العودة   منتديات أنا شيعـي العالمية منتديات أنا شيعي العالمية منتدى الجهاد الكفائي

منتدى الجهاد الكفائي المنتدى مخصص للجهاد الكفائي الذي أطلق فتواه المرجع الأعلى السيد السيستاني دام ظله

 
   
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next

الصورة الرمزية المهاجره رفحاء
المهاجره رفحاء
عضو برونزي
رقم العضوية : 62851
الإنتساب : Nov 2010
المشاركات : 438
بمعدل : 0.09 يوميا

المهاجره رفحاء غير متصل

 عرض البوم صور المهاجره رفحاء

  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : منتدى الجهاد الكفائي
Waz7 الجزء الاول :تحليل لطبيعة الانتفاضة وتفنيد شبهات اعدائها
قديم بتاريخ : 14-07-2011 الساعة : 11:40 PM


تحليل لطبيعة الانتفاضة وتفنيد شبهات اعدائها

حاولنا في عشرات الصفحات الماضية (كتاب الدكتاتورية والانتفاضة – أكرم الحكيم – دار الرافد – لندن 1998) ان نقدم تعريفا أميناً ومباشراً ومفصلا لوقائع الانتفاضة الشعبية (آذار 1991)، كما جاءت على لسان بعض المشاركين او المعايشين لها، ونقلنا صوراً ميدانية عما جرى في الكثير من مدن وقرى العراق خلال أيام العز والانعتاق وكسر أغلال عبودية السلطة الدكتاتورية... من زاخو وحتى اقصى نقطة في جنوب العراق.
بالطبع ما تناوله هذا الكتاب من احداث الانتفاضة، هو غيض من فيض وهو قطرة من بحر الاحداث التي سادت في العراق في الأسابيع الأولى من شهر آذار 1991، وبالتأكيد سوف تصدر دراسات وكتب أخرى في المستقبل تكشف عن صور وجوانب وتفاصيل أخرى عن ذلك الحدث المتميز في تاريخ العراق السياسي المعاصر.
في قناعتنا ان المنهج الافضل للتعريف بهوية الانتفاضة الشعبانية وباهدافها ومنطلقاتها ونتائجها ودلالاتها، يتمثل بطرح احداثها وبالتفصيل نقلاً عن شهودها وابطالها مباشرة ودونما رتوش...
ففي مواجهة حملات التشويه والتضليل بحق الانتفاضة الشعبية التي قامت بها ولا تزال اجهزة نظام صدام ودوائر سياسية اقليمية ودولية يهمها جدا ان لا تبقى (الانتفاضة الشعبية) في الضمير العراقي بل وفي الضمير العربي بصورتها النقية الواضحة، أي بصورة الوسيلة المثلى التي يمكن للشعب المظلوم المُضطهد ان يلجأ إليها لمواجهة الانظمة الدكتاتورية الشمولية لإيقاف الظلم والحصول على الحقوق وتحقيق العدل وبالتالي لتمكين القوى الثورية الشعبية المستقلة من مسك زمام الامور في اوطانها...
نقول في مواجهة تلك الحملات الإعلامية الظالمة، لا نحتاج سوى بيان التفاصيل اليومية لاندلاع الانتفاضة وانتشارها وسيطرتها على المدن ومن ثم توقفها وانكماشها وعودة السيطرة الظاهرة لأجهزة قمع السلطة.
فعندئذ يتمكن كل منصف او مراقب محايد ومن خلال استخدام مسلّمات عقلية بسيطة ومنهج تحليل عادي من التوصل إلى حقيقة حدث الانتفاضة ويتوصل أيضا إلى تفاهة وتهافت الاتهامات والإساءات الموجهة إلى الانتفاضة.
لنتعرف اولاً على نماذج شائعة من تلك الاتهامات والاساءات:
كتب عبد الجبار محسن اللامي (وهو احد كتاب السلطة ومن مرتزقتها المعروفين لدى الشعب العراقي) بأمر من صدام سلسلة مقالات في صحيفة الثورة الحكومية في الفترة بين 3و14نيسان 1991، تحت عنوان (ماذا حصل في أواخر 1991... الخ).
ولم يجرأ الكاتب في حينها بسبب تصاعد احتمال انهيار نظام صدام، على تذييل تلك المقالات بأسمه الصريح، وبعد ان شتم في الحلقات الأولى الشعب العراقي وطعن في أصول وقيم سكان جنوب العراق الشرفاء، قال وفي معرض تشويهه للانتفاضة ما يلي:
(... اذا فان الذين قاموا بالعمل المسلح خونه مارقون وغادرون اجانب، سواء الذين جاء منهم من إيران ومن خارج الحدود، او الذي تعاون معهم والتحق بهم من داخل العراق، ولا عفو او رأفه بالقتلة هاتكي أعراض الحرائر وسارقي اموال الشعب).
(ولذلك فان الذين قاموا بالغدر الجبان وبالفعل المجرم الخائن هم بهذا الوصف وليس كما يروّج ايضا المنخرطون في الطابور الخامس او قليلو الوعي والاطلاع من انهم مجرد (زعاطيط) أي صغار السن من المراهقين المشاكسين وانما هم خونة أُعِدّوا إعدادا خاصا وكُلّف كل منهم بواجب، فالذي يحرق، هو غير الذي يجمع الاسماء والوثائق في المقرات الامنية او الشرطة او الجيش او الحزب، والذين يحرقون المقرات أو الممتلكات الرسمية) المصدر (1).
وكاتب آخر من كتّاب نظام صدام (يقول بأنه انشّق اخيرا عن النظام) قال في كتاب له صدرت طبعته الثانية في عمان عام 1992، وبالنص: (.. فقد ظلّت ايران تنتظر فرصة مناسبة للانتقام من العراق في جانب، ومعاودة برنامج التوسّع لاقتطاع جنوبه في جانب آخر، ووجدت في الظروف التي نشأت بعد الثاني من آب هذه الفرصة النادرة... وقد جرى اعداد مسرح العملية في وقت مبكر... حتى اذا بدأ التسلل عبر الحدود ، وكان الإيرانيون ومعهم اسرى عراقيون جرى غسل ادمغتهم وتجنيدهم ضد بلادهم، يمرون من خلال سواتر، ومواقع، كان الجيش العراقي قد اخلاها، بحيث عبر اكثر من ثلاثين الف شخص في الشهر الاول لبدء الحرب، دون ان يعترضهم احد، ودون ان يصطدموا بأي موقع عسكري، وارتفع هذا العدد الى خمسين الف شخص انتشروا في محافظات الوسط والجنوب، بعد ان تحددت ساعة الصفر للمباشرة بالتخريب وقتل المسؤولين الحكوميين وحرق مؤسسات الدولة، بعد 48 ساعة من بدء المعركة البرية في الحرب...)