العودة   منتديات أنا شيعـي العالمية منتديات أنا شيعي العالمية المنتدى الثقافي

المنتدى الثقافي المنتدى مخصص للكتاب والقصة والشعر والنثر

 
   
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next

الصورة الرمزية زكي الياسري
زكي الياسري
شاعر
رقم العضوية : 39574
الإنتساب : Aug 2009
المشاركات : 1,995
بمعدل : 0.36 يوميا

زكي الياسري غير متصل

 عرض البوم صور زكي الياسري

  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : المنتدى الثقافي
افتراضي نقد الشعر الشعبي العراقي / بقلم د. هاشم الفريجي
قديم بتاريخ : 04-06-2012 الساعة : 10:02 PM


موضوع استفدت منه كثيراً وهو بعنوان :
نقد الشعر الشعبي العراقي
بقلم الدكتور هاشم نعمة الفريجي

(الجزء الاول)

لم يحظَ الشعر الشعبي العراقي على طول مراحله وتعدد فنونه وكثرته على نقد منهجي يحاول سبر أغواره والوقوف على إبداع شعرائه وإظهار ما له وما عليه، وعلى كثرة ما ألف في الإبوذية وفي غيرها من فنون الشعر الشعبي من كتب جمع مؤلفوها أبياتها بجهد وواصلوا سعيهم لرفد القارئ العراقي بتراثه وإطلاعه على تاريخه الأدبي وما خلفه له أجداده من آداب يفخر بها ويعتز بمؤلفيها، إلا ان الكثير منهم لم يتعد حدود النقد بمدح هذه الأبيات والإشادة بشعرائها.

فلو تصفحت أي كتاب في الإبوذية أو غيرها من الأسواق لن تجد كتابا يقول لك ان وزن هذا البيت ليس صحيحا او يناقش جناساته ومدى صحتها، وما أتى به الشاعر من كلمات في حشو أبياته او يتطرق إلى معانيه الدقيقة إلا ما ندر. ويكاد يكون ما قام به الباحث الأستاذ عامر رشيد السامرائي في كتابه مباحث في الأدب الشعبي أول دراسة شاملة لمفهوم الأدب الشعبي العراقي وأساليب بنائه مركزا على بلاغة الإسلوب واختيار الكلمات ووضوح المعاني وبيان الفكرة، وأوضح ان على الشاعر ان يَجدَّ في اختيار ألفاظه ويعتني في وضع معانيه، حيث ميز بين مصطلح الشعبي والعامي وانتقد الشعراء الذين يستخدمون عبارات (سَوْقية دارجة) في أبياتهم او قصائدهم، وقال في مقدمة بحثه:

إن دراسة الشعر الشعبي يجب ان لا تقتصر على تبيان أنواعه وأوزانه وتثبيت النصوص فحسب، بل تتطلب بحثا مسهبا وعلميا لا يغفل الدقائق اللفظية او المعنوية. وأكد على ان الأدب هو التعبير بإسلوب رفيع يراعى فيه انتقاء الألفاظ والتراكيب واختيارها. وهذا ما ينبغي تطبيقه على الأدب الشعبي، فكل امرئ معرض للانفعال وهناك كثيرون يقدرون على إيجاد معان جيدة يغفل عنها آخرون ولكنهم يفشلون في التعبير عنها فالتعبير المطلق عن المعاني لا يدل على ان ذلك هو الأدب، بل يشترط ان يكون التعبير جيدا ومختارا. ونحن إذا اعتبرنا كل تعبير باللهجة العامية هو أدب شعبي أدى ذلك بنا إلى اعتبار الكلام السائر والذي يتبادله الناس في الأسواق والمقاهي وفي البيوت أدبا شعبيا. إن الأدب الشعبي على سذاجته لا يخلو من الاقباس الفنية والموهبة الحساسة وان الشاعر يستعمل خلاصة الأفكار العامية ويختار الألفاظ الموحية او ذات الجرس الجميل او المعنى الدقيق ويسلك فيها سلوكا هو اقرب إلى السلوك الفني.

ويكمل السامرائي حديثه فيذكر ان الشيخ مزهر آل فرعون وهو من الرجال الأفاضل الذين يعنون بالأدب الشعبي كتب إليه في عام 1968م. يقول : اعلم أيها الأخ الأديب ان للشعر الشعبي قواعد وأصول تختلف كثيرا عما تسمعونه في الاذاعة العراقية من بعض الشعراء المحترفين او ما هو مدوَّن في بعض الكتب المطبوعة حديثا او ما تسمعون من بعض الحَفَظَه، وانما للشعر الشعبي قواعد وأوزان وبحور يرتبط بها كل منظوم على شكل ووزن وقاعدة مضبوطة. ثم يقول ان الشعر الشعبي يجب ان يكون متماسكا او متناسبا والا يكون متناثرا ولا يقصد منه ناظمه إلا (الترهيم) وربط البعض بالبعض بلا تناسب ولا اتزان كأمثال بعض الشعراء من هذا النوع الذين طبعت لهم دواوين وهي لو تصفحتها لوجدتها جُلَّها إذا لم أقُل كلها لا تمت إلى الشعر الشعبي بصلة.

