الساعة الآن بعد منتصف الليل في العراق، أجزم بأن معظم شيعة العراق قد اخلدوا للنوم، إلا السمار الذين لم يشبعوا من لهو النهار، والمؤرقين بالجوع والبرد، والمحزونين على أحبتهم الذين قضوا بتفجيرات الإرهابيين بالأمس.
لو كان شيعة العراق من صخور الجبال لتفجرت بالبراكين من شدة الغيظ.
ولو كانوا من ماء كالبحار لتبخروا بأجمعهم بحرارة الغضب.
لا تقولوا عنهم كاظمي الغيظ! دس على طرف واحد منهم او اشتم أباه أو اعترض على مولاه في المنطقة الخضراء فستكون محظوظاً لو لم تبت ليلتك في المقبرة أو المستشفى.
لكن إن قتلت منهم الآلاف فلن يغضبوا.
لا يغضب شيعة العراق مع أن الجناة معروفون، بالدين والمذهب ومكان الولادة والعنوان وحتى الاسم، بل كثير منهم في السجون، وقلة منهم محكومون بالإعدام، إلا من افلت بوساطة أو رشوة أو صفقة بين ساسة.
لماذا لا يغضب شيعة العراق على قادة الإرهابيين الذين ثبت تورطهم في الإرهاب، وسكت عنهم من لديه الدليل على جرمهم لسنين؟
لماذا لايغضب شيعة العراق على الذين يقدمون اليوم المأوى للإرهابيين جهاراً، ولعلهم كانوا بالأمس أيضاً يتسترون عليهم في الخفاء؟
لماذا لا يغضب كافة شيعة العراق على الأمريكيين لاستدعائهم الإرهابيين إلى العراق وتقاعسهم في حماية الشيعة تحت الإحتلال، وأعجب من ذلك أن بعض شيعة العراق يحبون أمريكا إلى درجة دون العبادة؟
لماذا لايغضب شيعة العراق على السعودية التي تصدر لهم الإرهاب وتدعمه بالفكر والمال والسلاح والإعلام والرجال، وترى البعض منهم يتوسل رضا السعوديين ويتمنى فتح سفارتهم وقبول وفادتهم؟
لماذا لايغضب شيعة العراق من قادتهم الفاشلين، ناكثي العهود، مخلفي الوعود، المتاجرين بدماءهم في سوق السياسة القذر، والشاهدين على أنفسهم بالسكوت على الإرهابيين لسنين؟
ليس غاضباً من أصدر أو سيصدر بيان استنكار، وحتى لو خرج منهم متظاهرون بالآلاف أو الملايين فلن أعدهم من الغاضبين، لأن المقياس هو غضب الإمام العباس مضرب الأمثال، فهل اكتفى بشجب واستنكار استشهاد اخيه الحسين عليهما السلام على أيدي جيش يزيد الأموي؟
تمادى الإرهابيون وسيتمادون ما دام شيعة العراق لا يغضبون.
عندما أرى الرايات الحسينية مرفوعة من أقصى شمال العراق حتى جنوبه ومن أبعد نقطة في شرقه إلى آخر حبة رمل في غربه سأقول آنذاك لقد غضب شيعة العراق ولن يهنوا أو يحزنوا بعد ذلك اليوم.
6 كانون الثاني 2012م