يروي الاخوة مخالفي اهل البيت عليهم السلام , أن الايات والعياذ بالله نازلة في شخص الرسول الاعظم صلوات الله عليه واله , والحقيقة ان الايات لم تشر الى هذا الامر, بل ان الروايات التي يروونها مردودة لضعفها سندا ومتنا كما سيتضح في البحث القصير التالي:
3- الروايات مضطربة متنا :
فعن عائشة حين جاءه ابن أم مكتوم كان عنده رجل من عظماء المشركين، وتارة أنه كان في مجلس في ناس من وجوه قريش منهم أبو جهل وعتبة بن ربيعة، وتارة أن اللذين كانا عنده عتبة وشيبة .
وفي الرواية عن ابن عباس أنه لقي عتبة والعباس وأبا جهل،
وفي الرواية عن أنس أبي ابن خلف،
وفي الرواية عن أبي مالك أمية بن خلف
وفي الرواية عن مجاهد عتبة بن ربيعة وأمية بن خلف، وفي رواية أخرى عنه أن رسول الله كان مستخليا بصنديد من صناديد قريش،
وفي الرواية عن الضحاك لقي رجلا من أشراف قريش، وأن هذا الاضطراب مما يلحق الرواية بالخرافة
4- إن ظاهر الآيات المدعى نزولها في هذه المناسبة هو أنه كان من عادة هذا الشخص وطبعه، وسجيته، وخلقه: أن يتصدى للغني، ويهتم به ولو كان كافراً ويتلهى عن الفقير ولا يبالي به أن يتزكى، ولو كان مسلماً.
وكلنا يعلم: أن هذا لم يكن من صفات وسجايا نبينا الأكرم >صلى الله عليه وآله<، ولا من طبعه، وخلقه.
كما أن العبوس في وجه الفقير، والإعراض والتولي عنه، لم يكن من صفاته >صلى الله عليه وآله< حتى مع أعدائه، فكيف بالمؤمنين من أصحابه وأودائه، وهو الذي وصفه الله تعالى بأنه {بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ}.
بل لقد كان من عادته >صلى الله عليه وآله< مجالسة الفقراء، والاهتمام بهم، حتى ساء ذلك أهل الشرف والجاه، وشق عليهم، وطالبه الملأ من قريش بأن يبعد هؤلاء عنه ليتبعوه، وأشار عليه أحدهم بطردهم، فنزل قوله تعالى: {وَلاَ تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ.
فيتضح مما تقدم:
أن المقصود بالآيات شخص آخر غير النبي >صلى الله عليه وآله< ويؤيد ذلك:
ما روي عن الإمام جعفر الصادق >عليه السلام<، أنه قال: كان رسول الله إذا رأى عبد الله بن أم مكتوم قال: مرحباً، مرحباً، والله لا يعاتبني الله فيك أبداً، وكان يصنع به من اللطف، حتى يكف عن النبي >صلى الله عليه وآله< مما كان يفعل به).
كما في :
تفسير البرهان ج4 ص428، وتفسير نور الثقلين ج5 ص509، ومجمع البيان ج10 ص437.
فهذه الرواية تشير:
إلى أن الله تعالى لم يعاتب نبيه في شأن ابن أم مكتوم، بل فيها تعريض بذلك الرجل الذي ارتكب في حق ابن أم مكتوم تلك المخالفة، إن لم نقل: إنه يستفاد من الرواية نفي قاطع حتى لإمكان صدور مثل ذلك عنه >صلى الله عليه وآله<، بحيث يستحق العتاب والتوبيخ؛ إذ لا معنى لهذا النفي لو كان الله تعالى قد عاتبه فعلاً.
هذا ولكن الأيدي غير الأمينة قد حرفت هذه الكلمة؛ فبدل : لا يعاتبني فيك الله ابدا ,
صارت : اهلا بمن عاتبني الله فيه ! وكما رأينا هي روايات ضعيفة مرسلة
الرواية الصحيحة :
- بينا ضعف الروايات وعدم حجيتها , ونردها ايضا لكونها معارضة بما هو أحسن منها طريقا، فقد روى أن الذي عبس في وجه الأعمى ونزلت فيه الآيات هو غير رسول الله
الصحيح ما جاء عن الإمام الصادق >عليه السلام<: أنها نزلت في رجل من بني أمية كان عند النبي >صلى الله عليه وآله< ؛ فجاءه ابن أم مكتوم.
فلما جاءه تقذر منه، وعبس في وجهه، وجمع نفسه، وأعرض بوجهه عنه، فحكى الله سبحانه ذلك عنه، وأنكره عليه
كما في :
مجمع البيان ج10 ص437 وتفسير البرهان ج4 ص428، وتفسير نور الثقلين ج5 ص509.
إن بعض الروايات تتهم عثمان بهذه القضية، وأنه هو الذي جرى له ذلك مع ابن أم مكتوم.
كما في : تفسير القمي ج2 ص405 وتفسير البرهان ج4 ص427، وتفسير نور الثقلين ج5 ص508.
ونحن نجد في عثمان بعض الصفات التي تنسجم مع مدلول الآية، كما تشهد له قضيته مع عمار حين بناء المسجد في المدينة، حين ردد عمار ما ارتجز به علي عليه السلام تعريضاً بعثمان:
لا يستوي من يعمر المساجـدا يــدأب قــائمـاً وقـاعــدا
ومن يرى عن التراب حائداً
والكلام السابق مأخوذ من كتب :
- الصحيح من سيرة الرسول الاعظم لاية الله جعفر مرتضى العاملي ( حفظه الله )
- تفسير الميزان لاية الله الطباطبائي ( قده)
-تنزيه الانبياء للشريف المرتضى ( ر)
-الهدى الى دين المصطفى ج1 للامام اية الله محمد جواد البلاغي ( قده)