سعى القرشيّون الدهاة لمحاربة النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) والإسلام في منحيين خطيرين:
الأوّل: المحاربة الجسديّة والمعنوية المتمثّلة بإلحاق الأذى به وبأرحامه وأصحابه ومحاصرة قبيلته اقتصاديّاً.
والثاني: دخول بعض دهاة قريش في الإسلام زيفاً لتفجيره من الداخل ومخالفة أخلاقه وتراثه وأهدافه.
ودخل هؤلاء القرشيّون في الإسلام كذباً مرَّتين: مرّة قبل الهجرة النبويّة وكان دخولهم فيه اختياراً ومكراً.
ومرّة بعد فتح مكّة وكان دخولهم في الإسلام اجباراً ومكراً.
وفيما يخصّ الزواج من سيّدة نساء العالمين فقد حاول أبو بكر في المدينة المنوّرة التقرّب لرسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) في العلاقة السببية فخطب فاطمة الزهراء(عليها السلام)فردّه رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) وردّ خطبة عمر بن الخطّاب أيضاً; قائلا: إنّ أمر زواجها بيد الله سبحانه وتعالى
ولمّا خطبها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(عليه السلام) رضي النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) بخطبته قائلا:
لست بدجال
ولمّا فشل أبو بكر وعمر في الزواج من فاطمة(عليها السلام) بنت رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)الوحيدة تحوّلا إلى منهج آخر للتقرّب من رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) في العلاقة السببيّة تمثّل في عرض إبنتيهما عليه للزواج منهما:
فعرض أبو بكر ابنته عائشة على خاتم الأنبياء راجياً إيّاه الزواج منها فرضي بذلك(صلى الله عليه وآله وسلم)
وعرض عمر ابنته حفصة على خاتم الأنبياء راجياً منه الزواج منها فرضي رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم).
وسعى أبو سفيان مكرا لتزويج ابنته ام حبيبة (رملة) من النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)بعد تنصر زوجها في الحبشة ونجح في هذا الامر.
ومعظم هذه النساء تقدّمن بأنفسهنّ للزواج من رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقبل طلباتهنّ ولم يردّهنّ خائبات .
وسار الداهية الأشعث بن قيس على هذه الخطّة للتقرّب من رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)فعرض أخته قتيلة على النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) فرضي بالزواج منها.
ثم ارتدّ الأشعث عن الإسلام وكذلك قتيلة فلم يتزوّج النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)بها.
إذن لم تكن علاقة رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) بأبي بكر وعمر والأشعث وثيقة بل كانت علاقة عادية مثل رابطته بباقي الناس الذين عرضوا بناتهم عليه(صلى الله عليه وآله وسلم) فقبل منهم.
أو عرضت النساء انفسها للزواج منه(صلى الله عليه وآله وسلم) مباشرة فتزوّج منهنّ مثل:
ليلى بنت الخطيم الأوسي.
وزينب بنت جحش ، وكانت تفخر على نساء النبي (صلى الله عليه وآله) فتقول : إنّ اباءكنّ أنكحوكنّ وإنّ الله أنكحني إيّاه من فوق سبع سماوات ».
وأخبرت أُمّ سلمة عن ذلك كما رواه ـ أيضاً ـ ابن سعد في طبقاتهعن أُمّ سلمة أنّها ذكرت زينب بنت جحش فترحّمت عليها وذكرت بعض ما كان يكون بينها وبين عائشة ، فقالت زينب : إنّي والله ما أنا كأحد من نساء رسول الله (صلى الله عليه وآله)إنّهنّ زوّجهنّ بالمهور وزوّجهنّ الأولياء وزوّجني الله رسوله ، وأنزل فيّ الكتاب يقرأ به المسلمون لا يبدّل ولا يغيّر :
(وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَىْ لاَ يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولا).
والعلاقة الزوجية بين رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) وعائشة وحفصة وقعت في المدينة المنوّرة بعد الهجرة إليها. ولم تكن هناك علاقة بين رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) وعائلتي أبي بكر وعمر في المدينة.فعائشة كانت صغيرة السن في مكّة وكانت حفصة متزوّجة من خنيس بن حذافة في مكّة.
وقد طلّق النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)عائشة وحفصة لافعالهما المنكرة في حقه ثم أرجعهما.
وبعد سماع عمر بطلاق النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) لحفصة لأخلاقها السيّئة حثى التراب على رأسه.
ولم تكن علاقة النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) بعثمان وثيقة في مكة والمدينة أيضاً.
ولم يُعذَّب عثمان بن عفّان في مكّة في سبيل الإسلام لأمور:
عدم مواجهته المشركين مثلما فعل ابن مسعود وأبو ذر في اعلانهم الاسلام ونطقهما الشهادة الإسلامية وقراءتهما القرآن في مكّة.
ولعلاقات عثمان الحميمة مع أبي سفيان وعتبة وشيبة ابني ربيعة والحكم بن أبي العاص وسعيد بن العاص.
