ويعتبر هذا سبباً رئيسياً لضعف التفسير بالمأثور، حيث اختلطت النصوص الصحيحة مع غيرها من الموضوعات.
وقد حفلت كتب التفسير بالمأثور بروايات أشخاص مطعون فيهم، ومن شواهد ذلك انّ الضحاك الذي نقلت عنه اقوال ذكر انه رواها عن ابن عباس قد قال عنه نقّاد الرجال: انه لم يلق ابن عباس، وبذا تكون روايته غير مسلّحة، وقالوا: ان في جميع ما رواه نظراً.
وانّ السدّي الكبير الذي روي له كثير قالوا فيه: انه ضعيف وشتام (ورمي بالتشيع) وان كان بعضهم يقول عنه: انه مستقيم الحديث صادق.
وان محمد بن السائب الكلبي - وإن رضيه بعضهم - فقد قال بعض آخر: إنه ليس بثقة، ولا يكتب حديثه، كما اتهمه بعضهم بالوضع.
قال محمد بن طاهر الهندي - بعد أن ذكر أن أشهر كتب التفسير كتابان: أحدهما للكلبي والآخر لمقاتل بن سليمان -: "وقد قال أحمد في تفسير الكلبي: من أوله الى آخره كذب لا يحل النظر فيه"(1).
أما مقاتل بن سليمان - الذي قالوا عنه: ان الناس عيال عليه في التفسير - فقد ذكروا انه يروي عن مجاهد ولم يسمع منه شيئاً، ويروي عن الضحاك ولم يسمع منه شيئاً، لأن الضحاك قد مات قبل ان يولد مقاتل بأربع سنوات(2).
ويحاول بعض الباحثين ادعاء انّ انتشار حذف الأسانيد حدث في التفاسير المؤلفة بعد عصر التابعين بفترة طويلة حتى قال محمد حسين الذهبي "... لم يعرف عن الصحابة انهم كانوا يُسألون عن الاسناد، لما عُرِفوا به جميعاً من العدالة والأمانة..."
ثم جاء عصر التابعين، وفيه ظهر الوضع وفشا الكذب، فكانوا لا يقبلون حديثاً إلاّ إذا جاء بسنده وثبت لهم عدالة رواته،... ثم جاء بعد عصر التابعين مَن جمَع التفسير ودوّن ما تجمّع لديه من ذلك، فالّفت تفاسير تجمع اقوال النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) في التفسير وأقوال الصحابة والتابعين مع ذكر الاسانيد كتفسير سفيان بن عيينه ووكيع بن الجراح وغيرهما ممن تقدم ذكرهم، ثم جاء بعد هؤلاء اقوام الّفوا في التفسير فاختصروا الاسانيد ونقلوا الأقوال غير معزوّة لقائليها...(3).
ب: التفسير بالمأثور لدى الشيعة
وتلاحظ فيه النقاط التالية:
1- قلّة التفاسير الجامعة المستوعبة لكل الكتاب العزيز. فنلاحظ ان تفسير فرات الكوفي وتفسير علي ابن ابراهيم وتفسير العياشي غير مستوعبة للآيات القرآنية.
2- فقدان النسخ الأصلية لبعض هذه التفاسير، مثل تفسير العياشي، حيث عمد بعض النساخ إلى حذف أسانيد الروايات، وقد انتشرت هذه النسخة وفقدت النسخة الأصلية المسندة، وبذلك فقد الكتاب كثيراً من قيمته العلمية. كما ان الجزء الثاني من هذا التفسير مفقود.
وكذلك التفسير الموجود المنسوب إلى علي بن ابراهيم القمي فإن كثيراً من الباحثين يشكوّن في مطابقته للنسخة الأصلية للتفسير.
3- ضعف السند في الكثير من النصوص التفسيرية.
4- عدم وصول بعض التفاسير بطريق معتبر، فمثلاً نجد أنّ الرواية المحفوظة لتفسير علي بن ابراهيم القمي تنحصر بالعباس بن محمد الذي لم يُترجم في الكتب الرجالية.
من أشهر التفاسير بالمأثور
1 - تفسير فرات بن ابراهيم بن فرات الكوفي(ت حوالى: 307).
2 - تفسير العياشي. لمحمد بن مسعود بن محمد بن عياش التميمي (عاش في اواخر القرن الثالث).
3 - جامع البيان في تفسير القرآن. لمحمد بن جرير الطبري (224 - 310).
4 - تفسير علي بن ابراهيم القمي (ت: 329).
5 - بحر العلوم. أبو الليث نصر بن محمد السمرقندي (ت: 373 - 375).
6 - الكشف والبيان عن تفسير القرآن، ابو اسحاق احمد بن ابراهيم الثعلبي (ت: 427).
7 - التبيان في تفسير القرآن. أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي (ت: 460).
8 - معالم التنزيل. أبو محمد الحسين بن مسعود البغوي (ت: 510).
9 - مجمع البيان في تفسير القرآن. أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي (ت: 538).
10 - المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز. أبو محمد بن عبدالحق بن غالب بن عطية (481 - 546).
11 - تفسير القرآن العظيم. اسماعيل بن عمرو بن كثير (ت: 774).
12 - الجواهر الحسان في تفسير القرآن. أبو زيد عبدالرحمن بن محمد الثعالبي (ت: 876).
13 - الدر المنثور في التفسير بالمأثور. جلال الدين بن أبي بكر بن محمد السيوطي (849 - 911).