غالى يسار واستخف يمين
بك يا لكنهك لا يكاد يبين
تجفى وتعبد والضغائن تغتلى
والدهر يقسو تارة ويلين
وتظل أنت كما عهدتك نغمة
للآن لم يرقى لها تلحين
فرأيت أن أرويك محض رواية
للناس لا صور و لا تلوين
فلأنت أروع إذ تكون مجردا
ولقد يضر برائع تثمين
ولقد يضيق الشكل عن مضمونه
ويضيع داخل شكله المضمون
إنى أتيتك أجتليك وأبتغى
وردا فعندك للعطاش معين
وأغض من طرقى أمام شوامخ
وقع الزمان وأسهن متين
وأراك أكبر من حديث خلاقة
يستامها مروان أو هارون
لك بالنفوس إمامة فيهون لو
عصفت بك الشورى أو التعيين
فدع المعاول تزبئر قساوة
وضراوة إن البناء متين
أ أباتراب و للتراب تفاخر
إن كان من أمشاجه لك طين
والناس من هذا التراب وكلهم
في أصله حمأ به مسنون
لكن من هذا التراب حوافر
ومن التراب حواجب و عيون
فإذا استطال بك التراب فعاذر
فلأنت من هذا التراب جبين
ولئن رجعت إلى التراب فلم تمت
فالجذر ليس يموت وهو دفين
لكنه ينمو و يفترع الثرى
وترف منه براعم و غصون
بالأمس عدت وأنت أكبر ما احتوى
وعى وأضخم ما تخال ظنون
فسألت ذهني عنك هل هو واهم
فيما روى أم أن ذاك يقين
وهل الذى ربى أبى ورضعت من
أمى بكل تراثها مأمون
أم أنه بعد المدى فتضخمت
صور و تخدع بالبعيد عيون
أم أن ذلك حاجة الدنيا إلى
متكامل يهفو له التكوين
فطلبت من ذهنى يميط ستائرا
لعب الغلو بها أو التهوين
حتى انتهى وعيى إليك مجردا
ما قاده الموروث والمخزون
فإذا المبالغ في علاك مقصر
وإذا المبذر فى ثناك ظنين
وإذا بك العملاق دون عيانه
ما قد روى التاريخ والتدوين
وإذا الذي لك بالنفوس من الصدى
نزر وإنك بالأشد قمين
أ أباالحسين و تلك أروع كنية
وكلاكما بالرائعات قمين
لك فى خيال الدهر أى رؤى لها
يروى السنا ويترجم النسرين
هن السوابق شزبا وبشوطها
ما نال منها الوهن والتوهين
والشوط مملكة الأصيل وإنما
يؤذى الأصائل أن يسود هجين
فسما زمان أنت في أبعاده
وعلا مكان أنت فيه مكين
آلاؤك البيضاء طوقت الدنا
فلها على ذمم الزمان ديون
أفق من الأبكار كل نجومه
ما فيه حتى بالتصور عون
في الحرب أنت المستحم من الدما
والسلم أنت التين والزيتون
والصبح أنت على المنابر نغمة
والليل فى المحراب أنت أنين
تكسو وأنت قطيفة مرقوعة
وتموت من جوع وأنت بطين
وترق حتى قيل فيك دعابة
وتفح حتى يفزع التنين
خلق أقل نعوته وصفاته
أن الجلال بمثله مقرون
ما عدت ألحو في هواك متيما
وصفاتك البيضاء حور عين
فبحيث تجتمع الورود فراشة
وبحيث ليلى يوجد المجنون
وإذا سألت العاشقين فعندهم
فيما رووه مبرر موزون
قسما بسحر رؤاك وهي إلية
ما مثلها فيما أخال يمين
لو رمت تحرق عاشقيك لما ارعووا
ولقد فعلت فما ارعوى المفتون
وعذرتهم فلدى محاريب الهوى
صرعى و دين مغلق ورهون
والعيش دون العشق أو لذع الهوى
عيش يليق بمثله التأبين
ولقد عشقتك واحتفت بك أضلعى
جمرا وتاه بجمره الكانون
وفداء جمرك إن نفسي عندها
توق إلى لذعاته وسكون