يقول السيد الشهيد السعيد محمد باقر الصدر رحمه الله
في كتابه الفتواى الواضحة
صفحة رقم 7
فكل مكلف يريد التعرف على الأحكام الشرعية يعتمد أولا على بداهته الدينية العامة وما لا يعرف بالبداهة من احكام الدين يعتمد في معرفته على المجتهد المتخصص ، ولم يكلف الله تعالى كل انسان بالاجتهاد ومعاناة البحث والجهد العلمي من اجل التعرف على الحكم الشرعي توفيرا للوقت وتوزيعا للجهد الانساني على كل حقول الحياة . كما لم يأذن الله سبحانه وتعالى لغير المتخصص المجتهد بأن يحاول التعرف المباشر على الحكم الشرعي من الكتاب والسنة ويعتمد على محاولته بل أوجب عليه ان يكون التعرف على الحكم عن طريق التقليد والاعتماد على العلماء المجتهدين
وفي صفحة رقم 8
وفي الوقت الذي أوجبت فيه الشريعة التقليد بالمعنى الذي ذكرناه في فروع الدين من الحلال والحرام حرمته في أصول الدين فلم تسمح للمكلف بان يقلد في العقائد الدينية الأساسية وذلك لان المطلوب شرعا في أصول الدين ان يحصل العلم واليقين للمكلف بربه ونبيه ومعاده ودينه وامامه ودعت الشريعة كل انسان إلى أن يتحمل بنفسه مسؤولية عقائده الدينية الأساسية بدلا عن أن يقلد فيها ويحمل غيره مسؤوليتها ، وقد عنف القرآن الكريم بأشكال مختلفة أولئك الذين يبنون عقائدهم الدينية ومواقفهم الأساسية من الدين قبولا ورفضا على التقليد للآخرين بدافع الحرص على طريقة الآباء مثلا والتعصب لهم أو بدافع الكسل عن البحث والهروب من تحمل المسؤولية .
ومن الواضح ان العقائد الأساسية في الدين - أصول الدين - لما كانت محدودة عددا من ناحية ومنسجمة مع فطرة الناس عموما من ناحية أخرى على نحو تكون الرؤية المباشرة الواضحة ميسورة فيها غالبا وذات أهمية قصوى في حياة الانسان من ناحية ثالثة - كان تكليف الشريعة لكل انسان بان يبذل جهدا مباشرا في البحث عنها واكتشاف حقائقها أمرا طبيعيا ولا يواجه غالبا صعوبة كبيرة ولا يؤثر على المجرى العملي لحياة الانسان ، ولئن واجه أحيانا صعوبات كذلك فالانسان جدير ببذل الجهد لتذليل تلك الصعوبات لان عقيدة الانسان هي أهم ما فيه ، ومع ذلك فقد لاحظت الشريعة أيضا اختلاف مستويات الناس الفكرية والثقافية فلم تكلف كل انسان بالنظر والبحث في أصول الدين الا بالقدر الذي يتناسب مع مستواه ويصل به إلى قناعة كاملة بالحقيقة تطمئن بها نفسه ويعمر بها قلبه ويتحمل مسؤوليتها المباشرة امام ربه .