ويقول الشيخ جلال الحنفي في تقديمه للكتاب: وكان المظنون إلى يوم الناس هذا ان العامي لا يُخطئ لأنه لا يزال له حق وضع الكَلِم والألفاظ وتعيين المعاني على نحو ما يستقيم على لسانه ويطمئن إليه سمعه. ولكن الأستاذ المؤلف شاء ان يضع حدا لهذه المقولة فسجل على الشاعر العامي ما سجل من أخطاء ومآخذ.

ويعلق الشيخ جلال الحنفي على إسلوب الأدب الشعبي فيقول:

(وفي دراسة الأدب الشعبي العامي واستكناه حقائقه واستكشاف دواخله وبواطنه ما يفيد فائدة ظاهرة في معرفة الأواصر التي تربط بينه وبين الأدب الفصيح ومن هنا سيكون في متناول أهل هذه الصناعة ان يرتفعوا بمتأدبة العامة وشعرائهم إلى مستوى أعلى من مستواهم في الأداء والبيان بحيث يقربهم إلى المنطق الفصيح واللسان المبين).

ويمكننا تحديد المبادئ العامة العريضة التي يمكن إتباعها في نقد الشعر الشعبي حيث يتبين ان نقد الشعر الشعبي شبيه ومطابق لنقد الشعر الفصيح، فالاثنان يركزان على اختيار العبارات الصحيحة في أماكنها وعلى ذكاء الشاعر في طرح أفكاره وارتباط معانيه وبلاغته في التأثير على سامعيه وفي ابتعاده عن الكلمات السوقية المبتذلة. كما عليه الالتزام بقواعد اللهجة العامية مثلما يلتزم شعراء الفصيح بقواعد اللغة العربية الفصيحة، مع فارق الفسحة الواسعة من عدم التزام قواعد النحو طبعا لدى الشعراء العاميين وحريتهم في استعمال الكلمات غير العربية او المعرَّبة من لغات دول مجاورة بحسب الحدود الجغرافية وكذلك خصوصيات المناطق الشعبية وتعدد لهجاتها واستخدام الحروف الأعجمية كثيرا في الشعر الشعبي مما لا يعيبه باعتبار ان الشاعر يستخدم موارده المتاحة من المفردات مهما كان نوعها واصلها طالما كانت مستخدمة في اللهجة المحلية الدارجة.

وبرغم اختلاف اللهجة العامية عن اللغة الفصحى في ما مر ذكره وعدم ظهور علامات الإعراب عليها كفرق واضح بين الاثنتين، إلا أنهما مكونتان من جمل والجمل مكونة بدورها من مفردات. وعلينا ان ندرك ان الغاية من الجملة في اللغة واللهجة هي إيصال المعنى المفهوم والمفيد إلى المتلقي. وفي هذا الجانب لا يوجد اختلاف بين العامية والفصحى، مثلما لا يوجد اختلاف بين لغات الأمم والشعوب رغم اختلاف ألسنتهم وقواعد لغاتهم.

ولو لم يكن للشعر الشعبي شروطه وقواعده التي يسير عليها ويلتزم بها الشعراء لما ميز النقاد والعارفون بين المبدعين من فطاحل الشعراء وبين غيرهم ممن لا يحسبون على الأدب والشعر، ولضاعت علينا طرق الدراسة والتوثيق وحتى التمتع بطعم الأدب الشعبي.
إن لكل شيء أصول وضوابط يسير عليها وكلما سَمَت العلوم والآداب سمت معها قوانينها وأساليب تطبيقها شيئا فشيئا، والأدب الشعبي أحوج ما يكون إلى تلك الضوابط التي تجعله أهلا للرسوخ والاستمرار طالما كان نابعا من عمق المشاعر الشعبية الإنسانية ومخاطبا لها بإسلوب مرهف ورفيع. ولو ان الشعراء لم يلتفتوا إلى الرقي بشعرهم وتحسينه لما حصلنا اليوم على تلك الجواهر الثمينة من عمق بحار الأدب الشعبي والتي أصبحت أمثلة تحتذى في ما يجب ان يكون عليه الشعر الشعبي.

إن تحرر اللهجة العامية من قواعد النحو خصوصا والصرف عموما لا يعطي الحق للشعراء في صياغة أبياتهم كما يشاءون دون الرجوع إلى قواعد اللهجة العامية التي هي في الأساس متحدرة من أمها الفصحى في كل شيء تقريبا. فهناك الاسم المفرد والمثنى والجمع بأنواعه: المذكر السالم والمؤنث السالم وجمع التكسير وجمع الجموع وهناك المؤنث والمذكر.

