آية الله الشهيد السيد محمد الحسيني البهشتي (قدس سره )
1346 هـ ـ 1401 هـ
ولادته:
ولد السيد محمد الحسيني البهشتي في اصفهان 1346هـ م في وسط عائلة دينية .كان والده من علماء الدين.
دراسته وأساتذته :
ـ تعلم في احدى الكتاتيب القراءة والكتابة بسرعة فائقة ، وبالخصوص قراءة القرآن الكريم وعرف بين اقرانه بالذكاء.
ـ أنهى مرحلة الدراسة الابتدائية في احدى المدارس الرسمية بأصفهان، ثم اكمل الصف الثاني من مرحلة الدراسة المتوسطة.
ـ في عام 1360 ترك الدراسة وانخرط في سلك طلاب العلوم الدينية والتحق بمدرسة الصدر في اصفهان، بسبب شغفه للعلوم الاسلامية.
ـ خلال الفترة من عام 1360 ـ 1364 م درس في اصفهان الادب العربي والمنطق والفقه والاصول وطوى هذه المرحلة بسرعة.
ـ تعلم اللغة الانجليزية بمساعدة أحد أقاربه عندما كان في أصفهان.
ـ في عام 1364 م هاجر الى مدينة قم المقدسة لمواصلة دراسته الحوزوية، وأكمل دراسة المرحلة الأولى من الفقه خلال ستة أشهر.
ـ منذ بداية عام 1365هـ م واصل دراسته في المرحلة الثانية في (الفقه والاصول)، عند آية الله السيد الداماد وكذلك عند الامام الخميني ، ثم درس بعدها عند آية الله العظمى السيد البروجردي ، وكذلك آية الله العظمى السيد الخونساري، كما تعلم بعض العلوم من آية الله الكوهكمري ، ودرس الكفاية عند آية الله الشيخ مرتضى الحائري، وكان قد درس المنظومة والمنطق والكلام عندما كان في اصفهان لكنه توقف عن مواصلتها في قم بسبب قلة الاساتذة في علم الفلسفة.
ـ في سنة 1366هـ حصلت له رغبة بالعودة الى مواصلة الدراسة الاكاديمية، فتمكن من الحصول على شهادة الاعدادية ثم دخل كلية الالهيات في طهران، وحاز على شهادة البكالوريوس منها. وخلال دراسته في الجامعة اتقن التحدث باللغة الانجليزية التي كان قد تعلمها في اصفهان.
ـ عاد الى مدينة قم لمواصلة دراسته الحوزوية ، وفيما بين عام 1369 ـ 1374هـ م أخذ يُكرّس جزءاً من وقته لدراسة الفلسفة.
ـ في عام 1384هـ حاز على شهادة الدكتوراه في الفلسفة من جامعة طهران.
ـ عمل السيد البهشتي في مهنة التدريس في الحوزة العلمية في اصفهان وقم.
سيرته واخلاقه :
كان مستقل الارادة ، وكان يسبق الزمن دائماً ، محباً للتجديد مناهضاً للسنن البالية ، شجاعاً لايخشى المجابهة ، وقد واجه التقاليد السقيمة الموروثة ، ومن صفاته الاخرى هي عدم التواكل ، فحيثما كان يرى ضرورة عمل ما كان يؤدّيه بلا تخوف فلو كان ـ على سبيل المثال ـ يرى ضرورة أن يكون إماماً لأحد المساجد لكان يسارع إليها ويقوم باداء جميع المهام المتعلقة به . ولم تكن همته تقتصر على يومه فالسيد البهشتي كانت لديه على الدوام أفكار على المدى البعيد .
ومن الصفات الاخرى التي لايتصور أحد وجودها في شخصيته وبهذا القدر من العمق هي سمة التعبّد، كان يؤدي صلاته بإخلاص تام، ومن خلال سلوكه يتضح أنه كان يرمي الى تطبيق الاحكام الشرعية بشكل دقيق .
ومن سجاياه الاخرى هي ترغيبه وتشجيعه لجميع الاصدقاء على ممارسة النشاطات الجماعية، وكان يتميز بحرية التفكير وإلتزام أصول الحرية في التعامل مع آراء وانتقادات الآخرين ، وكان حليماً بمعنى الكلمة لايطفح كيله بسرعة، وكان واثقاً من نفسه لايشعر بالوهن في مجابهة المهام الكبرى ، ومتأهباً لمواجهة أية مشكلة والتغلب عليها، ومن البديهي ان مثل هذا الإنسان قادر على ان يكون مديراً ناجحاً.
