[ضياء عارف]

مذكـــــــــرات ( بـــــــــيرغ ) 2




وبينما كنا نستريح على ضفاف إحدى الجداول .. طوقتنا قوة عسكرية .. وصارت ترمي كل من تراه .. بالرصاص .. بالقاذفات .. بالسكاكين .. دهسا بالعجلات .. وصار الزوار يركضون .. تفرق السرب بين البساتين .. وتطايرت جثثهم هنا وهناك .. سقط من سقط .. وقتل من قتل .. لكن بعد ساعة .. عاد المسير كأنه لم يحصل شيء .
عندما طاب وقت الرحيل .. همس الموت بآذان الصباح .. ودندن الماء سعيدا .. هيا .. هيا لسفينة النجاة .. واستقبل ملائكة الرب زوار الشهيد .. يغسلون ذنوبهم .. يعمدون الروح بماء الخلود .. وينثرون الدرب بالورود .. يبشرون المتعبين من طول الطريق .. هذه الخيام خلف أسوار النخيل .. ها هنا الجنان .. ها هنا قبة المقتول ظلما .. واستداروا حلقا أحفاد الشهادة .. واجتمع العاشقون في لقاء .. أساسه الفداء .. البستان يلطم .. ينصب مجلسا حزين , يصطك فيه العشق بالعبادة .. واستراح ناي السنية .
نظر علي لأحمد وقال : كيف ترى الطريق .. ؟
فقال احمد : انه الدرب الذي ان ذهب الفجر فيه لا يعود فجرا .. وان سار به القديس يصلب .. ويلوكه الحقد الدفين .. لا نبالي .. وقعنا على الموت او وقع الموت علينا .. كالشهد نرى المنية .. فرصة المذنب مثلي ان يغني للأبد .. ياحسين يا قربان القضية الكبرى خذني شهيدا .. فهنا يعترف العبد بذنبه .. ويدخل الفردوس كالشعاع .
وهجم البعثي يقطع الورود .. ينحر الفجر ويدفن الصباح .. وتناثر الورد كأمطار شذى .. كندى الياس واطقال برية .. بعد ساعة .. سرح السرب .. وعادت الحياة .. واستفاقت في هيام تراتيل السما .. ابد والله يازهرا ما ننسى حسينا .... لقرابين القضية .. للطف بأرض الفداء.. ينادون إليك كربلاء