(2) .. ولا نعلم كيف استطاع الكاتب احصاء المتسللّين، اما هيكل الكاتب والسياسي المصري المعروف (والذي بقي طوال ازمة غزو الكويت مؤيداً لموقف نظام صدام وهو الامر الغريب) فيقول في كتاب له صدر عام 1992 ما يلي: (وفي الوقت الذي حاول فيه بعض سكان الجنوب في الظروف الصعبة التالية للحرب ان يحموا انفسهم باظهار هويتهم الشيعية، فان بعض العناصر في ايران لم تلبث ان تقدمت للساحة، فاذا الوف من حراس الثورة الايرانية يدخلون بسلاحهم الى مناطق جنوب العراق، واذا الفتنة تتحرك... ولم يكن حراس الثورة الايرانيون هم فقط الذين دخلوا بسلاحهم وبالالاف كل يوم لتحريك الفتنة، وانما تحركت ايضا جيوب للفتنة كانت نائمة، فقد كان الشاه محمد رضا بهلوي في ايام تربعه على عرش الطاووس في طهران يتحرك بمطامحه في جنوب العراق، وهدفه على الارجح هو تخفيف الضغط عن مناطق خوزستان الإيرانية وأصول سكانها في غالبيتها عربية) وكانت حركة الشاه في الجنوب العراقي مؤيدة ومعززة بنشاط سري قامت به الموساد (المخابرات الاسرائيلية) بقصد ارباك حكومة بغداد..
وفي ظرف ايام كانت نيران الفتنة على اشدها، وراحت القوات الأمريكية في المنطقة تتفرج على حركة عصيان واسع في جنوب العراق ضد الحكومة المركزية في بغداد وضد منشأتها ومؤسساتها، واستبيحت مخازن الجيش العراقي المدمرة، ووقف الجنود الأمريكيون يراقبون ألوفاً من الناس يقتحمون اطلال المخازن وينهبون ما فيها من ذخائر ومؤن ويدخلون في اشتباكات دموية مع جيش عائد مكسور القلب وثائر الاعصاب من معركة غير متكافئة..
وكانت اولى النتائج التي برزت بعد العصيان الذي اتخذ لنفسه وجها شيعياً في جنوب العراق هي ظهور حكومة مؤقته شيعية الهوية مقرها في طهران، ويتصدر صفوفها السيد محمد باقر الحكيم..
وفي مارس (آذار) 1991 وحكومة المملكة العربية السعودية لا تخفي سعادتها بما حدث للعراق- جاءت يقظتها المفزعة من هذه السعادة بمخاوفها من ان الشيعة على وشك الاستيلاء على السلطة في العراق.
وفوجئ الامريكيون الذين كانوا يتابعون برضا ما يجري في جنوب العراق بان الذعر استولى على قلب الرياض التي راحت تلح وتحذر وتدق نواقيس الخطر معتبرة ان ما تصفه بالخطر الشيعي اصبح العدو رقم واحد، وحتى قبل صدام حسين... وكانت صيحة الخطر السعودية انه اذا نجح الشيعة في الجنوب واستولوا على بغداد واذا اقاموا دولة لهم في الجنوب العراقي وحده، فان المد الشيعي من هناك سوف يصل الى الكويت والى البحرين، ويندفع الى المقاطعات الشرقية للمملكة العربية السعودية..)(3).
وبغض النظر عن منهج الاختلاق في المعلومات الذي يصل الى حد الكذب الواضح، الذي يُعرف به هيكل في اغلب مؤلفاته واضافة الى خلط الاوراق (اسرائيل – الموساد وشاه ايران وجنوب العراق)، فانه ومؤلف المصدر السابق لم يوثقا ادّعاءاتهم باية وثيقة رسمية او مصدر محايد معروف، ولا نعلم كيف استطاعا حساب عدد الذين عبروا الحدود وبشكل دقيق. ثلاثون الف... ثم خمسون الف وبالضبط دون زيادة او نقصان...
وكاتب يساري عراقي او على الاقل هكذا يتظاهر كتب في صحيفة عربية موالية لنظام صدام اطروحة غريبة لم يسبقه فيها احد في تفسير اسباب انطلاقة ومن ثم عدم نجاح الانتفاضة، ويقول: (..ثمة شبه اتفاق بين النظام ومعارضيه على دفن البداية الحقيقية للانتفاضة المفعمة بالمعنى والدلالات الكفاحية. والواقع ان الانتفاضة بدأت بالضبط حين وصلت تفاصيل المجزرة المروعة التي نفذها الطيران الاطلسي من ارتفاع الاف الامتار بحق عشرات الالاف من شباب العراق حين راح يحرق ويدفن تلك الالاف في الملاجئ والمخابئ الرملية المرتجلة ولعدة أسابيع وسط صمت مريب من جميع الاطراف بما فيها النظام الحاكم... وحينها فقط ومع تقدم القوات الاطلسية في العمق العراقي وبخاصة القوات الفرنسية على محور جبهة مدينة الناصرية، هّبت جماهير الناس ولما تفق بعد من دوار الفاجعة، تتصدى للغزاة ولم يكن يومها سوى هتاف واحد يصم الآذان (الله اكبر يا عرب ذبحوا شبيبتنا) واختلط الحابل بالنابل وهرعت الجماهير رجالا ونساً وأطفالا مسلحين وعزلا، جنودا ناجين بجلودهم وميليشيات رسمية وأخرى شُكّلت على عجل وحين نجح المنتفضون في صد الفرنسيين غرب الناصرية... اصبحت المدينة ومن ثم المحافظة كلها خارج سيطرة النظام وتحت سيطرة الجماهير الشعبية فعلا وقولا وبعد ايام لم تتجاوز الثلاثة او الاربعة عمّت الانتفاضة اقليم الجنوب والفرات الاوسط بكامله...
جاءت الطامة الكبرى في الاجهاز على الانتفاضة بواسطة التمدد الحزبي الطائفي الذي عبر الحدود الايرانية بشاحنات محملة بصور الزعماء الطائفيين والالاف من رجال المخابرات الايرانيين وبعض قطعات الميليشيات المدربة والممولة جيدا، وما ان ارتفع الهتاف الطائفي سيء الصيت (ماكو ولي الا علي ونريد حاكم جعفري) حتى بدأت الانتفاضة بالتفسّخ ولفظ انفاسها الاخيرة بل وعاد الاف الجنود والمراتب الذين ساهموا في الانتفاضة في ايامها الاولى الى صف الحكومة المركزية وصوبوا بنادقهم الى المنتفضين المشوشين والمرتبكين بفعل الرايات والهتافات الطائفية...)(4).
