[حميد م]

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد وال محمد
عظم الله لنا ولكم الاجر بمصاب ام البنين (ع)
كل انسان اذا اراد ان يقوم بعمل ما لابد ان يخطط ويعد لنجاح عمله ، وان نجاح هذا العمل مرهون بالتخطيط والاعداد ، اي ان كل ما كان التخطيط والاعداد دقيقين كان الوصول الى الهدف اسرع ،
فلذالك نرى نجاح ثورة الحسين (ع) وتحقيقها للاهداف المرجوة منها ، بالرغم من المأ سات التي حصلت فيها . ومن اهم اسباب نجاح هذه الثورة ، هو التخطيط الدقيق والاعداد النوعي ، لكن لم يكن الامام الحسين (عليه السلام ) وحده من خطط واعد الى ثورته ،بل ان هذه الثورة اول من اعد لها هو رسول الله (صلى الله عليه واله)
وهناك شواهد تدل على هذا ، والمخطط الثاني هو امير المؤمنين ((عليه السلام )) وهذا التخطيط يظهر جليا عندما نتامل بقصة خطبة ام البنين (عليه السلام )
جاء في الروايات ان عليا (عليه السلام ) قال لاخيه عقيل اختر لي امرأة ولدتها الفحول من العرب ، فقال عقيل وما تصنع بها ؟( لاحظ سؤال عقيل ، ((وما تصنع بها)) هل هذا السؤال وجيه لشخص يريد ان يخطب امرأة ؟ طبعا لا لغيرعلي بن ابي طالب! اما لعلي ابن ابي طالب فيكون وجيها لماذا لانهم يعلمون ان عليا ((عليه السلام ) لاتدفعه الشهوات والغرائز حتى وان كانت محللة ،بل يعلمون انه لايقدم على شيء الا ان يكون فيه رضا لله (عز وجل ) فلذالك اراد عقيل ان يعرف بماذا يفكر عليا (عليه السلام ) وان هذا السؤال كذالك وجهه حزام الى عقيل لما جاء لخطبة ام البنين عليها السلام ، قال يا عقيل مايصنع اخيك بابنتي وله ثلاثة من النساء ، قال عقيل سألته بهذا السؤال فاجاب انه يريد منها ولدا يكون عضدا وازرا لولده الحسين في كربلاء ‘
اذن علي بن ابي طالب يخطط الى كربلاء .
فتزوج ام البنين (عليه السلام )
وهي فاطمة بنت حزام بن خالد بن ربيعة بن الوحيد بن كعب بن عامر بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن.
وفي الرابع من شعبان سنة 26 هـ ولدة له العباس (عليه السلام ) وفي يوم من الايام شاهدة ام البنين الاِمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) يوسع العباس تقبيلاً ، وقد احتلّ عواطفه وقلبه ، ويقول المؤرّخون: إنّه أجلسه في حجره فشمّر العبّاس عن
ساعديه ، فجعل الاِمام يقبّلهما ، وهو غارق في البكاء ، فبهرت أمّ البنين ، وراحت تقول للاِمام:
« ما يبكيك ؟ »
فأجابها الاِمام بصوت خافت حزين النبرات:
« نظرت إلى هذين الكفّين ، وتذكّرت ما يجري عليهما.. »
وسارعت أمّ البنين بلهفة قائلة:
« ماذا يجري عليهما »..
فأجابها الاِمام بنبرات مليئة بالاَسى والحزن قائلاً:
« إنّهما يقطعان من الزند.. »
وكانت هذه الكلمات كصاعقة على أمّ البنين ، فقد ذاب قلبها ، وسارعت وهي مذهولة قائلة:
« لماذا يقطعان »..
وأخبرها الاِمام ( عليه السلام ) بأنّهما انّما يقطعان في نصرة الاِسلام والذبّ عن أخيه حامي شريعة الله ريحانة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، فأجهشت أمّ البنين في البكاء ، وشاركنها من كان معها من النساء لوعتها وحزنها .
لكنها عندما علمت بسر الزواج منها (وهو اعداد ابي الفضل لكربلاء ) فبادرة بتربية العباس (عليه السلام ) وجعلة علاقة العباس (عليه السلام ) بالحسين (عليه السلام ) علاقة المولى بالسيد ، وهذا واضح من وصاياها له وهو طفل صغير ، فكانت تقول له بني عباس اذا جلست بين يدي ابن رسول الله اجلس كجلوسك في المصلاة واذا ناديته فلا تناديه الا سيدي او مولاي ، فلذالك يذكر ارباب المقاتل ان العباس (عليه السلام ) لم يقُل للحسين (عليه السلام ) اخي الا في ساعة الاحتضار .
واخيرا كانت السيدة أم البنين تكنّ في نفسها من المودّة والحبّ للحسن والحسين ( عليهما السلام ) ما لا تكّنه لاَولادها اللذين كانوا ملء العين في كمالهم وآدابهم.
لقد قدّمت أم البنين أبناء رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، على أبنائها في الخدمة والرعاية ، ولم يعرف التاريخ أن ضرّة تخلص لاَبناء ضرّتها وتقدّمهم على أبنائها سوى هذه السيّدة الزكيّة ، فقد كانت ترى ذلك واجباً دينياً لاَن الله أمر بمودّتهما في كتابه الكريم ، وهما وديعة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، وريحانتاه ، وقد عرفت أمّ البنين ذلك فوفت بحقّهما وقامت بخدمتهما خير قيام.