ولنسبه الأموي. لذا لم يعط الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) مهمّة صعبة وقياديّة لعثمان في مكّة والمدينة.
والنبي(صلى الله عليه وآله وسلم) واضح في علاقاته فلقد عيّن جعفر بن أبي طالب رئيساً للمسلمين المهاجرين إلى الحبشة لإسلامه القديم وصلابته في الدين ورابطته القويّة به(صلى الله عليه وآله وسلم).
أمّا في مكّة فقد أنام الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) عليّاً(عليه السلام) في فراشه أوّلا.
وجعله وكيلا له في توزيع الأمانات إلى أصحابها.
وجعله معتمداً له في ايصال فاطمة(عليها السلام) إلى المدينة.
في حين لم يعطِ مسؤولية قياديّة وخطيرة إلى أبي بكر وعمر وعثمان بل هاجر هؤلاء بأنفسهم إلى المدينة مع بقية المسلمين.
وكان رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)يعتمد على أشخاص معروفين في مكّة متمثّلين في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(عليه السلام)، وجعفر بن أبي طالب وشيخ الأبطح أبي طالب وحمزة بن عبدالمطلب وخالد بن سعيد بن العاص وعمّار بن ياسر والمقداد بن عمرو وزيد بن حارثة، وعبدالله بن مسعود ومصعب بن عمير.
لكن يد السياسة سلبت الكثير من المناقب عن هؤلاء ووضعت الفضائل لرجال السقيفة بلا حقّ ولا واقع.
فكان أبو طالب شيخ الأبطح من أوائل المسلمين المعتقدين بالإسلام والمخفين لعقيدتهم. وسِتْرُ أبي طالب لإيمانه مكّنه من الاستمرار في منزلته زعيماً لقريش فترة طويلة. وكان الأمر النبوي واضحاً في كتمان بعض الناس اسلامهم وإعلان الآخرين له.
ونجح هذا المشروع مع قريش فبقي أبو طالب المسلم قائداً لمكّة سنوات طويلة إلى أن اكتشفت الزعامة الكافرة ميوله واعتقدت اسلامه فأبعدته عن الزعامة القرشيّة .
وبعد معرفة المشركين بالخطة النبوية سارعت لمحاصرة المسلمين في شعب أبي طالب مدّة ثلاث سنوات بدأت في السنة السابعة .
ولولا المعجزة الإلهيّة بأكل الإِرضة لوثيقة المقاطعة وابقائها إسمه تعالى لطالت المقاطعة عقوداً عديدة.
والأحاديث النبويّة التي تبيّن عِداء أبي بكر للنبي(صلى الله عليه وآله وسلم) وذمّ النبي الأعظم(صلى الله عليه وآله وسلم)له كثيرة منها:
روى حذيفة بن اليمان أنّ أبا بكر وعمر وعثمان وطلحة وسعد بن أبي وقّاص أرادوا قتل النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) والقائه من العقبة في تبوك.
ولعن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) العاصين لحملة أُسامة وفيهم أبو بكر وعمر وعثمان وأسيد بن حضير.
وقال النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) بأنّ نساءه أفضل من عمر وأبي بكر والآخرين الذين قالوا له في يوم شهادته إنّه يهجر بقوله: إنّهنّ أفضل منكم.
وأخرج رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) أبا بكر وعمر ومن معهما من منزله في يوم شهادته قائلا لهم: قوموا.
ومدح أبو بكر وعمر قريشاً في معركة بدر فأعرض النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) عنهما ثمّ تكلّم سعد بن عبادة فسُرَّ رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) بقوله .
وفي معركة أُحد فرّ أبو بكر وعمر وعثمان من أرض المعركة وتركوا رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم).
وقال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) لشهداء أحد: هؤلاء أشهد عليهم (بالخير) فقال أبو بكر: ألسنا يا رسول الله اخوانهم: أسلمنا كما أسلموا وجاهدنا كما جاهدوا.
فقال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): بلى ولكن لا أدري ما تُحدثون بعدي.
فبكى أبو بكر ثمّ بكى ثم قال: ءإنّا لكائنون بعدك ؟
وهذا من معجزات رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) أمام أبي بكر وصحبه المبيّنة لموته(صلى الله عليه وآله وسلم)قبلهم وإحداثهم الأفعال المنكرة بعده.
وحسد أبو بكر المسلمين في معركة حنين بقوله:
لن نغلب اليوم من قلّة.
فذكر الله تعالى هذا الحسد بقوله: (ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم)
ولمّا حسد أبوبكر المسلمين خسروا المعركة أوّلا ثم حوّل الله تعالى الهزيمة إلى نصر بدعاء الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم).
وفرّ أبو بكر وعمر في معركة حنين.
ولم يشترك أبو بكر في مراسم جثمان النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) وذهب إلى السقيفة لاغتصاب خلافته الشرعية المختصّة بعلي بن أبي طالب(عليه السلام).