ولا يجد كاتب القصة المشوقة افضل من هذه الاطروحة المفبركة التي لم يذكرها أي شاهد او مصدر آخر، بحيث حاول اليساري المزعوم وضع تفسير لا يتناقض مع ضخامة الحدث وعظمته ولا مع منطلقات الكاتب الفكرية والسياسية، في نفس الوقت قام بوضع نظام صدام وقوات التحالف الغربي والقوى الوطنية الاسلامية (التي يصر على تسميتها بالطائفية) في خانة واحدة وسوف نأتي فيما بعد على كشف تهافت روايته غير الموثقة.
اما هدى الحسيني المشهورة بمقابلاتها وتقاريرها الدعائية لصالح نظام صدام في مجلة الوطن العربي في الثمانينات، فقد كتبت عدة تقارير ومقالات مليئة بالاتهامات والإساءات لانتفاضة شعبنا في آذار 1991، وإحدى مقالاتها عنونتها بـ (حذار التدخل الإيراني) والمنشورة بتاريخ 25/10/1995 في صحيفة عربية خليجية، تشير الى ان سبب سماح الحلفاء للحرس الجمهوري بسحق الانتفاضة هو ليقوم بطرد الحرس الثوري الإيراني، وتكرر اسطوانة الثلاثين الف او الخمسين الف الذين دخلوا من إيران(5).
ويكتب كاتب عراقي (معارض) آخر وبالنص ما يلي:
(ان الانتفاضة ظاهرة معقدة جداً ومشحونة سياسياً الى درجة يصعب هضمها منطقياً في تلك المرحلة: شعب بأكمله قد ذاق طعن الحرية، وفي الوقت نفسه كانت ذروة جديدة من القسوة البشرية قد سطرت لتضاف إلى سجل التاريخ. وبمنطلق فولاذي، بدت الانتفاضة التي تضامنت كليا معها، كمرآة للطغيان التي سعت جاهدة لتخليص العراق منه. وانفتح جحيم جهنم بشرية- قتل وغدر وخيانة وجرائم انتقام ونهب وكراهية وإبادة جماعية وعبث بالمقدسات وتدنيسها- وكل ذلك ترافق مع افعال من التضحية بالذات والشجاعة ومراعاة الغير والتعاطف، وهي من انقى ما يمكن ان يكون...
الثوار الشيعة في الجنوب قتلوا فردياً من اجل الانتقام وباسم الاسلام، بينما قتل البعثيون جماعياً من اجل البقاء والاستمرار باسم العروبة...)(6).
اما عزيز محمد الذي تربّع على قيادة الحزب الشيوعي العراقي اكثر من عشرين عاما والذي وقع وثيقة التحالف مع حزب البعث الحاكم الى جانب احمد حسن البكر عام 1973، فقد قال في معرض إجابته على سؤال: هل من اخطاء في الانتفاضة التي حدثت بعد الخليج الثانية انها اعطيت الطابع الشيعي في الجنوب؟:
(نعم كانت الانتفاضة شعبية تمثل كل قطاعات الشعب ومذاهبه وأديانه ومعتقداته السياسية، غير ان سعي بعض الاطراف الى اضفاء طابع ضيق عليها اضرها ضرراً بليغاً، فالغالبية الساحقة من ابناء الشعب، ونحن من بينهم، ان لم يكن كلهم، لا تريد أي امتداد لأي طرف اقليمي داخل العراق.
بعض الشعارات التي رُفعت في مناطق معينة الحقت اذى كبيراً بالانتفاضة، ونأمل ان تكون الاطراف التي كانت وراء ذلك استفادت من الدرس)(7).
ولا يخفى على القارئ اللبيب سعي القيادي الشيوعي للغمز من قناة الاسلاميين الشيعة العراقيين وايران..
اما المدير السابق للاستخبارات العسكرية (احدى اجهزة القمع المعروفة في العراق والتي اصبحت بناية ادارتها- وبطوابقها التي يغور بعضها تحت الارض- الواقعة على دجلة في الكاظمية مقابل الاعظمية، طوامير وأقبية النظام التي يعاني فيها احرار العراق خاصة من العسكريين الوان العذاب..) والمنشق حاليا عن النظام فيقول في معرض تفسيره لحدث الانتفاضة ما يلي:
(عندما تمسك صدام بقراره الفردي بالاحتفاظ بالكويت، لم يكن يعتقد ان الوضع الامني داخل العراق سينفجر، فقد كانت قبضته الدموية تمسك بزمام الامور. بيد اننا كنا نرصد تحركات الحركات الكردية المسلحة، داخل العراق وخارجه، ونتابع بدقة اكبر حركة القوات التابعة للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق المسمى(فيلق بدر) وهي قوة مؤلفة من المسفرين (المبعدين) من العراق لعدم امتلاكهم شهادة الجنسية (بدون!) ومن العراقيين الهاربين من العراق والمتطوعين من بين الأسرى في إيران.. كما حشدت إيران حوالي خمس عشر فرقة من الجيش والحرس الثوري... واصبح واضحا لدينا ان قوات المجلس الاعلى وكذلك الحركات الكردية المسلحة، ستبدأ مرحلة من العمل الواسع لزعزعة الامن العام والاطاحة بالسلطة.
سؤال لا يزال بدون جواب شامل ومقنع، وهو: هل ان ما حصل كان عفويا أم كما يقول الفريق الاخر ان هنالك اصابع قوية لاتصالات تنظيمية؟ بالرغم من ان حالة الكره الشعبي للنظام وانهيار قوة السلطة ومرارة الهزيمة الكبرى كانت دوافع اساسية للانتفاضة العفوية، الا ان تحشد قوات المجلس الاعلى في الاحواز ودزفول وقصر شيرين وظهور شبكات لاسلكية داخل العراق يؤكد ان ما حصل لم يكن عفوياً. ..)
