نيكولاس كريستوف * - « نيويورك تايمز » - 15 / 6 / 2011م - 8:37 م
عزيزي الملك حمد،
... صديقي يعد واحداً من الأشخاص الذين تسجنهم في البحرين حالياً. هو فنان؛ وهو من ألطف الأشخاص الموجودين على قيد الحياة، وخوفي العميق هو أنه من المحتمل أن حكومتك تقوم بتعذيبه بسبب صداقته معي.
يا صاحب الجلالة؛ أنا أتحدث عن حسن الصحاف الذي هو في السابعة والخمسين من عمره. هو كان قد درس في بريطانيا ومن ثم في لوس أنجليس وبوسطن ومن ثم في ولاية أريغون، وهي المكان الذي قامت فيه والدتي بتدريس تاريخ الفن. في ذاك المكان أصبح حسن من الطلاب المفضلين لدى والدتي من بين جميع الطلاب الذين درستهم. كان هذا قبل 30 سنة من الآن، ولكننا بقينا على اتصال منذ ذلك الحين.
أيها الملك حمد؛ أنت تصوِّر قمع الحركة المطالبة بالديمقراطية على أنَّه جهدٌ لاستعادة النظام، ولكنَّ حسن ليس واحداً من المراهقين المتعصِّبين الذين يقومون برمي الحجارة، هو شخص ضعيف البنية ورمادي الشعر، وهو مثقَّفٌ ملتزمٌ بالسلام. هذا هو النمط الموجود حالياً: الكثير من الأشخاص الموجودين في سجونك هم أطباء ومفكرون جنحتهم الوحيدة هي أنهم حلموا بالديمقراطية.
حسن أخبرني بأن الفترة التي قضاها في الولايات المتحدة قد غيَّرته، حيث يقول: بمجرد أن تعتاد على العيش في حريَّة من الصعب أن تتخلَّى عنها. واحدٌ من الأعباء التي تثقل كاهلك يا صاحب الجلالة هو أنَّك قمت بتعليم العديد من أبناء شعبك في الخارج وهو الشيء الذي جعلهم لا يقبلون باستبدادك مجدداً.
صحيح أن حسن هو شخص ذو خلفية شيعية مثل معظم الشعب البحريني، وأنَّك أنت وبقية العائلة المالكة هم من السنة، وأنك تخاف حتى الموت من التطرف الشيعي ومن حدوث تمرد شيعي مدعوم من إيران. أنت شاهدت كيف استولى الشيعة على السلطة في العراق، وفي بعض الحالات قاموا بإطلاق العنان لفرق الموت هناك. أنت تخاف - وهو خوفٌ مفهوم - بأن الديمقراطية من شأنها أن تؤدي إلى تفكُّك البحرين وحدوث العنف ضد الأشخاص الذين تحبهم. الوحشية التي تمتلكها ليست ناشئة من كونك شرِّيراً، ولكنها بحسب اعتقادي ناشئة من الخوف.
ولكن حسن ليس متعصِّباً على الإطلاق، حيث أنه عندما عاش في الولايات المتحدة قام بالزواج من امرأة يهوديَّة على الرغم من طلاقهما لاحقاً، كما كان يتحدث معي بشكل ودود عن السُنَّة.
وبعد عودته من الولايات المتحدة للبحرين، قام حسن بالتدريس في جامعة البحرين. وفي أثناء الاشتباكات التي حصلت هناك؛ قال لي حسن بأنه قام بحماية طلاب ينتمون إلى الأسرة الحاكمة.
ولكن في مكانٍ ما لاحقاً؛ غضبت قوات الأمن الخاصة بك من حسن الذي يمتلك شعوراً كبيراً بالكرامة ورفض التملُّق، ولهذا قامت حكومتك في نهاية المطاف بإرساله إلى السجن وتعذيبه على مرَّتين كما أخبرني. هذا هو الوضع الفوضوي الذي يهدد الشعب البحريني والذي أراد المتاظهرون المطالبون بالديمقراطية أن يلغوه.
