بعد انقطاع طويل وتقصير كبير من خادمتكم تقوى القلوب وبمنّ من العلي القدير عدنا لساحة الامام الحسين ومحط قلوب الوالهين العاشقين ودرب كل السائحين العابدين القانتين فاض القلب بذكر الحسين فسالت الحبر ليخط الحروف ولنأخذ عبرة من دروس كربلاء الشهادة والوفاء
كثيرا مايسيطر الخوف على قلب المؤمن الشجاع عندما تتعلق المسألة بالاهل والبنون فالمؤمن يبذل ماله دون رادع او خوف في سبيل الله سبحانه لكن هناك مواقف يتردد فيها الشجعان في عندما يتعلق الامر بالاهل فيخشى عليهم من المهانة او من السبي او السلب او او القتل وهنا جاءت كربلاء معلنا فيها الامام الحسين عليه السلام عن الخط الجهادي الذي يجب ان يسير به المؤمن فقال
قال الإمام الحسين عليه السلام: (من كان باذلا فينا مهجته، وموطنا على لقاء الله نفسه، فليرحل معنا فإنني راحل مصبحا إن شاء الله تعالى).
لكنه لم يقف عند هذا الحال فعندما سئله اخوه محمد ابن الحنفية عن سبب اخذه نسائه واطفاله عارفا بانه سيقتل في ارض كربلاء مجيبا عليه شاء الله ان يراهن سبايا
وعندما حل ليل العاشر من محرم جمع اهل بيته واصحابه لدعوتهم واالتأكيد عليهم في السير في طريقه الجهادي فقام الحسين في أصحابه خطيبا فقال : أللهم إني لا أعرف أهل بيت أبر ولا أزكى ولا أطهر من أهل بيتي ، ولا أصحابا هم خير من أصحابي ، وقد نزل بي ما قد ترون وأنتم في حل من بيعتي ، ليست لي في أعناقكم بيعة ، ولا لي عليكم ذمة ، وهذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملا وتفرقوا في سواده فإن القوم إنما يطلبوني ، ولو ظفروا بي لذهلوا عن طلب غيري .
الراوندي : سعد بن عبد الله : حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى ، حدثنا الحسين بن سعيد ، حدثنا النضر بن سويد ، عن عاصم بن حميد ، عن أبي حمزة الثمالي ، قال : قال علي بن الحسين : كنت مع أبي الليلة التي قتل صبيحتها ، فقال لأصحابه : هذا الليل فاتخذوه جملا ، فإن القوم إنما يريدونني ، ولو قتلوني لم يلتفتوا إليكم ، وأنتم في حل وسعة . فقالوا : لا ، والله ! لا يكون هذا أبدا .
قال : إنكم تقتلون غدا كذلك ، لا يفلت منكم رجل . قالوا : الحمد لله الذي شرفنا بالقتل معك . ثم دعا ، وقال لهم : إرفعوا رؤوسكم وانظروا . فجعلوا ينظرون إلى مواضعهم ومنازلهم من الجنة ، وهو يقول لهم : هذا منزلك يا فلان ! وهذا قصرك يا فلان ! وهذه درجتك يا فلان ! فكان الرجل يستقبل الرماح والسيوف بصدره ووجهه ليصل إلى منزله من الجنة .
فبعدما خيرهم واختبر صدق نواياهم ومحصهم فوجدهم فرسان المصر، وأهل البصائر، وقوما مستميتين مؤهلين لان يكونوا مع الحسين عليه السلام في اعلى الدرجات في جنات عدن
اراهم منازلهم فيها لتقر عيونهم ويزداد شوقهم وتشد عزيمتهم في السباق الى طريق الجهاد والنصر العظيم طريق الشهادة والفوز بجنات النعيم
فهنا يعطينا الامام الحسين عليه السلام درس في ان لاندع اهلنا واصحابنا ممن نجد فيهم قوة الايمان والمسابقة لخيرات ونسير الى الله سبحانه لوحدنا دون ان نأخذ بيدهم ليكونوا لنا عونا وولانفسهم نجاة من مصائد الشيطان وانسا في طريق قل سالكوه وطال مشقته وليكونوا معنا في درجات الصالحين فلانخشى ان تسبى نساءنا وان تسلب اموالنا وان تقتل اولادنا ولنا اسوة بسيد الشهداء عليه السلام حين اصطحب نساءه عالما انهن سيسلبن ويضربن ويسبين وسيقتل حتى الرضيع منهن وسيدخلن لمجلس اهل الفسوق مضحيا بكل غالي ونفيس من اجل الدين واعلاء كلمة الحق ورفع راية الهدى فائزين بمنزلة الحسين عليه السلام وفي درجته هذا وان الامام الحسين عليه السلام اعطف وانبل وارق مشاعر وحبا لاهل بيته ولصغاره ولحرمه اذ في عصر تاسوعاء خرج بابي هو وامي ليقطع حسك السعدان (اشواك برية )) عن الارض المحيطة بمخيمه مخافة ان تؤلم نساءه وبناته الاشواك حين يفرن من الخيام عند هجوم خيل ابن سعد عليهن فاي نفس هي نفس الحسين ع واي اب عظيم هو الحسين عليه السلام فالشوكة تدمي قلبه حين تدمي اقدام صغاره مع هذا الحب والحنان والعطف والخوف قدمهم قرابين في ارض كربلاء مجزرين مقطعين الاعضاء مسلوبين الثياب ونساءه وصغاره سبايا على النياق الهزيلة دون محامل من العراق للشام يدخلون الشام والكل بقتل الحسين واهله وسبي عياله شامتين مسرورين فرحين مزينة الشام بابهى زينة كانهم في عيد وليس المقتول هو ابن نبي الله صلوات الله عليه واله
تبكيك عيني لالاجل مثوبة انما عيني لاجلك باكية
تبتل منكم كربلاء بدم ولاتبتل مني بالدموع الجاري
رزقنا واياكم الفوز بجنانه في الاخرة وتقواه في الدنيا