ثم يبرر المدير السابق للاستخبارات موقفه الممالي للنظام خلال فترة الانتفاضة فيقول: (اصبحنا في حالة مجابهة مع الامر الواقع، رتلان يهددان المنطقة الوسطى، رتل كردي من الشمال يحمل معه كل الام السنين الطوال ورتل من التيار المتطرف من الجنوب. ولم تكن لنا اية علاقة تفاهم مع أي من الركنين، وان نجاح الانتفاضة سيعني وفق ما نرى ابادة لعرب المنطقة الوسطى، ولذلك اصبح الوقوف الى جانب النظام الخيار الوحيد لفترة من الوقت)(8)، وعجباً لمثل هذا التبرير الغريب... فمن هم يا ترى يريدون ابادة عرب المنطقة الوسطى؟ ام ان المعنيين بعرب المنطقة الوسطى هم عناصر اجهزة قمع نظام صدام ومرتزقة حزبه الاجرامي؟
في مصدر آخر (شيعة العراق) يقول المؤلف (اسحق نقاش): (لقد كانت انتفاضة آذار 1991 انتفاضة عفوية وغير منظمة في اصلها ولكن انتشارها في الجنوب الشيعي ثم في الشمال الكردي لاقى بدرجة ما تحفيزا من بلدان اجنبية فضلا عن تحفيز فصائل المعارضة العراقية في الخارج...
وبخلاف هجمات الوحدات المنظمة على مواقع الجيش العراقي في الشمال فان الثوار الشيعة في الجنوب كانوا غير منظمين وبلا مخطط اهداف ايديولوجية اسلامية محددة بوضوح قبل الانتفاضة...
وفي عام 1991 قامت ايران بدور ممارسة الدعاية وزودت بعض فصائل الثوار العراقيين بالسلاح، وخاصة لواء بدر الخاضع لتنظيم المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق برئاسة محمد باقر الحكيم وكان اللواء مؤلفا من شيعة عراقيين جندوا في اواخر السبعينات واوائل الثمانينات، ويبدو ان عدة الاف منهم، دخلوا العراق اياما قليلة بعد اندلاع الانتفاضة، وعبّرت ايران بتدريب هؤلاء اللاجئين وتسليحهم عن استمرارية مطامعها التقليدية في ممارسة نفوذ على العراق بالتأثير في الشؤون الشيعية داخل البلاد ولكن بعدما يربو على عامين من الحرب يبدو انه اذا حاولت ايران حقا ان تحدد الاتجاه الايديولوجي للانتفاضة فان هذه المحاولة لم تثمر عن شيء.
وتزامن فرض منطقة الحظر الجوي في جنوب العراق مع تقارير لوسائل الاعلام بان مسؤولي الادارة الامريكية وصنّاع سياستها ادركوا ان الشيعة عراقيون اولا وليس انفصاليين، وكانت لحظة التجلي هذه تعكس ما وصفه المسؤولون بأنه (فهم افضل لمن يكون حقا الشيعة في جنوب العراق: انهم بشر مُضطهدون وليس بالضرورة نُذُر دولة اسلامية راديكالية ستتحالف مع ايران) ويطرح الانقلاب الذي احيط بدعاية واسعة في الموقف من الشيعة العراقيين، تحديات جديدة ليس على الولايات المتحدة وحلفائها فحسب بل وعلى المواطنين في العراق فضلا عن فصائل المعارضة في الخارج.
هل يعكس هذا التطور مجرد تغيير في التكتيك لاضعاف صدام أم انه ايضا مؤشر وجود استعداد صادق من جانب الولايات المتحدة وحلفائها لاعادة النظر في افتراضات سياسية ثابتة منذ زمن طويل حول طبيعة الحكم في العراق، يمكن ان تنهي حكم الاقلية السنية في هذا البلد؟ ان مهمة التعامل مع هذا السؤال الصعب وتفرعات احتمالاته المعقدة تركت للادارة الامريكية الجديدة بقيادة الرئيس كلنتون. وحين كتبت هذه السطور لم تكن الولايات المتحدة وحلفائها، بمن فيهم العربية السعودية والكويت، على استعداد حقيقي لاجراءتغييرات جذرية في التصورات السابقة عن طبيعة الحكم في العراق...)(9).
اما المسوؤلون الامريكان فقد كانت لهم اتهامات وتشويهات مماثلة ضد الانتفاضة وذلك لتبرير موقف الادارة الامريكية اللاأخلاقي منها، مثلاً يقول جيمس بيكر وزير خارجية امريكا في تلك الفترة في كتاب مذكراته (... الحقيقة اننا لم نساعد التمرد في الجنوب والشمال من الناحية العسكرية خوفاً من ان نسرع في عملية تقسيم العراق وزج المنطقة في حلقة جديدة من عدم الاستقرار.. لقد كان الشيعة يُنظر اليهم كحلفاء لايران واما الاكراد الذين يطالبون بدولة كردستان... ومن سخريات القدر ان الانتفاضتين في الشمال والجنوب، بدلا من ان تضعفا من سيطرة السلطة كما كنا نتوقع، فقد اسهمتا في تعزيزها) اضافة الى نصوص اخرى يجدها القارئ بالتفصيل في هذا الكتاب ضمن الفصل الخاص بدراسة الموقف الامريكي من الانتفاضة.
وهكذا يُمكن ان نتعرف بوضوح على جبهة المعادين للانتفاضة والقائمين بتشويهها والصاق التهم بها: جبهة تضم مرتزقة نظام صدام ومنشقين جدد عن النظام ولكنهم يحملون نفس خطه الفكري والسياسي والاخلاقي وعناصر يساريه (او هكذا تتظاهر على الاقل) منفصلة عن تيار شعبها ومسؤولين امريكان...
هذه كانت بعض الشبهات والاتهامات والتحليلات الخاطئة عن الانتفاضة الشعبية. ولنعد قليلاً الى بداية الكتاب، لاستقراء الصفحات الخالدة من وقائع الانتفاضة، لنرى هل تتحمل مثل تلك الشبهات والاتهامات ولا نريد ان نقول الاكاذيب، ام لا؟
عشرات الصفحات من هذا الكتاب (كتاب: الدكتاتورية والانتفاضة) ومئات اخرى سوف تصدر بالتأكيد في كتب لاحقة، واحاديث وشهادات كثيرة لثوار الانتفاضة او لشهودها وهم اليوم في شتى بقاع العالم) تشير وبوضوح وبقاطعية الى ما يلي:
اولا: العراقيون وحدهم، مدنيون وعسكريون، شيوخ وشبان وفتيان، نساء ورجال من ابناء المدن ومن القرى والقصبات، من العرب والكرد والتركمان واخرين، هم الذين اطلقوا صرخات الثورة وهم الذين دكّوا رموز ومؤسسات الدكتاتورية وهم الذين حرروا مدنهم وقراهم ومناطقهم من نفوذ السلطة وهم الذين اداروا المناطق المحررة، فقاموا بتشكيل اللجان العسكرية والادارية ولجان التحقيق والمحاكم ووزّعوا المواد التموينية على الناس وشغّلوا المعامل والمستشفيات ودوائر الدولة.
