تمتد مسافة حزن والم يغلي في قلوب من احب ابي الاحرار عليه السلام وتوشحت قلوب عشاق الحسين عليه السلام قبل أجسامهم بالسواد ، وتغلغل الحزن في ضمائر محبيه قبل ان يجري على ألسنتهم بقدوم عاشوراء ثم الاربعين ؛عاشوراء الفاجعة..عاشوراء الأحزان بذكرى المصاب الجلل الذي بكته عيون السماء بدل الدمع دما ؛ فلم يبقَ في الأرض من حجر ومدر إلا وبكاه ، ورغم وقوع ملحمة الطف الخالدة في ظهيرة لاهبة على بقعة ارض في طرف الصحراء ، يقال لها الغاضرية أو نينوى أو النواويس أو كرب وبلاء وغيرها من الأسماء ، ورغم كل المحاولات الخبيثة لطمس حوادثها ، ومحو كل اثر يدل على معالمها أو حجبها بستار النسيان ، وبكل ما أوتيت دولة الطغيان الأموي من أساليب المكر والتضليل والمؤآمرة ، وبكل ما أوتي حكمها الجائر من إرهاب وجبروت وطغيان ترهيبا وترغيبا ، بل وبكل ما أوتي أشياعه وأتباعه على مر التاريخ حتى يومناهذا ، إلا أنها ما فتئت تتوهج دماء عاشوراء ويسطع حضور كربلاء في الآفاق كالشمس ؛ فتأسر تفاصيل الملحمة الحسينية وقيمها الخالدة ، قلوب الأحرار وعقولهم ، بغض النظر عن جنسهم ولونهم وهويتهم .
كونها قضية إنسانية عظمى ، فراح أنصار كلمته؛ يزدادون يوماً بعد آخر حتى امتلأت بحب الحسين عليه السلام وكربلاء قلوب الناس في أصقاع الأرض ، وأضحى ضريحه المقدس مهوى للأفئدة ، وغدت كربلاء قبلة يؤمها أحرار العالم ، لتتحقق نبوءة الحوراء زينب الكبرى سلام الله عليها التي أطلقتها للزمن منذ ألف ونيف من السنين ، وهي توجه خطابها إلى معسكر ابن سعد الذي بلغ ما بلغه من نشوة الانتصار لحظتها قائلةولينصبن على قبر أبي عبد الله علم ، وليجتهدن أئمة الضلالة على طمسه فلا يزداد إلا علوا وانتشارا).
لذا أراد عليه السلام بدمه المقدس الذي لم يجد سبيلا سواه؛ بعث تلك الروح فيها من جديد ، لبناء دين الناس مضافاً إلى دنياهم وهو القائل: (إني لا أرى الموت إلا سعادة والحياة مع الظالمين إلا برما). وهكذا اصبح عشاق التضحيه والفداء يحيون ذكرى الاستشهاد والاربعينيه لينهلوا من الذكرى وصاحبها عليه السلام فسلام على الحسين يوم ولد ويم استشهد ويم يبعث حيا