هل كان لأبي بكر دور عظيم حقيقي في نصرة الإسلام أم لا؟
بتاريخ : 11-05-2011 الساعة : 10:48 PM
يشيع المخالفون أن لأبي بكر دور حقيقي في الدفاع عن رسول الله صلى الله عليه وآله وله فضائل وأيادٍ في نصرة الإسلام ، إلى درجة أنهم يقولون أن أبا بكر كان سيّدًا ووجيهًا في مكة في فترة الجاهلية! ، وأنه استغل سيادته ووجاهته من أجل هذا المضمار، وأنه كان ثريًا جدًا وبسبب ثراءه قد أعطى كل ما يملك لرسول الله وللإسلام! ، وكان بماله يشتري العبيد الذين يسلمون حتى يعتقهم لكي يتخلصوا من العذاب! ، وكان له دور في فض النزاعات بين الرسول الأعظم وبين المشركين، وكان يحمي نبي الإسلام ويذهب إلى زعماء المشركين ويحضهم على اللطف برسول الله! ، ووصل بهم الحال إلى تصوير شخصية أبي بكر بأنها شخصية عظيمة وذات مقام رفيع في مكة فزعموا أن الرسول الأعظم عندما أعلن الإسلام لأول مرة وأشهر نبوته كان أبو بكر في خارج مكة في تجارة معيّنة فلم يتعرّض المشركون إلى رسول الله بأذى لأنهم كانوا في انتظار "أبي بكر" ويتصورون أن أبا بكر حينما يرجع سينصفهم بالذهاب لهذا النبي ومحاولة إقناعه للعدول إلى دين الآباء والأجداد وكأنه كبير القوم الذي يريدون أن يشكوا إليه الحال!
نركز في بحثنا هنا في مسألتين:
المسألة الأولى: هل كان أبو بكر حقاً ذا مقام عظيم في مكة في فترة الجاهلية؟!
المسألة الثانية: هل كان أبو بكر ثرياً حقاً ويملك الكثير من المال؟!
الجواب1: بل العكس، كما تفصح كتب التاريخ، كان أبو بكر من أذل بيت في مكة ومن أراذل القوم في المجتمع الجاهلي الذي كانوا عليته بنو هاشم وكذلك بنو أمية الذين رغم انحرافهم كانوا سادة في المجتمع الجاهلي في مكة.
الشواهد:
1- عندما بويع أبو بكر بالخلافة – بعد مآمرة السقيفة – نادى أبو سفيان: ما بال هذا الأمر في أقل قريش قلة وأذلها ذلة؟ غلبكم على هذا الأمر أذل أهل بيت في قريش! (مستدرك الحاكم/ج3/ص78 ، مصنف عبد الرزاق/ج5/ص451 ، تاريخ الطبري/ج2/ص944)
2- روى البلاذري: أن أبا سفيان جاء إلى علي عليه السلام – بعد قضية خلافة أبي بكر – فقال: يا علي بايعتم رجلاً من أذل قبيلة في قريش؟ (أنساب الأشراف/ص588)
3- قبيلة أبي بكر بن أبي قحافة التيمي اسمها قبيلة (تيّم) وقد كانت من أراذل القبائل التي ليس لها وزن في قريش إلى درجة أن قال فيها الشاعر عمير بن الأهلب – وهو من أنصار عائشة في حرب الجمل – بعد أن ندم على مشاركته في تلك الواقعة هذا البيت المأثور:
أطعنا بني تيّم بن مرة شقوةً
وهـل تـيّــمٌ إلا أعبـدٌ وإمـاءُ
(تاريخ الطبري/ج3/ص531)
4- كان من المشهور كثرة الاستلحاق بقبيلة تيّم بن مرة حيث كانوا يشترون العبيد الزنوج وخصوصاً من الحبشة ثم يستلحقونهم بأن يجعلونهم من أبنائهم ويكسبونهم أسمائهم، وقد كان أبو بكر نفسه عبدًا زنجياً أسود آدم اللون وابنته أيضا كانت سوداء أدماء اللون، فلم يكن أبو بكر من أصول عربية أصلاً بل كان أسوداً جداً ومشرباً بحمرة هو وابنته وهذا ما ورد في (عيون الأثر/ص449) و(لسان الميزان لابن حجر/ج3/ص124) و (التاريخ الكبير للبخاري/ج4/ص104)
5- تشهد أسماء أخوة أبو بكر واسمه الحقيقي على أن عشيرته وأهله وأبوه كلهم كانوا من الزنوج العبيد حيث كان أبو بكر نفسه اسمه "عتيق" وأخواه كان اسمهما "معتق" و "عتيْق" إشارة إلى العتق حيث كانوا عبيداً فاعتقوهم ، وقد روى ابن حجر عن القاسم بن محمد بن أبي بكر قال: سألت عائشة عن اسم أبي بكر فقالت: أولاً عبد الله! فقلت: أن الناس يقولون "عتيق" ، قالت: أن أبا قحافة كان له ثلاثة أولاد فسمى واحداً عتيقاً والثاني معتقاً والثالث عتيْقا. (الإصابة في معرفة الصحابة/ج4/ص146)
الجواب2: بل العكس، فقد كان معدمًا ذليلاً لا مال له كما كان حال عائلته الاقتصادي هابط، وكانت مكانة عائلته وضيعة إلى أبعد الحدود.
