفجارات والقتل الجماعي ..
فما بقي عراقي الا وشهد او حضر او راى اوعاش تلك اللحظات القاسية التي تَعْقِب الانفجارات وما تخلفها من اماكن مدمرة واشلاء متناثرة واجساد مقطعة على الانقاض .. نفوس بريئة . أطفال .. نساء .. شَيَبة ..



ومع ان الاجراءات الامنية تتطلب الابتعاد عن المكان واخلائه خشية من ان يعقب ذلك انفجار ثانٍ .. وكثيرا ما حصل ذلك .. لكن ذلك لم يثن عزم العراقي من ان يهرع من بيت ومحل عمله ويتزاحم ويسابق رجال الانقاذ والشرطة ؛ ويضحي بنفسه وحياته وطاقته ويسخر كل ما لديه لانقاذ الارواح البريئة نالتها يد الغدر الجاهلي ؛ قلوبهم تبكي قبل العيون ؛ لكنهم يحبسون تلك الدمعة ؛ ويهرولون لانقاذ المصابين ويبحثون بين اكوام التراب والانقاض غير آبِهين بما يكون بعد ذلك ؛ وكثير ما حصل ان وقع انفجار آخر في ذات المكان .. ولكن الغيرة العراقية أبت الاّ أن تنسكب كبلسم يمسح تلك الآهات المتدفقة من تلك النفوس .

الصورة الثاني
يجود بالنفس ان ظنّ الجواد بها == والجود بالنفس أقصى غاية الجود
في حادثة جسر الائمة الاليمة عام 2005؛ يوم استشهاد سابع الائمة ؛ حيث كان الشيعة بمئات الالاف يزحفون نحو الضريح المقدس في الكاظمية ؛ في ذلك المكان المكتظ بالآف المحبين حصل ما حصل ووقع المئآت من جانبي الجسر في مياه دجلة .. وما ان سمع الغيور العراقي (عثمان علي العبيدي) وهو شاب في مقتبل العمر وهو من الاعظمية بالحادثة المروعة .. حتى هرع نحو النهر .. تسبقه روحه قبل كفيه نحو المياه وهو يسمع اصوات المستغيثين . فيرمي نفسه في الماء .


ويبدأ بانتشال الاحياء .. فأنقذ الاول . والثاني .. والثالث .. والرابع .. والخامس ..والسادس .. والسابع حتى أعياه التعب وخارت قواه .. ولم يبالي بما اصابه من الارهاق .. ونزل الى النهر بتلك الغيرة الراسخة والبطولة النادرة .. وفي غمرة محاولاته لانقاذ من يستطيع انقاذه .. ذهب الى ربه راضيا مرضيا.. ليسجل اسمه في سجل الخالدين ..


الصورة الثالثة
كما هو المعتاد في مدن العراق أيام محرم الحرام تقوم قوات الشرطة والجيش بحماية المواكب الحسينية من أعتداءات الارهابيين .. وفي ذلك الصباح العاشورائي حضر (بلال الصالحي) احد افراد الشرطة العراقية ومن الطائفة السنيّة مع اخوانه .. لحماية احد المواكب الحسينية .. واثناء مرافقته له .. لمح بلال شخصا ثقيل البنية يسير نحو الموكب فناداه بالتوقف وامره بالرجوع فلم ينتهي وحاول ان يدس نفسه بين الحشود .. وبعد ان تيقن انه انتحاري يريد تفجير الموكب .. ركض بلال نحوه وألقى بنفسه عليه وطرحه ارضا حتى اذا انفجر لا يؤذي المواطنين ويذهب وحده ضحيته .. وعندما آيس الانتحاري من الوصول الى غايته فجرّ نفسه الخبيثة .. فعرجت روح بلال بين تناثر جسده الى بارئها .. وكان قد عاهد نفسه ان لو رأى احدهم يروم تفجير الموكب ليضحينّ بنفسه لاجلهم .. وهذا ما حصل ...
(فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا * إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا * وَنَرَاهُ قَرِيبًا )

[



توقيع : جعفر المندلاوي
إِلهي هَبْ لِي كَمَالَ الانْقِطَاع إِلَيْكَ، وَأَنْرِ أَبْصَارَ قُلوبِنَا بِضِياءِ نَظَرِها إِلَيْكَ
حَتّى تَخْرِقَ أَبْصَارُ القُلوبِ حُجُبَ النُّورِ فَتَصِلَ إِلَى مَعْدِنِ العَظَمَةِ وَتَصِيرَ أرْوَاحُنَا مُعَلَّقَةً بِعِزِّ قُدْسِكَ
من مواضيع : جعفر المندلاوي 0 سيّد الشجعان
0 جبهة الأسود
0 نور الوجود
0 إرث النبيّ (نصرة للزهراء)
0 شهيد الانبياء
رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)



تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الشبكة: أحد مواقع المجموعة الشيعية للإعلام

الساعة الآن: 12:29 PM.

بحسب توقيت النجف الأشرف

Powered by vBulletin 3.8.14 by DRC © 2000 - 2024
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات أنا شيعـي العالمية


تصميم شبكة التصاميم الشيعية