في البصرة والناصرية والديوانية والعمارة والسماوة والرميثة والحلة وكربلاء والنجف وفي دهوك واربيل والسليمانية وكركوك وفي الكثير من اقضية ونواحي وقصبات هذه المدن... كان المتظاهرون ضد السلطة بعد فرار رموزها وممثليها عند بدء الاحتجاج وكان المقاتلون عند اندلاع الانتفاضة وكان الصامدون عند الهجوم المعاكس لقوات صدام... كانوا جميعا من العراقيين المظلومين..
لم تقدم اجهزة السلطة ولا أي دوائر اقليمية او دولية وبضمنها قوات التحالف الغربي التي كانت تحتل ولاسابيع عديدة مناطق واسعة في جنوب العراق، أي ادلة سواء أكانت وثائق حقيقية ام صورا وافلام مصورة او اسرى احياء او حتى اجساد قتلى، تدل على اشتراك افراد او مجموعات غير عراقية في فعاليات الانتفاضة الشعبانية الكبرى.
وبالعكس توجد شهادات موثقة ووثائق تدل على ان مجموعات غير عراقية من المرتزقة (من قبيل منظمة مجاهدي خلق المعارضة الايرانية ومن قبيل مرتزقة بعض المنظمات العربية الاجيرة للنظام مثل جبهة التحرير العربية) قد نفذت الى جانب قوات صدام مهمات قذرة في الهجوم على المدن العراقية المنتفضة وفي قتل عدد كبير من الثوار والابرياء من ابناء العراق.
ولا ندري الى اين ذهب (الغادرون الاجانب) الذين اشار اليهم عبد الجبار اللامي في مقالاته الكاذبة في صحيفة النظام (الثورة)؟ واين ذهب الثلاثون الف ثم الخمسون الف من حرس الثورة الايرانية الذين اشار اليهم (البزاز) و(هيكل) في كتابيهما... و(هدى الحسيني) في مقالتها وقبل ذلك من هي الجهة التي رصدت دخول كل تلك العناصر الاجنبية وقامت بعدّها وتحديد اعدادها بدقة، دون ان تكون قادرة على اثبات ادعاءاتها بدليل واحد، وهل من المعقول ان تسكت قوات التحالف الغربي والقوات الامريكية بشكل خاص عن دخول مثل هذا العدد من المسلحين الايرانيين، خاصة وان عناصر قواتها وجواسيسها كانوا يراقبون الجنوب العراقي جوا وبرا وبدقة؟
ثانياً: تشير صفحات الانتفاضة في كل المدن والقرى العراقية المنتفضة الى حقيقة هامة اخرى وهي ان كل السلاح والذخيرة والمعدات التي استخدمها الثوار العراقيين كانت من مصادر محلية... من قبيل سلاح افراد الجيش المشتركين في الانتفاضة والسلاح الذي غنمته الجماهير من قبل قوات النظام عند هزيمتها في المواجهات، والسلاح الذي وجده الثوار في مقرات المنظمات الحزبية والاجهزة الامنية ومخازن السلاح والذخيرة الموجودة في المناطق المحررة...
في اولى عمليات المنتفضين في مدينة الناصرية حصل الثوار على كميات من السلاح من مراكز الشرطة الاربعة في المدينة وحصلوا على مائة كلاشنكوف ورشاشات pbk من قيادة فرع حزب السلطة.
في مدينة الحلة استولى الثوار على بعض الاسلحة الخفيفة من مركز شرطة ومن مديرية التجنيد المجاورة له وغنموا اسلحة اخرى من مديرية الامن، وفي مركز تدريب مشاة الحلة استولى الثوار على ما يقارب اثنا عشر الف بندقية مخزونة في 12 مشجب وكذلك كمية من قاذفات rbg وقنابل يدوية.
اما في كربلاء فقد استولى الثوار المسلحون ببعض الاسلحة الخفيفة والسيوف في الساعات الاولى من بدء الانتفاضة على الدبابات التي جلبتها السلطة للدفاع عن اجهزتها الاجرامية، بل تم الاستيلاء على طائرات مروحية استسلمت اطقمها بعد سقوط احداها.
وهكذا في النجف الاشرف حيث تقع المخازن الاستراتيجية للعتاد (بين مركز كربلاء والنجف)، وفي الديوانية وفي العمارة حيث مقر الفيلق الرابع استولى الثوار على الاسلحة والعتاد وعدد من الطائرات المروحية... وهكذا في كردستان العراق...
فهل هذه الصور الواقعية تدل على دعم خارجي او مشاركة خارجية في الانتفاضة ام تدل على حدث عراقي داخلي 100% وبإمكانات محلية وداخلية فقط... اليست هي استراتيجية الانظمة الدكتاتورية الثابتة، اتهام أي تحرك شعبي وطني داخلي بكونه قادم من خارج الحدود بينما تشير العديد من الادلة والمعلومات الموثقة بان ما كان انقلاب 17-30 تموز ان ينجح عام 1968 وما كان صدام يستطيع تصفية خصومه داخل الحزب والسلطة عام 1979 دون الدعم الذي جاء من خارج العراق، ولم يتمكن النظام من الصمود خلال عدوانه على ايران لولا الدعم الامريكي.
ثالثاً: ثم لننظر الى طبيعة الاهداف التي يهاجمها المنتفضون: مراكز القمع والتعذيب والقتل (المسماة كذباً بمديريات الامن والمخابرات) ومقرات منظمات حزب السلطة (الذي اصبح في الواقع في ظل نظام صدام حزباً للتجسس على المواطنين ولارغامهم على عمل السخرة لصالح اجهزة السلطة، والدعاية السمجة لرأس النظام ومبادئ الحزب المنخورة... الخ) وبنايات المحافظة او ادارة الناحية والمراكز الادارية الاخرى التي ينظر لها العراقيين كمظهر واضح لطغيان السلطة وتحكمها بحياة المواطنين وامتهام كرامتهم، اضافة الى مهاجمة تجمعات القوات والمرتزقة التي كانت تقتل وتدمر كل ما يقف أمامها دون تمييز...
في الناصرية مثلا هاجم شباب الانتفاضة مراكز الشرطة وكان الهدف الحصول على الاسلحة، وهاجموا قيادة فرع الحزب ومديرية قمع (امن) ذي قار، حيث غرف التعذيب والدماء المتخثرة والاظافر المقلوعة واحواض التيزاب الخاصة بتذويب اجساد الشهداء.
