دمعة حسينية مناضلة !!...
على الأرض في إترافها وتحت السحاب بوعده وبين طرق السماء والريح
وهفهفة النسيم باردا ً، دافئا ً، حارا ً؛ اللباس كان متفاوتا ًليس على أساس
المستوى بل على أساس الحس وتأويلاته.
كانت الجموع تمارس ماتعودت عليه منذ زمن،فتراثها كانت تكتبه الأقدام
مابين الأقران العارفين والمؤدين لجل المشاهد ؛ فمنهم من كان كريــــما ً
بطعام وفير يكفي لحشد ثم حشدثم حشد ، وآخر كان كريما ًبالشراب على
سبيل سيده يجود به بين بني قومه يذكره بعطش مولاه ، وثالث يجمع بين
الكرمين وقد يأوي ضيوف مخدومه .
الدموع كانت تنساب بلهف وشغف بل وتواتر ينقل الزمان والمكان إلى
وقت محدث . وما كان ليشكو أحد ما من نقص في عُدد يوم كهذا بين من
يماشيهم ويماشونه ،من يشاركهم الزاد والشراب ، من تطرق كتفه أكتافهم
في المسير المنضبط في الصفوف ، من يتدافع معهم ويتزاحم حيال مد الأيدي نحو شباك الإستقطاب ،
من يرفع يديه قرب زفراتهم وأناتهم وهم
يوفون لبارئهم بلفظ الله أكبر، من تتعبأ صدورهم بالصرخات فتطلقها بكل
ما أوتيت من قوة :"لبيك يا حسين ...لبيك يا مظلوم ... لبيك يا عطشان
... لبيك ياغريب الغرباء ... لبيك يا مسلوب العمامة والرداء..." ...
أما من كان يهتم لهكذا إحصائيات وتعود أن يحمل على كتفيه كاميـــــرة
لتصوير الحدث فقد كانت تلوح أمه كميات من الطين والمياه في اعتراك
حولي ، كانت تلوح أمام عدسته ومن خلفها عينيه ومن خلفها قناة ومن
خلفها أقلام فضية وربطة عنق أو لباس ما تفوح منه رائحة المستوى لا
الحس وأن كان ذلك المستوى مزورا ًأو مشوها ًأو فلنقل ليس له ملامح
ثابتة، كانت تلوح له أجسام لهياكل لم تكن لتقوم يوما ًمن الاسمنــــــــت
والطابوق ، وهياكل أخرى من حديد، كان يرى الحشود ويجري معها
اللقاءات ويحرر بل ويملي عليها ماتقول وماكان لينسى الثناء لحظة
الإملاء...
وفي لحظة معينة على الفرش المختار بدقة وعناية وبين جدران مزوقة
على أطر حديثة مستوردة وأمام أجهزة عرض وتقنيات فائقة وتحـــــت
حراسة مشددة تلا شيخ متورد الخدين في يديه خاتم أو خاتمين أيات من
القرآن الكريم من ثم بدأ يَذكر ويُذكْـِر بواقعة جمعت في مامضى من وقت
لكل المعاني والقيم كما جمعت كل مدوني التاريخ كماجمعت كل الأقــدام
في المسعى والمسير ولكنه ما كان لينسى في خضم كل ذلك وفي خضم
دمعاته السائلة على خديه المتوردين وعلى خدود المستويات الحاضرة
ماكان لينسى دمعة حسينية مناضلة !!...