ما ان توقفت عند محطة وقوف الباص امام البوابة الرئيسة للجامعة حتى توقفت امامها سيارة فارهة من نوع رينج روفر قد لا تقل قيمتها عن 150 الف دولار ,, ليفتح الباب فتنزل على الرصيف حذاء بنية اللون براقة من نوع ايكو قد لا يقل سعرها عن 250 دولاراً ,, ثم تتبعها ساق في بنطلون ثم لتتكامل امامها بدلة رجالية من نوع جورجيو ارماني قد لا يقل سعرها عن 2000 دولاراً ,, تكتنف في داخلها شخصاً تغطي نصف وجهه نظارة سوداء من نوع كاريرا تقدر بما لا يقل عن 200 دولار ,, وقد برقت من تحت كمه الايسر ساعة روليكس مرصعة بالالماس و مطعمة بالذهب الخالص قد لا تقل قيمتها عن عشرة الاف دولار ,, خطى اليها بخطوات طاووسية متثاقلة ,, حتى وقف بأزائها مالئاً ارجاء المكان بعطر الفهرنهايت فراح يخاطبها :
مساء الخير ..
اجابته و كأنها اعتادت على رؤية وجهه كأعتيادها على رؤية سيارات التاكسي الصفراء التي تملأ شوارع بغداد في اوقات ذروة العمل : ,, مساء الخير ..
وئام !!!,, اما سئمت من الوقوف منذ بداية السنة الدراسية الاخيرة وانت تنتظرين ,, احمد,, في نفس المكان ليصطحبك الى حيكم بعدما يكمل محاضراته ,, بربك اهوَ الشخص الذي يستطيع ان يوفر لك مستقبلاً واعداً بعد تخرجه براتب مهندس معماري في احدى الدوائر الحكومية ,, الم تقتنعي بعد بأن موافقتك على خطبته لك قبل خمسة اشهر كانت خطأً كبيراً ,, الم تندمي على رفضك جميع عروض الرخاء التي عرضتها عليك ,, الم تدركي بعد الفارق الكبير بين ,, احمد ,, الذي هو مجرد مهندس معماري وبيني ,, انا ,, كموظف كبير و مسؤول ذو شأن في ,, حزب الثراء الفاحش ,, الذي استحوذ على جميع مقاعد البرلمان العراقي دون استثناء ؟؟..
وقبل ان تجيب ولو بكلمة ,, جاء ,, احمد ,, من جهة بوابة الجامعة بملابسه التي تجمع البساطة و الاناقة والعملية في وقت واحد فبادرته بأبتسامة كأبتسامة طفلة تنتظر هدية عيد ميلادها وقد توجهت اليه بكل جوارحها كأنها تنتقل من العدم الى الوجود ,, مخاطبة الشخص الذي بقي يلهث خلف نظراتها ,, التي راحت تصب كل مافيها من سحر و حنان على وجه خطيبها ,, احمد ,,
اسمح لي ان اعرفكما على بعضكما ,, خطيبي احمد طالب في المرحلة النهائية في الهندسة المعمارية ,,
فشزره بنظرة كأنها طريق من الجليد راح يمتد من عينيه الى وجه احمد باعثاً اليه كل ما في الكون من حنق و استعلاء و كمد وضغينة ,, اهلاً ,, قالها و كأنه يصفع محيا ,, احمد ,, بكف من دماء تغلي ,,
اهلاً وسهلاً بكم استاذ ,, تشرفنا ,, قالها احمد بأبتسامة وادعة و نظرة تأمل تكتنف في اعماقها ارادة طموح مرت بصاروخ باليستي من فوق رأس الشخص الواقف بتكلف خلف خطيبته .. التي سارعت بنغمة صوت جهورية كأنها في مؤتمر للأمم المتحدة ,,
احمد ,, اقدم لك الاستاذ ,, الموظف الكبير ,, والمسؤول العالي الشأن في حزب الثراء الفاحش المهيمن على مقدرات البلد الذي يملك جميع مقاعد البرلمان العراقي بدون استثناء الذي يلبس حذاء برادا و بدلة جورجيو ارماني و نظارات كاريرا و ساعة روليكس ويمتلك سيارة رينج روفر الانكليزية الباهضة الثمن ,, انه الاستاذ .... آآآه اسفة جداً استاذ ,, تصور انك تحاول استمالتي منذ اشهر الا انني لا اعرف اسمك ,, عذراً ايها السيد هل لديك اسم ؟؟..
فأحس ببركان يغلي في جوفه و كأنه فقد الشعور بكل جوارحه ,, حتى كأن وجهه قد ذابت ملامحه تماماً ,, فلم يعرف ما يقول بل كيف ينطق ,,
عذراً استاذ فقد وصل الباص ,, مع السلامة ,,
فراحت تخطو الى السيارة الكبيرة التي توقفت خلف سيارته تحاكي بخطاها خطى خطيبها ,, احمد ,, حتى بديا كأنهما جسد واحد بحركات واحدة فأخذهما الباص من امام عينيه ومضى كأنه راح يغرق في الفضاء .