ما هو مسلط من ضوء للتعريف بالأخلاق الراقية التي يتمتع بها المسلمون الشيعة غير كافٍ موضوعياً رغم الإكثار لديهم من التواظب لممارسة النشاطات الدينية المنوعة سواء المقرونة بمناسبة حلول ذكرى المواليد او الوفيات لرموز السلف في الإسلام ممن ضربوا أمثالاً عظيمة في إبداء مواقف الصبر والعدل والشجاعة والتضامن الإنساني.ففي أوصاف الشخصية الشيعية المحمدية الجذور حقيقة ما يشجع للاقتداء بها عبر اقتفاء أثرها وتأثيرها الإيجابيين التي عرفت به هذه الشخصية دوماً والباحث التاريخي الحيادي يلاحظ أن العبودية لله تبارك وتعالى والاعتراف اليقيني بوحدانيته عند الشيعة هما مسألتان غير قابلتان لأي تأويل يناف ذلك.واعتماد الشيعة على إحياء أمر الدين الإسلامي الحنيف وتبيان الحقائق التي تحكمت بكل نجاحاته ومكاسبه للبشرية جمعاء وكذلك التطرق لمسببات إخفاقاته بمختلف العصور فيه نوع من التذكير بـ(صفحات من الماضي الإسلامي) الذي لا يقر العقل المنصف واي ضمير حي على كون ما فات قد مات!ورغم مظلومية الشيعة بأكثر مراحل التاريخ الإسلامي وتحديداً بعد وفاة رمزهم الأول النبي محمد (ص) واستمرار هذه المظلومية حتى وقتنا الحاضر فإنهم امتازوا بإعطاء المثل الطيب في التعامل الشفاف مع محيطهم الاجتماعي ويمكن القول أن انطلاق توجهاتهم الدينية السلمية حتى مع أعدائهم او مناوئيهم او حاسديهم فيه الكثير من أداءات الحكمة ومتطلبات أن يبقى الشيعة حاملين للواء الإسلام بكل جدارة المحتسبين لله سبحانه وتعالى.
منقول إن (اسم الشيعة) لم يعد من المناسب أن يحصر بين قوسين كما يحلو أن يقوم بذلك من لا يريد أن يعرف جوهر الإسلام وتاريخه الحقيقي وبهذا الصدد لحري أن يتساءل كل من يبحث عن الحقيقة لماذا الشيعة مظلومين دون أي ذنب اقترفوه؟! فإذا ما عرف السائل أن التقييم الاعتباطي الصادر عن أي كان (شخصاً او جهة) هو في المحصلة النهائية محاولة كي يحرف وعي الأمة الإسلامية عن جادة الحق وتكمن الخطورة في ذلك أن من أولويات استهداف هذه المحاولة هو فك عضد المسلمين وتفريق كلمتهم وتشتيت تطلعاتهم الإيمانية الصحيحة.في مشارق الأرض مثلما في مغاربها ينتشر شيعة رسول الإنسانية محمد (ص) وآله ممن يلمس منهم التمتع بالخلق الرفيع والقناعة التامة بما قدر لهم الله العلي القدير بهذه الدنيا التي يعتبروها مجرد ممر تجارب يؤدي بهم الى جنة الخلد ولذا ترى شيعة النبي محمد (ص) والإمام علي (ع) وبقية آلهم الواحد في كل زمان ومكان مظلومين لا ظالمين وزاهدين لا مترفين وبمثل هذه الأنفاس الزكية المتواصلة بثبات منذ ظهور الإسلام قبل زهاء ألف وأربعمائة سنة قد جعلت صفحات التاريخ في النظر لمعالم الشخصية الشيعية الإسلامية المتفردة في امتلاك سمات السماحة بما هو غني عن التعريف بها.إن جهاد الشيعة في فتح الصدور الرحبة لديهم بحقل الحوار والتحاور مع بقية أخوتهم المعتنقون المذاهب الإسلامية الأخرى فيه من الدلائل على كون مبدأ (إعلاء كلمة الله) عند الشيعة هو أحد أهم بنود دستور حياتهم في علاقاتهم الخاصة والعامة. ولذا فليس كثيراً على الشيعة أن يمتازوا تجاه من يسيء إليهم أحياناً بالصمت المحبب والدعوة لضرورة الرجوع الى العقل وتحكيم الضمير بأي خلاف يقع مع الآخرين رغم أن ضريبة هذا المبدأ المرن قد أدى الى أن يقدم الشيعة الضحايا والقرابين بأكثر العهود المنصرمة.إن الشيعة المبدأيين والمتنورين بأنوار الثقافة الإسلامية الحضارية يمتازون بطبيعة سايكولوجية راقية فهم مجبولون أساساً لعدم الإساءة للآخرين حتى مع الخصوم الألداء وسيرة الفرد الشيعي الحريص على حفظ مذهبه المحمدي يستقوي دوماً بشعور فيه مسؤولية عميقة في نفسه ممكن لمسها من تمسكه الشديد بما دعا إليه خاتم الأنبياء الرسول محمد (ص) والنهي بما نهى (ص) عنه وفي ذلك كل الصلاح الذي يريده الله عز وجل لكافة المسلمين أن يكونوا عليه.ولأن الإسلام عقيدة سماوية غير قابلة للتجزيء ويدعوا لزيادة آصرة الإيمان والأخون بين المسلمين من جهة وكذلك مع غير المسلمين أيضاً وفي ذلك توجه إنساني سليم فإن هذا لا ينكر وجود من هم متلبسون بلباس المذهب الإسلامي الشيعي ممن يسيئون الى سمعة الشيعة ولا بأس من الاعتراف أيضاً بأن بين مسلمي المذاهب السنية الإسلامية من يسيء الى الإسلام علناً او ضمناً وأن أي ابتعاد عن المبادئ السمحة للإسلام يساهم بخلق وضع مزر بين المسلمين وهذا ما ينبغي أن يتصدى له المخلصون من المسلمين الشيعة والسنة بآن واحد بخطوات رصينة ومشتركة في ما بينهم.ولعل في تحلي جميع المسلمين بأخلاقيات الشيعة الرصينة مدخل مناسبة لتقوية صحة العقيدة الإسلامية بين صفوفهم ونهج إيماني صحيح يرضي الله سبحانه وتعالى ويرضي رسوله (ص).