ما يقوم به السلفيون الآن أمر يدعو إلي كثير من التساؤلات بقدر ما يدعو إلي الاشمئزاز من تلك الوجوه التي ظلت طيلة ثلاثون عاما لا تفعل شيئا سوي إطلاق فتاوي تكفر الخروج علي الحاكم بقدر إطلاقهم للحاهم التي أصبحت مقدار إيمان المسلم .
اسلام تايمز
المراسل : خالد كروم
جنود الوهابية السعودية من أقباط وسلفية
وبنفس القدر من الاشمئزاز نتابع ما يقوم به عدد ليس بقليل من الأقباط من الاستمرار في الإختباء في حضن الكنيسة ، وإعلاء قيمة الولاء الكنسي عن الولاء الوطني ، تلك الحالة التي كانت قبل الثورة واستمرت إلي ما بعدها دون أي مبرر واضح ، في الحقيقة يستوي هذان الفريقان على اختلاف حالتيهما فكلاهما لا يقدر الظرف التاريخي الذي تعيش فيه البلاد في هذه الفتره من حياتها.
السلفيون والأقباط كانا أكثر التيارات انبطاحا أيام حكم مبارك ، كانوا خدما للنظام ينفذون ما يطلب منهم دون مناقشة ، ولن أصدق ما يحاولون إقناعنا به بأن هؤلاء أغلقت لهم مساجد ومنعوا من إلقاء الخطب ، وما يدعيه الفريق الأخر من انهم تظاهروا ضد مبارك ونظامه اكثر مرة ، فالحقيقة أن النظام ترك هؤلاء يسممون فكر البسطاء من المصريين بأفكار وأراء غريبة عن مجتمعنا تعتبر أن القبطي مواطن من الدرجة الثانية و"يحمد ربنا أننا سيبناهم يصلوا "، وفي نفس الوقت ترك الباب مفتوحا أمام الكنيسة لتقنع التابعين لها بأن الكنيسة هي بيتهم الاول والأخير ، والدولة ــ بمعناها المجرد ــ تضطهدهم بشكل خاص وتنحاز فقط للفريق الأخر ، سمح النظام السابق للكنيسة بأن تقنع شعبها بأن هؤلاء المسلمين مجرد محتلين عرب وسيأتي يوما ما يرحل عن مصر القبطية.
كان النظام يسمح لهؤلاء وهؤلاء بهذه الحرية في مقابل تلك الرسالة التي كان يتغني بها البابا طول الوقت بأن مصر في آمان طالما استمر نظام مبارك قائما ، وتلك الخطب التي كان يشدو بها السلفيون بأن الخروج علي الحاكم كفر ، وأنه من ولي الأمر والدين يدعونا أن نتبه أولياء الامر في كل شئ .
في المقابل استعمل شنودة، ورجال الكنيسة الأرثوذكسية، ورموز الفتنة والغطرسة، ميليشياتهم لارتكاب كل أشكال الكذب والتزوير والابتزاز الأمني والسياسي والعقدي والأخلاقي، فضلا عن العنف المادي والمعنوي ضد الدولة والناس، ورفضهم الانصياع لأي دستور أو قانون. وهددوا حياة الناس، ولجؤوا إلى التخريب، كما حدث في أكثر من موضع أشهرها أحداث كنيسة العمرانية، وأغلقوا الطرق وحملوا الأسلحة البيضاء من السيوف والسنج، وأشعلوا الإطارات المطاطية، واستعملوا قنابل المولوتوف، وأحرقوا المنازل، وظلوا يختطفون المهتديات الجدد، بل وقتلوهن مع أطفالهن مثلما حدث مع السيدة سلوى عادل مؤخرا، وصولا إلى أحداث كنيسة مارمينا في إمبابة ( 7/5/2011)، والتي أطلق فيها النصارى نيران أسلحتهم الغادرة، من الكنيسة والمنازل المجاورة لها، على جموع المسلمين الذين تجمعوا لإنقاذ مسلمة اختطفتها الكنيسة، فقتلوا 11 مواطنا وأصابوا أكثر من 150 آخرين بحراح مختلفة من بينهم جنود مصريون.