الشواهد:
1- روى ابن أبي الحديد عن أبي جعفر الإسكافي قوله في أبي بكر: أن أرباب السيرة ذكروا أنه لم يكن ينفق على أبيه شيئا، وأنه كان أجيراً لابن جدعان على مائدته يطرد عنها الذبان. (شرح نهج البلاغة/ج13/ص274)
2- روي أن أبا قحافة كان في البدء صيّاداً ثم أصبح ينش الذباب وينادي على مائدة ابن جدعان بشبع بطنه وستر عورته. (دلائل الصدق/ج2/ص130)
3- روى ابن عساكر أن أبا طالب عليه السلام عيّر أبا بكر بهذه المهنة عندما طلب أبو طالب من رسول الله صلى الله عليه وآله عنباً كان يأكله رسول الله وكان هذا العنب قد نزل من السماء ومن الجنة إلى الرسول صلى الله عليه وآله وطلب أبو طالب شيئاً من هذا العنب وكان أبو بكر جالساً فقال: قد حرّمها الله على الكافرين! فغضب أبو طالب وقال له: فلأبي قحافة آكل الذبان تدخرها؟ (تاريخ دمشق/ج66/ص327)
4- ورد عن أمير المؤمنين «صلوات الله عليه» أنه عيّر أبا بكر بأصله عندما بويع أبو بكر وكان أمير المؤمنين عليه السلام موجوداً في المسجد النبوي فخطب موجهاً كلامه لأبي بكر ومن معه من حزب الظالمين قائلاً: والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، لقد علمتم أني صاحبكم والذي به اُمرتم وأني عالمكم والذي بعلمه نجاتكم، ووصي نبيكم، وخيرة ربكم، ولسان نوركم، والعالم بما يصلحكم، فعن قليلٍ رويداً ينزل بكم ما وُعدتم وما نزل بالأمم قبلكم وسيسألكم الله عز وجل عن أئمتكم، معهم تحشرون وإلى الله عز وجل غداً تصيرون، اللهم فاحكم بيننا بالحق وأنت خير الحاكمين، ثم خرج من المسجد فمر بصيْرةٍ فيها نحوٌ من ثلاثين شاةً فقال: والله لو أن لي رجالاً ينصحون لله عز وجل ولرسوله بعدد هذه الشياة لأزلت ابن آكلة الذبان عن ملكه. (الكافي/ج8/ص33)
5- كانت مهنة أبي بكر في فترة الجاهلية هي خيّاط، حيث روى التوحيدي صناعة كل من عُلِمت صناعته من قريش في كتابه (بصائر القدماء وسرائر الحكماء) فقال: كان أبو بكر بزازا وكذلك عثمان وطلحة وعبد الرحمن بن عوف رضي الله تعالى عنهم، وكان عمر رضي الله عنه دلالاً يسعى بين البائع والمشتري.
إذن نخلص إلى أن أبا بكر لم يكن له دور أصلاً في نصرة الإسلام، ولم يكن ثرياً حيث أن هذا من جملة أكاذيب القصاصين لأنه من غير المعقول أن ترد هكذا شواهد على حال عائلته ويكون ثرياً، ومن غير المعقول أن يكون قد كسب ثروته من خلال مهنته أو ورثها من والده الذي كانت وظيفته كش الذبان!.