غير أنَّ هذا البيان ما كان بحاجـــــــة حتَّى يكرره أو ليعرضه على الناس فيصدُّقوه ! لا ـ وحقّ من نطق به ـ لقد كانت الوصيَّة موثّقة كالوشم فوق جبين الوصيّ "ع"، إنَّهـا مِن سجاياه الموهوبة مِن طويَّته الكريمة ـ لا التاريخ إنصاع لمن أراد له العمىَ ، وهو درب البصيرة النيّرة ، ولا أيَّ رجل كريـــــــــم مِن رجالات ذلك العصـــــر كان يعمى عن قراءة الحقيقة ، ولكنَّ سياسة زُّعماء السقيفة وما كرهته قريـــش من أمر الله ورسولــه "ع" بذات الرغبة وذات الإيحاء ..": وأما من أوتي كتابه بشماله فيقول ياليتني لم أوتى كتابي ..:" ؟... إلاّ أنَّ أبا مرتضى وهو المولى الأحقر من فرط التقصير ، لن يرضى من نفسه بأن تجمع مع القصور من صفة السرقة ولا مآل المعاندين ، بل يتبع النبأ بمزايا التسليموالقول الفصل من بيان الحقّ المبين ..": نحن الشعــــار و الأصحاب ، و الخزنة و الأبواب ، و لا تؤتى البيوت إلا من أبوابها ، فمن أتاها من غير أبوابها سمي سارقا .:" و من حيث أنبأني الحبيب المصطفى "ع" بشمائـــــل الهدي للموصي والوصيّ "ع" ، ومن أنشأه طفلا في حجره ، وعقد له مكامن التعويل عليه ، فشبّ في كنفه وعنوان النهـــــى بين عينيه ، حيث أخبرته شمائله بعظيم شأنه وسنامه ، وتوالت مع لسان الوحي تعداد مناقبــه الغرر حتّى ملأت من الأيّام السمع والبصر ، وتناقلتها ألسنة الصـــدق مع تعاقب الليالي والأيام . لتُنبئ عن حضرة قدسيّة لوصيّ الخاتم "ع" سامي القدرة رفيع الرُّواق .. - ولا يزال التاريخ ، ذلك الشاهد الموثوق ، يصف لنا حجرات الرسول "ع" وكيف كانت بيوت العترة من آل العباء "ع" مشرعة على بعضها وقد جمع زواج المرتضى بالزهـــــــــــراء "ع" في عمليَّة مُحتسبة من نسيج الوحيّ .. وضمن هذه الدوحة القدسيّة من أنفس مليئة بالحقِّ والإيمـــــان ، كان محمّد "ع" يزقّ الوصيّ "ع" العَرض والدرس ومستقبل الأحداث ليؤهله للغد الآتي . ومـــــــا مِن حِكمة جالت في عقله وروحه إلاَّ وألقمها بصيرة أخيه وإبن عمّه "ع" حيث يكون توحيد الفهـــــم والتأويل باهراً من حياكة العصمة ، مُكلَّلا بالطُّهر ، والرُّشد وروابط الصـواب . حتّى جاسَ البصيرُ صيتها من خلال التبصّر والتدبّر، وأهلته محاسن أخلاقه وكرائم شيمه بأنّ يكون عطاء البذرة بقدر عطاء التربة ، ويفيض على جنباته الخير كلّه من بعد الرّحيل ، وكم بشرت قومك وأنذرت أيّهــــــا الخاتم وأعلمتهم بموارد أساس الدين ، وعماد اليقين ، و من لهم خصائص حق الولاية ، و الوصية و الوراثة .. وبينت لهم بأن الفرع مبني على الأصــــل ، وهذه التّربة من طينة آدم "ع" ، وأنه منك بمنزلة هارون من موسى ، أو بمنزلة الرأس من الجسد ، وجعلت من عترتك تُرجمانا لكتابـــك وسنّتك بعد أن نصبتهم أوصياء بأمر الله على رسالتك ومن ": .. فيهم كرائم القرآن ، وهم كنوز الرحمن إن نطقوا صدقوا،و إن صمتوا لم يسبقوا ..:" إلاّ أنّ كثيرا ممن وصفوا بالصُحبة تجرّموا عليه بلا جـــــرم ، وقلبوا له ظهر المجن بعدما إنقلبوا على الأعقاب ، وولّوا لصفحة الحقّ الدُّبر قبل أن تجفّ تربة قبرك الشريف ، وأبتغــوا الباطل دليلا ، وحبائل الشيطان مطيّة المغتر ، وظنّوا بأنهم قادرين على النيل من عزّه بهواجس الإستجفـــاء ، أو الإساءة لمن فُطم على رضاع الحمد والثناء ، بمقاييس سنين العمر تارة ، أو من خُلق الحسد كي لا تُجمع النبوءة الخلافة في بيت واحد ، أم بصفة الدعابة تارة أخرى في حقّ معشر طوعوا الإنفاق لوجه الله حتّى كانت لهم فضيلة وترا والفخر قرآنا يُتلى بأسبابهم من طينة المعروف والإحسان آيات موشّحة بأبهى مطارف الحمد ترانيم على مسامع السالكيـــــــــــــــن .. :" ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا ، إنما نطعمكم لوجه الله ، لا نريد منكم جزاء ولا شكورا ..:"