|
عضو برونزي
|
رقم العضوية : 72956
|
الإنتساب : Jun 2012
|
المشاركات : 564
|
بمعدل : 0.12 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
منتدى القرآن الكريم
القران نور في ظلمات الليل
بتاريخ : 14-08-2012 الساعة : 04:39 PM
عن أبي سعيد الخدري قال: خطبنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال في خطبته:
« لا عيش إلاَّ لعالم ناطق أو مستمع واع. أيُّها الناس، إنَّكم في زمان هدنة وإنَّ السير بكم سريع، وقد رأيتم الليل والنهار كيف يُبليان كلَّ جديد ويقرّبان كل بعيد ويأتيان بكل موعود » فقال له المقداد: يا نبيَّ الله، وما الهدنة؟ فقال (صلى الله عليه وآله):« دار بلاء وانقطاع، فاذا التبست عليكم الاُمور كقطع الليل المظلم، فعليكم بالقرآن، فإنّه شافع مشفَّع وصادق مصدَّق، ومن جعله أمامه قاده إلى الجنة، ومن جعله خلفه ساقه إلى النار ...»
شرح الحديث
يخاطب الرسول (صلى الله عليه وآله) في هذا الحديث الناس ويقول لهم: انهم في حال هدنة، وهم فيها مختارون أحرار، والدنيا تسير بسرعة والليل والنهار يحولان الجديد بالياً عتيقاً ويقرّبان البعيد ويأتيان بالموعود. وهذا ما نلاحظه ونعجب منه دائماً، فان البيئة التي نعيش فيها غير ساكنة ولا هدوء فيها وكل شيء يتحرك بتسارع خاص ويتغيّر بنحو وآخر. لاحظوا حالات الانسان، فالأطفال يشبّون بسرعة والشباب يتّجهون نحو الشيخوخة والشيوخ نحو القبور، وبين الحين والآخر نقرأ إعلان وفاة شخص، وذلك إنذار لجميع البشر.
ثمّ يسأله المقداد عن مراده من الهدنة، فيجيبه بأنها دار بلاء وانقطاع وأن الله لا يجازي الانسان على أعماله فيها مباشرة، بل يتركه إلى يوم آخر.
ثمّ أصدر أمراً ورد بنحو مستقل في روايات اُخرى، حيث قال: «فاذا التبست عليكم الاُمور كقطع الليل المظلم فعليكم بالقرآن فانه...».
في عبارة جعل القرآن في الخلف أو في الأمام يوجد احتمالان:
الاول:الاهتمام بالقرآن وعدم الاهتمام به.
الثاني:أن يكون القرآن معلماً ومرشداً للانسان لا وسيلة بين يديه، أي على الانسان أن يعرض نفسه على القرآن لا يعرض القرآن على نفسه.
البعض من الناس يحكم في موضوع ويطلق فكرته في البداية ثم يسعى للحصول على مبرّر من القرآن، وبعد ما يجد ما يبرّر فكرته من آية يتمسك بها ويترك ما بقي من آيات، وهذا مصداق الآية الكريمة: ( نؤمن ببعض ونكفر ببعض)، وانسان من هذا القبيل جعل القرآن خلفه لا أمامه.
الكثير من المذاهب المنحرفة في الاسلام (من قبيل الوهابية) مبتلية بهذا المرض، وعندما نلاحظ عقائدهم وندقق فيها نراهم قد تركوا الآيات الواضحة الدلالة وتمسكوا بالآيات التي تحتمل وجهين، واعتبروها منطبقة على عقائدهم.
ويقابل هؤلاء بعض يعدون أنفسهم تلامذة للقرآن ولا يرون غير ما يرى القرآن، ويعتبرونه حلالاً لمشاكلهم، فهم مصاديق للآية الكريمة: ( فلا وربّك لا يؤمنون حتى يحكّموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً ممّا قضيت ويسلّموا تسليماً ).
لابدَّ أنكم سمعتم بما ورد في (نهج البلاغة) بأن الاسلام هو التسليم،
والانسان لا يكون مسلماً حقيقياً ما لم يسلّم نفسه تسليماً خالصاً للقرآن، ومن غير الصحيح أن نحمّل القرآن عقائدنا، فذلك يعد نوع اعتداد بالنفس وعبادة لها، في وقت يأمر القرآن المسلم التسليم إليه في الظاهر والباطن.
ورغم التأكيد الوارد في هذا المجال فان القرآن لم يحتل مقامه المناسب لشأنه في حوزتنا، وليتنا نهتم بالقرآن بقدر اهتمامنا بعلم المعاني والبيان، ففيه كل شيء، كما ورد هذا المعنى في الآية الكريمة: ( ولا رطب ولا يابس إلاَّ في كتاب مبين ).
البعض من أمثال الوهابين يهتمون بألفاظ القرآن فحسب ويسعون حثيثاً في مجال قرائته، ولا شأن لهم بمحتواه، وعندما يقرأ القارئ آيات كثيرة بنفس واحد يطلقون صرخات الله، لكنهم يسكتون في آيات القيامة إذا لم تُقرأ بنفس واحد.
القرآن مظلوم بيننا، والمفروض أن يصبح منهج دراساتنا، وعليكم إقامات حلقات تفسيره عنوانها (ماذا يقول القرآن) لا (ماذا أقول أنا)، والمهم أن تكونوا أصحاب عقيدة تتعاملون مع القرآن أكثر فأكثر، وبذلك تكتسبون نورانية وصفاء طازجاً، نورانية فكر الانسان تحصل عندما يبدأ تعامله مع القرآن.
واعلموا أن عليكم ثلاث وظائف فيما يخص القرآن، هي تلاوته وفهمه والأهم من ذلك العمل به.
|
|
|
|
|