فاطمة الزهراء ودورها السياسي في المجتمع..للشيخ حيدر الربيعاوي
بتاريخ : 06-05-2011 الساعة : 05:20 PM
قال الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه الكريم : إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهّركم تطهيراً)
يتركّز الحديث حول الواجبات والمسؤوليات التي يمكن للمرأة أن تضطلع بها في كل وقت، سواء من ناحية الظروف التي تحيط بواقعنا الراهن، أو ناحية النصوص القرآنية وتلك التي وردت في السنّة النبوية المطهرة، والتي يكاد يجمع على مضمونها المسلمون جميعاً مع قطع النظر عن تفاصيل تلك المضامين في هذا النص أو ذاك.
في مجمل النصوص الواردة ف ، نرى أن الإسلام أكد كثيراً على شخصية فاطمة الزهراء ـ عليها السلام ـ ودورها الكبير في الحياة الإسلامية، فمن خلال آية التطهير مثلت الزهراء ـ عليها السلام ـ المحور في هذه الآية الكريمة، فهي ابنة رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ وزوجة الامام علي امير المؤمنين عليه السلام، وأم الحسنين عليهما السلام، وهؤلاء الخمسة هم الذين نزلت فيهم آية التطهير هذه، وأكدها رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ لأمته في تلاوته ـ صلى الله عليه وآله ـ لها مرات عديدة على مسامع صحابته، حين كان يطرق باب فاطمة الزهراءـ عليها السلام ـ في رواحه ومجيئه من المسجد أو في ذهابه وإيابه من السفر، أو في المناسبات المختلفة، كان يطرق ـ صلى الله عليه وآله ـ الباب على فاطمة الزهراء وهو يتلو (إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهّركم تطهيراً)
هذا هو نوع من انواع التأكيد على شخصية الزهراءـ عليها السلام ـ المباركة، وكان الحال في آية المودة وآية القربى، وسورة الدهر، وآية المباهلة، وغيرها من الآيات التي تتحدث عن اهل بيت النبي صلى الله عليه وآله، نجد فاطمة الزهراء ـ عليها السلام ـ هي المحور لكل هذه المضامين، فعندما نتحدث عن المودة في قربى النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ نجد أن الزهراء ـ عليها السلام ـ هي أقرب الناس إليه صلى الله عليه وآله، وهكذا في جميع المناسبات.
وتأتي الاحاديث الشريفة الواردة عن النبي الاكرم صلى الله عليه وآله، والتي رواها واثبتها الفريقان من الشيعة والسنة، تؤكد ذلك بحيث لا يضاهيه تأكيد ورد عن الرسول صلى الله عليه وآله، إلاّ ما ورد عنه ـ صلى الله عليه وآله ـ في التأكيد على منزلة ودور بعلها علي عليه السلام، ومكانة ابنيها الحسن والحسين عليهما السلام.
فنجد رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ يقول: ((إن الله ليغضب لغضب الزهراء ويرضى لرضى الزهراء))، و ((الزهراء سيدة نساء العالمين))، ((فاطمة منّي يرضيني ما أرضاها ويغضبني ما أغضبها))، إلى غير ذلك مما جاء عن رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ في مقام التأكيد على هذه الشخصية.
لدور السیاسي لفاطمة الزهراء بشكل خاص وللمرأة بشكل عام
===================================
الدور السياسي الخاص الذي يمكن أن تقوم به المرأة في المجتمع الاسلامي، فلقد أُريد من المرأة أن تدخل العمل السياسي، وتمارس هذا الدور المهم في الاعمال السياسية وفي المجتمعات الانسانية. المرأة في هذا المجال كالرجل، تتحمل المسؤوليات الخاصة في خدمة المجتمع والتضحية من أجله، والجهاد في سبيل الله تعالى وفي البذل والعطاء إلى حد الاستشهاد في سبيل الله تعالى، فلابد للمرأة أن تقوم بهذا الدور أداءاً للواجب والتكليف، حسب القانون الالهي والاحكام الشرعية التي وضعها الشارع المقدس لها، وهو من الادوار التي فتحت أمام المرأة في حركتها.
إن تضحية الزهراءـ عليها السلام ـ كانت من اجل نصرة امامة الامام علي عليه السلام، وترسيخ مبدأ الولاية، والدفاع عن هذا الحق الذي أُريد له أن يثبت في التاريخ ويستمر، وإن لم يحصل ـ عليه السلام ـ على موقعه المطلوب منذ اليوم الأول، فنجد الزهراء ـ عليها السلام ـ تبادر إلى هذا الدور، وتنهض به بأفضل ما يمكن أن يؤديه الإنسان، في ظرف حساس يمكن لنا أن نقول إنه لم يكن من الممكن لغير الزهراءـ عليها السلام ـ أن يقوم فيه.
ومع وقفة عند هذه النصوص الواردة عن النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ في الزهراء، مثل قوله: ((إن الله يغضب لغضب فاطمة))، يتبين لنا أن الله سبحانه وتعالى قدّر في قضائه وقدره، أن فاطمة الزهراءـ عليها السلام ـ سوف تمر بأوضاع سياسية واجتماعية تثار فيها الزهراء، وتغضب لله تعالى لا لنفسها، ولذلك يغضب الله تعالى لغضبها ويرضى سبحانه وتعالى لرضاها عليها السلام.
وعلى خطى الزهراء ـ عليها السلام ـ كان دور المرأة في الثورة الحسينية، باعتبار أن الثورة الحسينية ـ كما هو معروف ـ مثلت القمة في التضحية والفداء والبذل والعطاء في حركة الانسان السياسية والاجتماعية. وقد شاركت المرأة الرجل مشاركة فعالة في كل الأدوار التي قام بها في الثورة الحسينية، وكان لهذا الدور خمسة أبعاد هي: البعد القتالي، والبعد السياسي، والبعد الاعلامي، والبعد الانساني، والبعد الاخلاقي والمعنوي العام، وهي ابعاد رئيسية ومهمة نهضت بها المرأة في هذه الثورة الخالدة.
إذن المرأة يمكنها في تفاصيل حياتنا الفعلية الحاضرة أن تقوم بالكثير من الادوار الهامة، في هذه المعركة الجهادية وفي صراعنا الذي نخوضه كمسلمين ضد الطغيان والكفر العالمي، وضد الاستكبار والاستبداد.
فيمكن للمرأة أن تساهم مساهمة فعالة وحقيقية في الفعاليات الجهادية طبقاً للاحكام الشرعية، وضمن المواصفات الشرعية التي حددتها الشريعة الاسلامية المقدسة، مع ملاحظة أن قسماً من هذه الاعمال يتحملها الرجل وحده، في حين أن هناك اعمالاً تتحملها المرأة وحدها، واعمال اخرى يتحملها الاثنان.