|
عضو نشط
|
رقم العضوية : 73209
|
الإنتساب : Jul 2012
|
المشاركات : 214
|
بمعدل : 0.05 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
السلوك الزينبي
المنتدى :
المنتدى الثقافي
بتاريخ : 16-08-2012 الساعة : 05:30 AM
35. في رحاب سورة الإنسان
قلت: « لماذا اختارَ سورة الإنسان ليتلوها ؟ ».
قال الهادي: « لسنا ندري الحكمة في ذلك، ولا حاجة لنا بأن ندري. كلّ الذي يلزم أن ندريه هو أنّ كلّ ما يفعلونه ويقولونه قائم على الحكمة والصواب والصلاح. أمّا القول بأن حكمة ذلك هو هذا وليس ذاك، فإنّه فضلاً عن كونه نوعاً من الفضول، فهو ينطوي على الخطر أيضاً، لأنّه قد يحتمل الكذب والتكذيب. وكلّ الذي نستطيع أن نقوله هو ما يتوصّل إليه إدراكنا، فهذه السورة تدور حول فضائل الإمام عليّ عليه السّلام وأهل بيته، وهؤلاء يحبّون عليّاً سلام الله عليه، ولذلك فإنّهم يحبّون هذه السورة أيضاً، لما فيها من ذكر فضائل أمير المؤمنين عليّ عليه السّلام. وكنتَ أنت نفسك قد قلت: أنّك تحبّها أيضاً: « ويُطْعِمُونَ الطَّعَام عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأسِيراً (78).
ففي ذلك إشارة إلى مصيبته ومصيبة أبيه عندما طلب الماء فلم يسقوه، مع أن الماء بلا ثمن، وهذا اليتيم والمسكين والأسير أفضل بكثير من أيّ يتيم ومسكين وأسير. مع ذلك، فمن الحكمة أن لا نتحدّث عن الحكمة في أعمالهم ».
قلت: « إذا كان غرضه هو هذا الذي قلته أخيراً، فإنّه يدلّ على أنّ دماءهم ما زالت فائرة ».
قال: « هي كذلك بالطبع، وما ذاك الأثر الأحمر تحت رقبته إلاّ توكيد لما أقول، بل هو أقوى دليل، وإنّهم لأشدّ منّا انتظاراً للفرج حتّى ينتقموا، وإلاّ فإنّ دماءهم لن تهدأ عن الفوران، مثلما أنّ فوران دم يحيى النبيّ عليه السّلام لم يسكن إلاّ بعد أن قُتل من بني إسرائيل سبعون الفاً أو سبعمائة ألف » (79).
قلت: « لقد قال: إنّ هذه الخلعة تناسب هذا العالم، وكلّ حسنات هذا العالم ظلّ لذاك العالم ».
قال: « هو كذلك، مثلما إنّ الدنيا ظلّ لهذا العالم، فكلّ ما هو فوق تجد صورة له تحت. إنّ كلّ المحاسن والكمالات تعود للوجود، ويمكن أن تنزل إلى أيّة درجة من درجات الوجود وتضعف، فيضعف أيضاً وجود الكمالات وآثارها » (80).
وإذ رأى الهادي أنّني لا أكفّ عن ذكره والتفكّر فيه، وأنّ تلك الجولة في الحدائق لا فائدة فيها، عُدنا إلى البيت، وهناك قال: « إنّ لنا أن نبقى هنا عشرة أيّام لإعداد أنفسنا وتهيئتها، واستعادة قوانا قدر ما نستطيع، لأنّ الطريق يكثر فيه قُطّاع الطرق الأشدّاء، وأنت ضعيف في قواك، لذلك عليك أن تزور دارك الدنيوية ليلة الجمعة، فلعلّهم يذكرونك بمقتضى: اذكروا أمواتكم بالخير، فيكون ذلك سبباً في اشتداد قوّتك ».
___________________________________
78 ـ الإنسان / 8.
79 ـ في هذا إشارة إلى حكاية ذبح نبي الله يحيى بن زكريا عليه السّلام بسبب تلك المرأة الفاجرة ووضع رأسه في الطست، ووقوع قطرة من دمه على الأرض، فأخذت تفور كينبوع من الدم، وكان من نتيجة ذلك أن نزل البلاء وتسلّط نبوخذ نصّر على بني إسرائيل وقتل الكثير منهم، حتّى توقّف فوران الدم على أثر قتل امرأة عجوز كانت هي سبب قتله. ولقد وردت هذه الحكاية بالتفصيل في بعض التفاسير وكتب التاريخ وقصص الأنبياء عليهم السّلام.
80 ـ فيما يختصّ بتنزل الوجود وترقّيه في العوالم ونشآته المختلفة لا نجد سنداً في الكتاب ولا في السنّة ولا في روايات أهل البيت عليهم السّلام. بل هو موضوع تتناوله الفلسفة في افتراضات تطبق عليها أحوال البرزخ ويوم القيامة والأرواح.
والحقيقة أنّ الآيات والروايات لا تتطابق مع الفلسفة اليونانية التي دخلت المعارف الإسلاميّة بعد نزول القرآن وفي عهد المأمون لتأييد سياسة الحكّام العباسيين، بل هي تخالفها وتناقضها. (راجع: موضوع السماء والعالم في المجلد 14 من بحار الأنوار، للعلاّمة المجلسيّ في مبحث الروح).
|
|
|
|
|