وفي الحلة كان الهدف الاول هو السجن الرئيسي الذي كان يضم اكثر من خمسة الاف سجين ثم مراكز الشرطة ومقر فرع حزب السلطة ودائرة قمع (امن) الحلة واستخباراتها... حيث وجد الثوار كلابات تعليق السجناء وكابلات للضرب وكانت الدماء والروائح الكريهة تملأ الغرف، وفي كربلاء هاجم المنتفضون مركز بناية المحافظة حيث يتواجد ممثلوا السلطة وهاجموا مقر قيادة الجيش الشعبي (وهي ميليشيا السلطة) وهاجموا مديرية المخابرات في حي العباس..
وفي النجف الاشرف كانت اولى الاهداف التي هاجمها المتظاهرون مديريات الامن والمخابرات والشرطة وحزب السلطة.
وفي الحمزة الشرقي- اكبر اقضية الديوانية- كانت منظمة الحزب السيئة الصيت هي الهدف الاول للثوار... وفي الرميثة كان السجن هو الهدف الاول ثم توجه الثوار الى مراكز السلطة والحزب والجيش الشعبي... وهكذا في العمارة هاجم المتظاهرون مركز شرطة العروبة ثم مركز شرطة الخيالة في الدبيسات ثم الموقع العسكري ومديرية امن العمارة ومقر المنظمة الحزبية ومقرات الجيش الشعبي ومقرات الاستخبارات والمخابرات.
وفي السليمانية هاجمت الجماهير الغاضبة التي لم تكن تحمل سوى اعداد قليلة من السلاح الخفيف والسكاكين والعصي، مراكز السلطة ومنها مركز الانفال (وهو مقر الحزب الحاكم والجيش الشعبي) ثم هاجمت دائرة الامن.
وفي اربيل كانت (المنطومة الشمالية- وتعتبر اهم دائرة امنية في المنطقة الشمالية بأسرها وترتبط بها جميع الدوائر الامنية والاستخباراتية والمخابراتية واجهزة الامن الحزبية في محافظة كركوك والسليمانية ودهوك اضافة الى اجهزة امن اربيل...) من الاهداف المهمة التي هاجمها الثوار من ابناء المدينة.
اذا لم تتم مهاجمة غير الاهداف التي تجسد طغيان السلطة وقمعها وظلمها، ولم تتم مهاجمة اهداف تخص طائفة معينة او قومية خاصة او وسط اجتماعي او سياسي معين... وهذه الحقيقة تدحض كل الاتهامات بطائفية الانتفاضة او عنصريتها او انتسابها لدوائر خارجية، وتدل على وحدة الكفاح الشعبي بين مختلف مكونات الشعب العراقي ضد النظام الدكتاتوري الاجرامي.
بينما شاهدنا كيف ان قوات واجهزة صدام لم تتورّع في هجومها المضاد لاستعادة نفوذها في انحاء الوطن، عن ارتكاب ابشع الجرائم واوسعها، حيث قصفت بصواريخ ارض- ارض وبالمدفعية الثقيلة والدبابات، المناطق السكنية وتجمعات المدنيين الابرياء الهاربين خارج المدن ونسفت الجوامع والحسينيات وهدمت المستشفيات وقتلت الاطباء والممرضات والجرحى وكل من كان يصادفها. حتى بلغت اعداد المقتولين وفق اقل التقديرات ربع مليون عراقي وعراقية، وسوف لا نشك بانه سيتم اكتشاف مئات المقابر الجماعية الموزّعة في انحاء العراق بعد سقوط صدام...
ولنأتي الان الى مناقشة بعض التشويهات والاتهامات الباطلة التي ذكرتها المصادر المشار اليها في الصفحات السابقة...
فسكان جنوب العراق الذي شتمهم عبد الجبار عبد المحسن اللامي (الكاتب المرتزق لدى نظام صدام) في مقالات الثورة السيئة الصيت (ماذا حصل... ولماذا حصل الخ...)، هم في الواقع احفاد اولئك الذين صنعوا الحضارات العظيمة في العراق القديم واحفاد اولئك الذين قدموا من الجزيرة العربية حاملين مشعل الاسلام الى العراق والعالم، ويعرف المتخصصون في الاثار ان اكثر الناس شبها باهل (اور) القديمة هم سكان اهوار جنوب العراق، بل ولا زالوا يبنون مضايفهم بنفس الطريقة وبنفس المواد التي بنيت بها الحضارات القديمة كما تشير بعض النماذج الاثرية المحفوظة في عدد من المتاحف العالمية ومنها متحف التاريخ في لندن.
واغلب سكان جنوب العراق من عشائر عربية معروفة لمئات السنين، بينما لا يعرف العراقيون من هو فعلا والد صدام ومن هي عشيرته، والى اية عشائر تنتسب النكرات الذين يمثلون في ذلك الوقت كبار مسؤولي الحزب والسلطة في العراق.
الخونة المارقون والاجانب الغادرون هم الذين اخذوا عقائدهم وثقافتهم وسياساتهم ومهامهم من (ميشيل عفلق) الذي لا يمت باية صلة لبيئة العراق وقيم العروبة والاسلام، والذي كان الطاغية صدام احد ابرز تلامذته الاوفياء وكان حزب السلطة احدى نتاجاته التخريبية.
لم يكن شباب الانتفاضة من هاتكي الاعراض وسارقي اموال الشعب، فهم اشرف واطهر من ذلك لانهم ابناء العراق، والعراقيات اما امهات او بنات او اخوات او زوجات لهم، ولكن تلك الكابينة التي وجدها الثوار عند سيطرتهم على مديرية قمع (امن) السليمانية في ايام الانتفاضة المجيدة، الكابينة التي كانت مليئة بالملابس النسائية... تكشف عمن هم هاتكي اعراض العراقيات الشريفات، فتلك الكابينة والتي لا تخلو مديرية او دائرة امن منها في كل محافظات العراق) كانت هي المكان الذي يقوم فيه المجرومون من عناصر السلطة باغتصاب النساء السجينات او من عوائل السجناء للضغط عليهم.
لقد كشفت تقارير موثقة عن وجود رجال امن وظيفتهم الرسمية (كما هي مبينة في هوياتهم الشخصية) هي وظيفة انتهاك العرض.
