روى عبد الرزاق بن همام الصنعاني في (المصنف) بسند صحيح عن حذيفة بن اليمان أنه قال: (أرأيتم لو حدثتكم أن أمكم تغزوكم؟) ، وهذا قبل وقعة الجمل، ولو كانت السيدة عائشة مجرد مصلحة لما تم التعبير عن فعلها بالغزو، بل كلام حذيفة ـ المأخوذ من النبي ـ واضح في أن السيدة عائشة هي صاحبة الدور الأكبر في حصول القتال وسفك الدماء في معركة الجمل؛ لأن الغزو نسب إليها بصورة مباشرة في كلام حذيفة.
أخبرنا عبد الرزاق، عن معمر، عن وهب بن عبد الله، عن أبي الطفيل، قال: خرجت أنا وعمرو بن صليع المحاربي، حتى دخلنا على حذيفة، فإذا هو محتب على فراشه يحدث الناس، قال: فغلبني حياء الشباب، فقعدت في أدناهم، وتقدم عمرو مجتنئا على عوده، حتى قعد إليه، فقال: حدثنا يا حذيفة، فقال: عم أحدثكم؟ ، فقال: لو أني أحدثكم بكل ما أعلم قتلتموني - أو قال: لم تصدقوني - ، قالوا: وحق ذلك؟ قال: نعم . قالوا: فلا حاجة لنا في حق تحدثناه فنقتلك عليه، ولكن حدثنا بما ينفعنا ولا يضرك، فقال: أرأيتم لو حدثتكم أن أمكم تغزوكم، إذاً صدقتموني؟ ، قالوا: وحق ذلك؟ ومعها مضر مضرها الله في النار، وأسد عمان، سلت الله أقدامهم، ثم قال: إن قيسا لا تزال تبغي في دين الله شراً، حتى يركبها الله بملائكة، فلا يمنعوا ذنب تلعة، قال عمرو: أذهلت القبائل إلا قيساً، فقال: أمن محارب قيس؟ أم من قيس محارب، إذا رأيت قيسا توالت عن الشام فخذ حذرك.
ترجمة رجال الإسناد، حكم الحافظ ابن حجر عليهم في تقريب التهذيب:
1 ـ عبد الرزاق هو: عبد الرزاق بن همام بن نافع الحميرى مولاهم ، اليمانى ، أبو بكر الصنعانى (126 ـ 211 هـ) ، من رجال الستة، ثقة حافظ.
2 ـ معمر هو: معمر بن راشد الأزدى الحدانى مولاهم أبو عروة البصرى مولى عبد السلام بن عبد القدوس (96 ـ 154 هـ) من رجال الستة، ثقة ثبت فاضل.
3 ـ وهب بن عبد الله هو: وهب بن عبد الله بن أبى دبى الكوفى (و قد ينسب إلى جده) ، و يقال وهب بن عبد الله بن كعب بن سور الأزدى الهنائى، ثقة.
4 ـ أبو الطفيل هو: عامر بن واثلة بن عبد الله بن عمرو بن جحش الليثى ، أبو الطفيل ، و يقال اسمه عمرو ( و الأول أصح ) (ت 110 هـ) ، صحابي.
5 ـ حذيفة هو: حذيفة بن اليمان: حسيل، و يقال: حسل، بن جابر بن أسيد، أبو عبد الله العبسى (صاحب سر رسول الله صلى الله عليه وسلم) (ت 36 هـ) ، صحابي.
فالسند صحيح، رجاله رجال الصحيح إلا وهب بن عبد الله وهو ثقة.
والآن إلى الموافق والمخالف: تحققوا مما ذكرته لكم، وأخبروني عن رأيكم وما إذا كنتم موافقين أم أن لديكم نقد ومناقشة.
والله ولي التوفيق.
للاستاذ الفاضل ادب الحوار حفظه الله ورعاه