لماذا نحزن ونبكي على رسول الله وأهل بيته (عليهم السلام) مع أنهم في الجنة؟
بتاريخ : 21-06-2012 الساعة : 02:46 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
لماذا نحزن ونبكي على رسول الله وأهل بيته (عليهم السلام) مع أنهم في الجنة؟
أولا لا شك أن جميع الأئمة الأطهار وسيدنا الإمام الحسين عليه السلام هم في الجنة، لكن ذلك لا يمنع من البكاء عليهم لفقدنا إياهم ولاستذكار حياتهم وتضحياتهم واستلهام الدروس والعبر والتعاليم من سيرهم المشرقة، فالحزن والبكاء رحمة كما قال النبي عليه وعلى آله الصلاة والسلام.
وأنت بهذا الإشكال تطعن من حيث لا تدري بالنبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم! لأنه ثبت أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قد حزن وبكى على عمّه حمزة (عليه السلام) مع أنه بلا شك في الجنة! كما حزن وبكى على ابن عمّه جعفر الطيار (عليه السلام) مع أنه بلا شك في الجنة! كما حزن وبكى على ابنه إبراهيم (عليه السلام) مع أنه بلا شك في الجنة! كما حزن وبكى على كثير من شهداء المسلمين الصالحين مع أنهم بلا شك في الجنة!
وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يأمر أحيانا المسلمين بأن يبكون إذا رآهم لا يبكون ويشجعهم على ذلك! فقال معاتبا المسلمين: ”ولكن حمزة لا بواكي له“ فأخذ المسلمون بتجهيز حلقات العزاء والبكاء عليه سلام الله عليه. (راجع مسند أحمد ج2 ص40 والاستيعاب ج1 ص275 وغيرهما).
وكذلك أمر (صلى الله عليه وآله وسلم) بأن يبكي المسلمون على جعفر الطيّار (عليه السلام) فقال: ”على مثل جعفر فلتبك البواكي“. (أنساب الأشراف ص43).
بل إنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قد حزن وبكى على سبطه الإمام الحسين (عليه السلام) حتى قبل أن يستشهد ويذهب إلى الجنة! كما رواه المخالفون في مصادر عديدة منها ما أخرجه الحاكم ”عن أم الفضل بنت الحارث أنها دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ووضعت الحسين عليه السلام في حجره، ثمّ حانت منها التفاتة فإذا عينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تهريقان من الدموع! فقالت: يا نبي الله بأبي أنت وأمي مالك؟ قال: أتاني جبرئيل عليه السلام فأخبرني أن أمّتي ستقتل ابني هذا! فقلت: هذا؟ فقال: نعم، وأتاني بتربة من تربته حمراء“. (أخرجه الحاكم النيسابوري في المستدرك على الصحيحين ( 3 / 176 ) وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وأخرجه الحاكم أيضاً في ص 179، وأخرجه الحافظ البيهقي في دلائل النبوة، وأخرجه الحافظ ابن عساكر في تاريخ الشام، وأخرجه الحافظ الخوارزمي ( 1 / 158 ـ 159 و 162).
وكذلك ما أخرجه البيهقي ”عن أسماء بنت عميس قالت: حبلت فاطمة بالحسن والحسين... فلما ولد الحسين جاءني النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا أسماء هاتِ ابني فدفعته إليه في خرقة بيضاء، فأذّن في أذنه اليمنى وأقام في اليسرى، ثمّ وضعه في حجره وبكى! قالت أسماء: فقلت: فداك أبي وأمي ممّ بكاؤك؟ قال: على ابني هذا قلت: إنه ولد الساعة! قال: يا أسماء تقتله الفئة الباغية لا أنالهم الله شفاعتي. ثمّ قال: يا أسماء لا تخبري فاطمة بهذا فإنها قريبـة عهد بولادتـه“. (أخرجه الحافظ أحمد بن الحسين البيهقي، والحافظ أبو المؤيّد الخوارزمي خليفة الزمخشري في مقتل الحسين (1 / 87 ـ 88 )، وذكره الحافظ محبّ الدين الطبري في ذخائر العقبى: 119، وأخرجه السيّد محمود الشيخاني المدن في الصراط السوي).
ونحن المسلمون نقتدي برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فنبكي على الحسين وعلى أهل بيت النبي (عليهم الصلاة والسلام) مع أننا نعلم كما كان هو (صلى الله عليه وآله وسلم) يعلم أنهم جميعا في الجنة وأحياء عند ربهم يرزقون، ولكننا نبكي على فقدنا لهم ونستذكر تضحياتهم فيكون لهذا أعظم الأثر في زيادة إيماننا وتقوية ديننا فهذه المنابر الحسينية تعتبر مدارس دينية علمية تنشر رسالة الإسلام في كل مكان.