[حسين عبد الامير]

أطفال الشوارع يتعلمون الكمبيوتر دون معلمات أو معلمين
الأستاذ حسني عايش

في تحقيق مثير قامت به مجلة "بزنس ويك الإلكترونية" عن تجربة فريدة في العالم تمكن بها أطفال الشوارع الأشد فقراً، تعلم الأبجدية الكمبيوترية دون معلمين ومعلمات .
وبما أن مثل هذه التجربة لا تخطر على بال باحث في بلد متقدم لأن الدوافع إليها فيه غير موجودة ، فإننا لا نتعلّم عن تجربة مثلها إذا بقيت عيوننا مركزة عليه فقط ، ولا ننظر إلى تجارب أمثالنا من بلدان العالم الأخرى وإبداعاتها.

حب الإستطلاع
يفيد التحقيق أن سوجاتا ميترا – الذي يحمل درجة الدكتوراه في الفيزياء ويرأس وحدة البحوث في المعهد الهندي للفيزياء في نيودلهي – شخص مولع بالتعلّم القائم على الكمبيوتر، وبخاصة للأطفال الهنود المعدمين، لاعتقاده أنهم يستطيعون تعليم أنفسهم بأنفسهم أبجدية الكمبيوتر إذا أتيح لهم ذلك، ومهما كان تعليمهم المدرسي ضعيفاً (سكّر قليل كما نقول)، وأن مفتاح ذلك – في نظره – إفساح المعلمين والمعلمات المجال للأطفال للتعبير عن نزعتهم لحب الاستطلاع لتأخذ مداها.
وبعبارة أخرى تخلّي المعلمين والمعلمات عن "سلطاتهم" وترك الأطفال يعلّمون أنفسهم بأنفسهم ، أي بالتدخل أو "الاجتياح" التعليمي الأقل Minimally invasive education. (وإلا كانت المدارس الشديدة التدخل أشبه بمراكز اعتقال نهارية للأطفال كما يقول أحد المربين) .

ولاختبار أفكاره قام الأستاذ ميترا [ قبل نحو ثلاثة عشر شهر من آب (2000) ] بتجربة الثقب في الجدار :The Whole in the wall experiment
حيث وضع كمبيوتراً صغيراً سريعاً جداً موصولاً بالإنترنت في أحد جدران بنايةٍ مطلة على ساحة (Slum) التي تعج بالنفايات ويستخدمها الفقراء كحمام عام .

وقد ترك الأستاذ ميترا الكمبيوتر مفتوحاً لإفساح المجال لأي طفل (أو إنسان) مارٍ من هناك اللعب به، فيما كان يراقب ما يجري عن طريق كمبيوتر أبعد و"كميرا" فيديو خفية معلّقة على شجرة مجاورة . ولدهشته اكتشف أن معظم المستخدمين له وأكثرهم حماساً لذلك هم أطفال (الجيتو) بين سنتى 6 – 12، ممن لم يحصل كثير منهم سوى على تعليم بدائي، ومعرفة بسيطة باللغة الإنجليزية ، ومع هذا تمكنوا في أيام – من تعليم أنفسهم (بأنفسهم) الرسم بالكمبيوتر، وتصفح الإنترنت .
وأضاف : وقد أذهلوني بالأشياء الكثيرة الأخرى التي تعلموها بالكمبيوتر مما لم يخطر لي على بال . ولما كرر الأستاذ ميترا التجربة في منطقة ريفية حصل على النتائج نفسها مما أقنعه أن خمسمائة مليون طفل هندي يمكن أن يتعلموا أبجدية الكمبيوتر في السنوات الخمس القادمة إذا وفرت الحكومة الهندية لهم مائة ألف جهاز في المدارس، ودربت المعلمين والمعلمات على تقنيات التعلّم الأقل تدخلاً أو احتياجاً . لكن المشكلة أن هذا العدد الكبير من الكمبيوترات يحتاج إلى نحو ألفي مليون دولار .