استفزازات شنودة وميليشياته للمسلمين وحتى للدولة ليست سوى محاولات لجر البلد إلى فتنة يدرك المصريون قبل غيرهم أنهم قادرون بموجبها على تأديب شنودة مثلما يدركون مدى الضرر الذي يمكن أن تلحقه بالبلاد والعباد. لكن الفتنة بالنسبة لشنودة لعبة تُدِرّ عليه الربح الكثير. ولا ريب أنها معادلة ظالمة بين من يتكسب من الفتنة وبين من يدفع الثمن باهظا لدرئها. لكن إلى أي مدى يمكن للمسلمين أن يستمروا في ابتلاع الموسى في كل مرة .. أو ابتلاع الإهانات والاعتداءات اليومية التي صارت تستهدف أعراض أطفال الحضانات .. وأخيرا تلقي الرصاص الحي من الميليشيات القبطية المسلحة؟
والسلفيون الذي خرجوا وهتفوا من أجل عودة أختهم كاميليا، لم يتحدثوا يوما عن أخواتهم الذي اغتصبوا في سجون مبارك، ولا مئات الفتيات الاتي تعرضن لأبشع صور العذاب في مقار أمن الدولة وفي أقسام الشرطة ، لم ينزعج هؤلاء الأشاوس عندما تم الإعتداء علي المتظاهرات علي سلالم نقابة الصحفيين ، أنهم لم يبحثوا يوما عن أختهم مصر التي خطفها نظام مبارك منذ ثلاثين سنة !!
ما يقوم به السلفيون حاليا يؤكد علي ولائهم للنظام السابق، وإلا فما تفسير تلك المظاهرات التي كانوا من قبل يحرمونها ، وهي تلك المظاهرات التي تنبأ بها مبارك في أخر أيامه بأنه إذا رحل ستقع البلاد في فتنه طائفية ، وبالربط بين هؤلاء الشيوخ و الدول التي تدعمهم مع ما قاله مبارك وتلك الدول التي تدعمه تنكشف الحقيقة أمام الجميع ، فالسعودية تلك الدولة التي كانت داعمه ومازالت لهذه الجماعات هي نفسها الدولة التي قيل أنها تضغط علي حكومة الثورة لوقف محاكمة مبارك وأسرته ، فبعد ان فشلت مقايضة اتركوا مبارك واحصلوا علي أي مبالغ مالية تريدونها ، يبدو أنهم استخدموا الخطة البديلة وهي زج البلاد في فتنه طائفية ولتندموا علي اليوم الذي رحل فيه مبارك .
قد يكون الذين تظاهروا امام مسجد النور وأولئك الذين تظاهروا أمام الكاتدرائية وهؤلاء الذي حاولوا اقتحام كنيسة إمبابة لا يعلمون شيئا عن تلك المخططات، لكن في الحقيقة هذا لا يشفع لهم في شئ ، فالجهل لا يسقط الجريمة ، خاصة وإن كانت جريمة في حق وطن باكلمه .
الحقيقة الصارخة التي يتهرب منها الكثير، بينما يوظفها المرتزقة في خدمة مصالحهم وأهوائهم، قبل الثورة وبعدها، أن مستقبل مصر، أو مصيرها، بات حبيسا لسؤالين حاسمين، لا يمكن القفز عليهما أو تجاهلهما إلى ما لا نهاية:
في مصر يوجد 80 مليون مسلم وخمسة ملايين نصراني. والمادة الثانية في الدستور المصري تعتبر الإسلام المصدر الرئيس للتشريع. أما تطبيقاتها، على أرض الواقع، فلا تكاد تتجاوز مسائل الزواج والميرات والعقود والمعاملات. لكن المفارقة فيما يطالب به شنودة من إلغاء للمادة في حين يرفض الخضوع إلا لشريعته!!!؟ وهذا يعني أن المسلمين وعقيدتهم هم المستهدفون ولا شيء آخر. ولا ريب أن تحقيق هذا المطلب يعني توقع مفاعيل، لا حصر لها، من شأنها تجريد مصر كلية من تاريخها وحضارتها وعقيدتها. والسؤال: في ضوء ما يمتلكه من نفوذ وسلطان في مصر هل ينجح؟ أم يفشل؟
بعد حادثة كنيسة إمبابة بات واضحا أن الكنيسة عازمة على التصعيد بالقوة المسلحة، واستباحة دماء المسلمين وهيبة الدولة. ولا ريب أن الكرة باتت في ملعب الأخيرة: والسؤال: هل ستخضع الدولة لمطالب شنودة؟ أم ستتجه نحو إخضاع الكنيسة لسلطتها؟
لابد أن يتم فتح التحقيق الفوري والسريع في مثل هذه القضايا ، ولابد أن نحتكم إلي القانون لا إلي محمد حسان ولا حسين يعقوب ، لا يجب أن تحل مثل هذه القضايا بنفس الطرق التي كان يستخدمها مبارك ونظامه ، فلا معني الآن أن يقبل شيخ الازهر بابا الكنيسة ، لابد أن يخضع الجميع للمحاكمة هؤلاء الذين ذهبوا لمحاصرة كنيسة امبابة للإفراج عن مسيحية أسلمت ، وهؤلاء الأشخاص الذين أطلقوا النار عليهم بدعوي حماية بيت الرب ، لانه في حقيقة الأمر لا يرضي الله الذي يتكلم الفريقان باسمه هذا الدم الذي جري في الشوارع.
/ إنتهى التقرير /