في شهر فبراير الماضي وأثناء زيارتي الأخيرة إلى البحرين؛ قامت قواتك بإطلاق النار بدون سابق إنذار على المعتصمين المطالبين بالديمقراطية والذين كانوا يهتفون بـ "سلميَّة سلميَّة"، ومنذ ذلك الحين رأينا قمعاً عنيفاً أدَّى إلى قتل المزيد من الأشخاص وأدَّى إلى امتلاء السجون، واكتشفتُ أنا منذ فترة بأن قوات الأمن التابعة لك هاجمت بيت حسن واعتقلته مرَّة أخرى.
حكومتك تقول لي وبوجهٍ خالٍ من المشاعر بأنه تم الحكم عليه بالسجن لمدة شهرٍ بسبب تخلفه عن سداد أحد ديونه، ولكن كلُّنا نعرف بأن السبب الحقيقي وراء احتجازه هو حملة الإرهاب التي شنَّيتها أنت على الشيعة وذلك من خلال رميهم في السجن وفصلهم من أعمالهم وتهديم مساجدهم وسحبهم من أسرَّة المستفيات ووقف البعثات الدراسية الخاصة بهم. أنت تريدهم أن يدركوا بأنهم سيدفعوا ثمناً موجعاً إذا ما تجرَّأوا وطالبوا بالديمقراطية مرَّة أخرى، والأشخاص الذين لهم علاقات مع صحفيين أجانب مثل حسن هم مستهدفون وذلك لتخويفهم ودفعهم للصمت.
هل يتم تعذيب حسن حالياً؟ حسناً يا صاحب الجلالة؛ أنت تعرف هذاأفضل مني، ولكنَّ التقارير حول حالات التعذيب والاغتصاب في سجونك كثيرة، وعلى الأقل 4 من سجنائِكَ ماتوا تحت الاحتجاز، وعلى ما يبدو أنه قد تم تعذيبهم حتى الموت. لقد رأيتُ أنا طبيباً دخل في غيبوبة بعد أن قامت قواتك بضربه لأنه قام بمعالجة جرحى من المتظاهرين، كما أخبرني أحد السجناء الذين تم الإفراج عنهم بأنه تم جلب زوجات وأخوات المعتقلين إلى السجن حتى يتم تحذير السجناء بأن النساء سيغتصبن أمامهم إن لم يقوموا "بالاعتراف".
أيها الملك حمد؛ لديك الكثير من الأشياء لتفتخر بها. لقد قمت بالإشراف على ارتفاع معدلات التعليم وقمت برفع مستويات المعيشة وأتحت فرصاً مثاليَّة للنساء، ولكن يبدو بأنك تقوم بتحويل البحرين إلى سوريا أخرى أو إيران أخرى. وفي الحقيقة؛ بلادك تمتلك ديمقراطية أقل بكثير من تلك الموجودة في إيران، والقمع الذي قمت به أدى إلى قتل أشخاص أكثر من الأشخاص الذين ماتوا في إيران بالنظر إلى نسبة عدد القتلى إلى عدد الشعب الكلِّي. إذا كنا نستنكر وحشيَّة إيران؛ ألا ينبغي علينا أن نستكر وحشيتك أيضاً؟
الرئيس أوباما اجتمع بابنك ولي العهد في البيت الأبيض يوم الثلاثاء، حيث قامت الإدارة الأمريكية بغض النظر بشكل كبير عن وحشيَّتك، ولكن عندما تقوم باستخدام الأسلحة الأمريكية ضد شعبك فأنت تجرحنا نحن أيضاً. أي طبقة متوسطة متعلمة تعليماً جيداً مثل الطبقة التي بنيتها أنت في البحرين لا يمكن أن تتحمَّل الاعتقالات التعسفيَّة والتعذيب إلى ما لا نهاية، والسبيل الوحيد للمضي قدماً هو إطلاق سراح السجناء السياسيين وبدء عملية المصالحة.