اما سارقي اموال الشعب فهم رجال السلطة وليس المعارضين.. لقد قرأتم في صفحات ماضية ما وجده الثوار في منزل محافظ الناصرية الذي كان قد اهلك الناس تضورا وجوعا حتى اوصل سعر كيس الطحين آنذاك الى سبعمائة دينار (أي حوالي مائة دولار)، وجدوا خمسمائة كيس طحين من الحجم الكبير.. سارقوا اموال الشعب هم الذين اخفوا في مخازن (جملونات) في حي سومر في الناصرية مواد غذائية كبيرة جدا تشمل الرز والسكر والشاي والمعلبات والسكائر والصابون والتايد (مسحوق غسيل) اضافة الى مواد متنوعة اخرى، وهو ما كشفه ثوار الانتفاضة عند سيطرتهم على تلك المخازن.
وفي الحلة ايضا سيطر الثوار على سايلو خاص بالرز يكفي محافظة بابل لمدة سنتين، ولم يوزعها النظام على المواطنين ايام الحصار والحرب، وسيطروا ايضا على مخازن قرب المنشئات العسكرية تحتوي على 55 جملون، كل جملون مملوء بمادة معينة واحد مملوء بالحليب وآخر مملوء بالتلفزيونات وآخر للمبردات وآخر للسكر... وآخر للسمن النباتي وهكذا... علما بان هذه المواد كانت مفقودة في السوق واسعارها جهنمية ولا توزع على المواطنين الا للرفاق اعضاء حزب السلطة والامن وعناصر النظام.
سرّاق اموال الشعب هم الذين يكدّسون ملايين الدولارات في المصارف الاجنبية، ومنهم المجرم صدام الذي كشفت احدى التقارير المتخصصة في العام 1997 بانه خامس اغنى رجل في العالم، بينما لم يكن يملك حين وصوله الى السلطة شيئا يذكر... ومنهم برزان التكريتي اخو طاغية العراق المسؤول عن ادارة البلايين من الدولارات خارج العراق لصالح العائلة التكريتية الحاكمة، وكان منهم حسين كامل صهر صدام والرجل الرابع او الثالث في النظام قبل انشقاقه، والذي اعترف النظام نفسه بانه سرق الملايين، وقام عملاء النظام في اوائل عام 1998 بتنفيذ ثلاثة مذابح مروعة في الاردن بهدف استعادتها، ومنهم عدي صدام وساجدة طلفاح زوجة صدام وغيرهم ممن وضعوا ايديهم على اغلب شركات ومصالح واراضي واستيرادات العراق، ولم ينس اغلب العراقيون بان نسبة الخمسة بالمائة (5%) التي كانت لعائلة كولبنكيان (للدور الذي لعبه كبير العائلة في خدمة شركات النفط العالمية سابقا) صارت بعد انقلاب 17 تموز 1968، تودع بأسم صدام في المصارف الاجنبية.
اما مؤلف كتاب (حرب تلد اخرى) والملحق العراقي الثقافي السابق في لندن وبالرغم من اعترافه لاحد العراقيين المعارضين (وهو المحامي الصحفي فائق الشيخ علي) بأنه انما كتب ما كتبه ضد الانتفاضة لخوفه من السلطة وهو يعلم بان انتفاضة آذار 1991 هي انتفاضة عراقية وطنية مستقلة ضد نظام صدام وانه كتب بعد خروجه من العراق وانشقاقه عن النظام، تحليلاً منصفاً للانتفاضة، الا اننا نناقش هنا بعض الاتهامات والتشويهات التي وردت في كتابه المشار اليه (لعدم نشره لحد الان نظرته الجديدة للانتفاضة).
فهو ومحمد حسنين هيكل المعروف بعدم صدقه في الكثير مما يكتبه، يدّعيان بان خمسين الف من حرس الثورة الاسلامية الايرانية ومن العراقيين المتعاونين معهم، هم الذين عبروا الحدود العراقية من ايران وهم الذين اشعلوا لهيب الانتفاضة في مناطق العراق المختلفة...
نقول ما هي مصادرهم الموثقة لمثل هذه المعلومات وكيف تم احصاء هذا العدد من المتسللين وبالضبط؟ وكيف لم يتسنى القاء القبض على ايراني متسلل واحد له علاقة بالانتفاضة الشعبية، ولو بصورة جسد متسلل قتيل واحد؟ وكيف لم تكتشف عيون الاجهزة المخابراتية الغربية والامريكية بشكل خاص (وهي التي كانت ترصد المنطقة جوا وبرا وكانت تحتل جزء كبيرا من جنوب العراق آنذاك) ذلك التسلل الضخم الذي يتعارض مع مصالحها الاستراتيجية ثم الا توحي ارقام من قبيل ثلاثون الف او خمسون الف (لاحظوا الزيادة فقط بالالاف) بكذب (مصفّط) كما يقول العراقيون؟ اذا كانت هناك احصاءات دقيقة للمتسللين لماذا لم تكن هناك ارقام من قبيل عشرون الف وسبعمائة وخمس وعشرون... مثلاً؟ لماذا الذي حدد الارقام يزيدها بالالاف فقط؟!
ثم اية اوضاع داخلية هذه، التي يستطيع فيها بضع الاف متسلليين من بلد مجاور ان يشعلوا انتفاضة شعبية تنتشر وخلال ايام في جنوب ووسط وشمال البلاد ويسيطر فيها المنتفضون على اكثر من ثلاثة ارباع الوطن ولولا الدعم الامريكي لقوات الحرس الجمهوري لأنتهى نظام صدام والى الابد...
الا تشبه كذبة المتسللين الايرانيين التي اطلقتها اجهزة نظام صدام وروّجتها (والاهداف معلومة) دوائر اقليمية ودولية معادية لتحرك الشعب العراقي، الا تشبه تلك الكذبة التي سَخَر منها العراقيون كثيرا في ربيع 1977 عندما اتهم النظام الجارة الشقيقة سوريا بانها وراء الانتفاضة الجماهيرية في النجف وكربلاء والمعروفة بانتفاضة الاربعين وانها ارادت تفجير المرقد الحسيني، ثم اذا كان من حق نظام صدام ان يجلب الاف المرتزقة العرب وغير العرب من الخارج من خلال الامتيازات المادية الهائلة، ليعملوا في اجهزة قمعه وليكونوا اداته في ضرب التحرك الشعبي العراقي، فمن حق العراقيين المهاجرين والمهجرين لاسباب سياسية ان يعودوا الى وطنهم وفي أي وقت ومن أي مكان يناسبهم للنهوض بواجباتهم الوطنية والدينية تجاه شعبهم الصابر... وتجاه مقدساتهم المنتهكة.