وأمر أبو بكر بالهجوم على بيت فاطمة بنت محمد(صلى الله عليه وآله وسلم) فتمّ الهجوم المسلّح المتسبّب في قتلها وقتل ابنها محسن .
ندم أبي بكر
قال الله تعالى :
( وَيَومَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيهِ يَقُولُ يَا لَيتَني اتَّخَذتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلا * يَاوَيلَتي لَيتَني لَم أَتَّخِذ فُلاَناً خَليلا * لَّقَد أَضَلَّني عَنِ الذِّكرِ بَعدَ إِذ جَآءَنِي وَكَانَ الشَّيطانُ لِلإِنسَانِ خَذُولا ) .
ندم ابو بكر قبل موته على أفعاله فقال معتذراً : إنَّ بيعتي كانت فلتة وقى الله شرّها وخشيت الفتنة وايم الله ما حرصت عليها يوماً قط ، ولقد قلدت امراً عظيماً مالي به طاقة ولا يدان ، ولوددت أن اقوى الناس عليه مكاني ، وقال توليت عليكم ولست بافضلكم .
وفي ذلك اعتراف منه بافضلية الامام علي (عليه السلام) على الناس كافة وهو منهم . فهو مصداق العلم والحلم والشجاعة والفصاحة والعبادة والنسب والاسبقية والتربية والصبر .
وقال ابو بكر : أما التي وددت أني تركتها ، فوددت أنِّي لم اكن كشفت بيت فاطمة وان كان اغلق على الحرب ، ووددت أني يوم سقيفة بني ساعدة كنت قذفت الامر في عنق احد الرجلين ـ عمر او ابي عبيدة ـ فكان اميراً وكنت وزيراً ثم افصح ابو بكر عن ندمه في تسلُّم سلطة مغصوبة واخذه فدكاً ، بعد ان قالت له فاطمة الزهراء : واللهِ لادعونَّ الله عليك في كل صلاة أصليها ، فخرج باكياً فاجتمع إليه الناس فقال لهم : يبيت كل رجل منكم معانقاً حليلته مسروراً باهله ، وتركتموني وما أنا فيه ، لا حاجة لي في بيعتكم ، أقيلوني بيعتي.
ومن علائم ندمه على ما اوقع نفسه فيه قوله : والله لوددت أني كنت شجرة الى جانب الطريق مرَّ عليَّ جمل فاخذني فادخلني فاه فلاكني ثم ازدردني ، ثم اخرجني بعراً ، ولم أكُ بشراً .
وقال ابو بكر : والله لو وضعت قدماً في الجنة وقدماً خارجها ما أمنت مكر الله.
وقال : ليتني لم أُفتّش بيت فاطمة بنت محمّد رسول الله وأدخله الرجال ولو كان أغلق على حرب.
وقد ندم أبو بكر لاحقاً على عمله المذكور قائلا: ليتني كنت تركت بيت فاطمة ولم أدخله الرجال.
وندم على الروايات والأحاديث المختَلَقَة التي صنعها النظام ، ومنعه تدوين القرآن فقال : يا ليتني كنت ورقة .
وقال: ليتني كنت بعرة .
فقد وضع أبو بكر على لسان رسول الله (صلى الله عليه وآله) قوله : نحن معاشر الأنبياء لا نورّث لسلب فدك من فاطمة (عليها السلام) مخالفاً كتاب الله الكريم في قوله تعالى : (وَوَرِثَ سُلَيَْمانُ دَاوُودَ).
وروت عائشة زوراً إمامة أبي بكر لصلاة صبح يوم الإثنين.
وكيف لا تكون خلافة أبي بكر متزلزلة وقد وصفها عمر بن الخطّاب قائلا : كانت بيعة أبي بكر فلتة وقى الله المسلمين شرّها ومن عاد إليها فاقتلوه.
وتسبّب المولودون في مؤسّسة ابن جدعان في مشاكل كثيرة على رأسها مصرع النبي (صلى الله عليه وآله)وفاطمة (عليها السلام) والسقيفة وحروب الجمل وصفّين والنهروان .
وسبب إقدام أبي بكر على وضع الأحاديث والروايات المذكورة يكمن في نظرته المتساهلة لهذا الموضوع واحتياج السلطان إلى هذه الركائز .
وسار عمر بن الخطّاب على هذا الأمر فوافق على الصاق ألقاب به قد قالها رسول الله (صلى الله عليه وآله) في حقّ علي بن أبي طالب (عليه السلام) ، مثل لقب أمير المؤمنين الذي اختَلَقه المغيرة له.
ولقب الفاروق ، الذي وضعه اليهود له. حقداً على الإمام علي (عليه السلام) .
وحرّف الأمويون لقب الصدِّيق الذي قاله النبي (صلى الله عليه وآله) في حقّ علي (عليه السلام) إلى أبي بكر. ولقد قال علي (عليه السلام) في أيّام خلافته : « أنا الصدّيق الأكبر »
نترك الحكم لطلاب المعرفه اما المتعصبون فدعائنا لهم الله يهديهم