نشاطاته ومواقفه :
يمكن ايجازها بما يأتي :
1 ـ قام بتأسيس مدرسة في قم اسمها (متوسطة الدين والعلم) ، بالتعاون مع زملائه لغرض تثقيف الشباب بالثقافة الإسلامية الإصيلة وايجاد حركة ثقافية لاعداد الكوادر اللازمة، والتزم مسؤولية إدارة هذه المدرسة.
2 ـ أوجد حركة ثورية طلابية عن طريق توثيق الصلات بين الحوزة العلمية والجامعة ، لأنه كان يعتقد بأن الطلاب الجامعين وطلبة الحوزة يمكنهم التكاتف والتضامن التام ، على العمل وفق الاسس التي دعا إليها الاسلام.
3 ـ تأليف الكتب الإسلامية بلغة حديثة وفق اسس العقيدة الاسلامية، تنسجم مع طبائع الجيل الجديد.
4 ـ قام بالتنسيق مع العلماء الاعلام في الحوزة العلمية بقم ، لغرض اعداد برنامج خاص لدراسة العلوم الاسلام وكان ثمرة ذلك تأسيس مدرسة (الحقاني) أو (المنتظرية) نسبة الى الإمام المنتظر (عج) كنموذج لهذا المشروع.
5 ـ ذهابه الى مدينة هامبورغ في (المانيا) لتنظيم أمور مسجد هامبورغ، الذي أسسه السيد البروجردي حيث قام بتأسيس الاتحاد الاسلامي للطلبة الايرانيين هناك، وبدأ بنشر الاسلام الثوري في أوربا وقارة أمريكا.
6 ـ المساهمة الفعالة بتشكيل رابطة العلماء المجاهدين في ايران، التي قادت الثورة الاسلامية ضد نظام الشاه، حيث قامت هذه الرابطة بالتظاهرات والنشاطات السياسية ضد الحكم الشاهنشاهي ، حتى تحقق النصر الإلهي.
7 ـ سافر الى باريس والتقى بالإمام الخميني عندما كان هناك، وقام بوضع اللبنة الأولى لمجلس قيادة الثورة الاسلامية في ايران، وكان ذلك قبل سقوط الشاه.
8 ـ قام في سنة 1370هـ ـ أيام الحركة الوطنية التي قادها آية الله الكاشاني والدكتور محمد مصدق ـ بالقاء خطاب في اصفهان تحدّث فيه حول عدم قدرة الشعب الايراني على تحمل المطامع الاستعمارية ، التي كانت تستهدف نهب ثرواته.
9 ـ دعمه لإنتفاضة (15 خرداد) التي قادها الامام الخميني ضد الشاه في سنة (1381هـ=1962 م )، وقيامه بالتنسيق مع العلماء بتأسيس (جمعية الطلبة) في مدينة قم ، وعلى اثرها تم إبعاده من قبل النظام الى طهران.
شهادته :
استشهد آيه الله السيد البهشتي (قدس سره) في حادث انفجار مقر الحزب الجمهوري الاسلامي بطهران على أيدي المنافقين اعداء الثورة الاسلامية في ايران، وذلك سنة 1401 هـ (1981 م ) ، وعلى اثر ذلك اعلن الامام الخميني (قدس سره) الحداد العام في ايران وأصدر بياناً تأبينياً جاء فيه :
فقد الشعب الايراني في هذه الفاجعة الكبرى (72) برئياً … ويعتز الشعب الايراني بأن يقدم هؤلاء انفسهم نذوراً لخدمة الإسلام والمسلمين … أبارك واعزي مرة اخرى بقية الله أرواحنا له الفداء والشعوب المظلومة في العالم والشعب الايراني المجاهد … واسأل الله سبحانه الرحمة الواسعة لهؤلاء المظلومين والصبر والسلوان لذويهم المحترمين… .
وتم تشييعه (رحمه الله) تشييعاً مهيباً مع باقي شهداء الحادثة الاليمة وتم دفنه في مقبرة جنة الزهراء جنوب طهران.