ولا تختلف أدوات الاستفهام عن مثيلاتها الفصيحة حتى في استخدامها للتعجب او الاستنكار او الترجي، ولا الجمل الشرطية في وجوب وجود جملة الشرط وجوابه ولا أسماء الإشارة بنوعيها للبعيد والقريب والمفرد والجمع تأنيثا وتذكيرا، وكذلك الضمائر الظاهرة والمستترة.
أما الأفعال فهي كما في الفصحى ماض ومضارع وأمر، ولابد من مطابقة الفاعل لفعله تأنيثا وتذكيرا افردا وجمعا، أما الحروف بأجمعها كحروف الجر والقسم ففيها اختلاف من ناحية استخدام الواو كحرف عطف وحيد ولا يستخدم الفاء ولا ثُم في اللهجة العامية.

إلا ان شعراء الإبوذية والموال بشكل خاص يستخدمون كلمات فصيحة في أشعارهم ويستعملون فيها هذه الأحرف. وهذا ينطبق أيضا على حرف التشبيه الكاف الذي لا يستخدم في العامية ولا حرف السين في الاستقبال إلا ما ندر في الشعر. وفي اللهجة العامية تتبع الصفة الموصوف مثل آختها في الفصحى تماما كما تأتي الجمل الاسمية والفعلية حالا وصفة لأسماء ذكرت في الجملة، ومع كل هذا فان الشعراء يعمدون إلى تجميل أبياتهم بالكلمات الفصيحة بين الحين والآخر اضطرارا كما في الجناس او اختيارا كما في مجاراة أبيات الفصيح او ذكر الأمثال والحكم العربية الشهيرة بدون تشويه.

وتستخدم طرق البديع والبيان في كليهما بنفس الطريقة من تشبيه وكناية واستعارة وتقديم وتأخير وغيرها من الأساليب. والأستاذ خليل رشيد في استعراضه لأغراض الشعر الشعبي في كتابه الأدب الشعبي يؤشر أمورا أخرى تتعلق ببراعة الشعراء وبلاغتهم التي تفوق بلاغة الفصحاء حين يورد أمثلة يقول عنها إنها (يعجز أمامها فطاحل الفصيح) فيقول إنها تنطلق بطبيعة جذلى مرحة نحو الحب والحياة بلا تكلف وبدون عناء كما يتكلفه الشعر الفصيح، وقد يعجز عنه هذا الأخير عن التعبير الصادق لان المعاني لا تنقاد إليه كما تنقاد للأدب الشعبي بسلاسة وطواعية. ويضيف ان الأدب الشعبي إذا ما أراد الوصف تخاذل أمامه ابن الرومي وأبو تمام فيأتي آية في الإبداع والتصوير يعجز عن إتيانه قادة الشعر وفرسان الأدب.

إلا أننا نجد كتبا تتناول الأدب الشعبي بطرق أخرى القصد منها جمعه وشرحه وضرب أمثلة على براعة الشعراء فيه بدون تحليل، فتكتفي بذكر الإعجاب بذلك البيت وبغيره، وقد يستشهد مؤلفوها او المقدمون لها بأبيات فتأتي استشهاداتهم غير دقيقة او غير موفقة بسبب غياب النظرة النقدية التحليلية للأبيات.

وإذ استعرض بعضا من هذه الأمثلة فاني أكن لهم القدر الكبير من الود والاحترام والتقدير لما بذلوه في أعمالهم الكبيرة وخدمتهم الجليلة للأدب الشعبي وأعرف حق المعرفة من انه لا يسلم تأليف من نسيان او إهمال او أخطاء وهي أمور متجذرة في الطبيعة البشرية.

كما ان انتقاد مؤلف او شاعر لا يعني الانتقاص من شخصه او مقامه او أدبه إذ ان انتقاد الشعر شيء عام. ومهما بلغ الشاعر من منزلة كبيرة في الأدب فلابد من وجود بعض المثالب والهنات هنا وهناك وهو ما لم يسلم منه كبار شعراء العربية وفطاحلها الأوائل. إن القصد هو الإيضاح وضرب الأمثلة خدمة للشعر والشعراء ولكل رأيه وتعدد الآراء يغني البحث ويفيد الجميع.

يليه الجزء الثاني باذن الله تعالى:


توقيع : زكي الياسري
من مواضيع : زكي الياسري 0 كليب واحسيناه / لطمية للاربعين 1434 حصرياً على قناة انا شيعي
0 ذكرى من الحسين / الرادود السيد حيدر الكيشوان
0 ثورة الحب الصادقة .. لطمية فصيحة للاربعين
0 وصي المرتضى / لطمية فصيحة للامام الحسن المجتبى عليه السلام
0 بصوت الرادود الحاج حسن الحواج / قصيدة العليلة فاطمة ع 1434
رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
د. هاشم نعمة الفريجي انا شيعي



تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الشبكة: أحد مواقع المجموعة الشيعية للإعلام

الساعة الآن: 08:00 AM.

بحسب توقيت النجف الأشرف

Powered by vBulletin 3.8.14 by DRC © 2000 - 2024
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات أنا شيعـي العالمية


تصميم شبكة التصاميم الشيعية