لطول البحث كانت المشاركة الاولى فارغة من الموضوع .وقد أرتئيت أن أجزئه الى جزئين ليسهل تحميله

توقيع : المهاجره رفحاء
من يلـهـــه المرديـــان المــال والأمل
لم يــدر مــا المنجيـان العلـم والـعمل
يا منفق العمـر فـي عصيـان خالــقـه
أفق فانك من خــمر الــــهوى ثمــــل
من مواضيع : المهاجره رفحاء 0 حنان الفتلاوي تؤكد ما نشرته وكالة انباء براثا حول صرف النجيفي مبلغ 350 مليون دينار كم
0 الصدر يدعو إلى تظاهرات مليونية بعد العيد لانقضاء المهلة الممنوحة للحكومة
0 نواب وعاملون في السجون:اطلاق سراح البعض بـ (60) الف دولار وسجين يصل وارده اليومي الى(
0 مخطط كبير تقوده السعودية لاسقاط المنطقة الغربية لدعم امداد عملائهم السلفيين في سوريا
0 الساري يدعو إلى حل المشاكل مع دول الجوار دبلوماسيا ويؤكد ان تصريحاته بشأن ايران تم اق
رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)



تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الشبكة: أحد مواقع المجموعة الشيعية للإعلام

الساعة الآن: 06:12 AM.

بحسب توقيت النجف الأشرف

Powered by vBulletin 3.8.14 by DRC © 2000 - 2024
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات أنا شيعـي العالمية


تصميم شبكة التصاميم الشيعية