ملحق مهم في الخيارات السياسية
قراءة للواقع في مسارات الأفكار في خيارات التغيير
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يجب أن نشير الى خارطة الفكر السياسي في البحرين ، وهي تتمثل في وجود اتجاهات كثيرة منها المتطرف ومنها المعتدل كما يوصف ، ولكنني أصنف الاتجاهات حسب الحل المطروح :
1- هناك اتجاهات سنية في أحزاب موالية للسلطة ليس لديها الا حل القوة وقتل الشيعة واغتيالهم والدعوة لاحتلال البحرين من قبل دول مجاورة ، حتى يخلصوا من السكان الأصليين ، وهذه هي العنصرية المقيتة كما مثلها بعض العنصريين الأوربيين الذين دعوا إلى فناء الشعب الأمريكي الأصيل بحجة أنهم أفضل منهم . وهذه الفضيحة التي ارتكبت قبل ثلاثمائة عام وأكثر هي التي قد خجل منها كل أمريكي وكل غربي في التاريخ المعاصر ، ويريد جماعة التشدد السني في البحرين تكرار ذلك بكل شهية . وهؤلاء في الحقيقة لا يمثلون حلا بل هم المشكلة ، ولو فكر قسم من آل خليفة الاعتماد عليهم فإنهم لا يعلمون بانهم وضعوا حدا لوجودهم اصلا بهذا التصرف وهو مؤامرة عليهم ، فهذا المنطق غير مقبول عالميا ، وغير مسموح به في الأوضاع الجديدة في المنطقة وسيؤدي إلى تغيرات جذرية في الشرق الأوسط ، وهم سببه ، وعلى الباغي تدور الدوائر.
ولا نعرف حزب موالاة للدولة ينادي بالاعتدال وإنما هي أصوات فردية معتدلة لا تمثل أحزابا.
2- وهناك أحزاب معارضة تنادي بترحيل النظام واستبداله بنظام آخر ، وهؤلاء مجموعة من الأحزاب والجمعيات السنية والشيعية والليبرالية (المرخصة وغير المرخصة) ، وقد اختلفوا في شكل النظام بعد رحيل حكم آل خليفة ، وهؤلاء حسب تقديرنا لا يكوّنون أكثر من 20% من الحركة السياسية في البحرين ، وقد اخبرنا احد دعاة الجمهورية بان مناصريه قلة جدا حتى انه رفض ان تكون نسبة القائلين الحقيقيين بترحيل آل خليفة أكثر من 10% والأمر سهل فان جميع الإحصاءات ناقصة وغير علمية ولا يبرهن عليها احد ، ولكن الكل يشهد إن دعاة الترحيل في الأحزاب قلة مقابل دعاة الإصلاح الدستوري . ولهذا فاغلب هذا الاتجاه يميل إلى التصعيد ، ويأمل بالحل العسكري ، واستعمال القوة ، ولكنه لا يجد موافقة شعبية عامة لموقفه .
ومنطق هؤلاء هو ان هذا الحكم ورث الفساد كابرا عن كابر واصبح في حالة مَرَضية فلا يمكن الوثوق بهذا النظام ورجاله ، ثم ان من الجريمة أن نتعامل مع مواطنين سيطروا على الدولة فجعلوها مِلكية شخصية لهم ، وهذا غير مقبول . وآل خليفة لا يمكن أن يوافقوا مطلقا عن زحزحتهم عن أملاكهم ، وان المطالبة باي امر غير ما يريدون مرفوض قطعا ، فلهذا لا حاجة اصلا للتفاوض معهم وقبولهم ، وانما يجب العمل على اسقاطهم وترحيلهم باعتبارهم أجانب أساءوا التصرف في التخويل .
3- والمجموعة الأخرى هي مجموعة المطالبة بالإصلاح السياسي ، مع الاختلاف على نوع الإصلاح ، وهؤلاء هم الأكثرية ويمثلهم التحالف الكبير بين التوافق والعديد من الجمعيات السنية والشيعية .
ومنطق هؤلاء ان من غير المعقول حسب ظروف المنطقة الحساسة ، وحسب التوازنات الدولية أن نطالب بسقف إسقاط النظام ، على ان الشعب حين وافق على حكم آل خليفة في بداية السبعينات تحت إشراف الأمم المتحدة ، وحين وافق على الدستور سنة 2002 ، فانه قد أعطى تفويضا للنظام، وعلى كل من الملك والحكومة والأحزاب الموالية والمعارضة احترام هذا التفويض ، فيكون جوهر المطالبة هو احترام إرادة الشعب من قبل جميع الأطراف ، والمخالف الان هو الدولة ، بملكها وحكومتها ، حيث وضعت قرارات تقوم بالتمييز بين المواطنين ودفع الأكثرية عن حقوقهم الأساسية وهذا خيانة للتفويض ، وقد حاولت الدولة التغيير السكاني باستيراد مواطنين وهذا غير مقبول مطلقا ، فإما ان تنصاع الدولة بشكل كامل الى إرادة الشعب ، وتُصلح هذه الأخطاء التنفيذية والإجرائية بل حتى المنظومة الفكرية للدولة كابعاد الفكر الطائفي كحل ممتاز ، واما ان تصلح النظام بكامله عبر دستور واضح جديد يساهم في إنشاء ملكية دستورية ملزمة ، تمنح الأمان لآل خليفة كما للشعب ، وتستقر الامور بعد كتابة دستور يعالج كل هذه السلبيات ، وهذه هي الحلول المتاحة لبقاء آل خليفة في جزيرة البحرين على المدى البعيد. .
ان هذه الخارطة كما هي أمام الشعب ، فهي امام الملك أيضا ، وهو إما ان يختار الحل الذي يؤّمن به بقاءه وبقاء مملكته عبر الاختيار السليم ، أو ان يتركها بلا قرار فستكون القضية مختلفة تماما .
أما الشعب فأمامه نفس الخارطة ، وعليه أن يختار الحل المؤدي الى الاستقرار ، او يختار الخيار الصعب الذي سيكلف قوافل القتلى بعدد مهول من جميع الأطراف ، لوجود الحدة في الطرح من جميع الاطراف وقد يجر هذا الحدث المنطقة كلها الى الدمار والتخلف وفقدان الاسر لاستقرارها ، وهذا الان ضد سياسة المرجعية في النجف. .
والواقع إن أصحاب الحلول العنيفة ، قد صعد نجمهم في الآونة الأخيرة ، فقد تم تخويف الوافدين المجنسين من أهل السنة بأكاذيب وتهيج وخطر داهم على حياتهم بشكل رهيب وتم تعبئتهم وتصعيد الحقد والكراهية الى مديات كبيرة ظاهرا (وان كان الباطن ان قسما من المجنسين هم من يصعد الحقد في رجال نظام الحكم) ، فقاموا بلا شك بأعمال إجرامية في الهجوم مع الجيوش الدخيلة على الناس في قراهم وأماكنهم الآمنة ، بل داسوا على المقدسات الإسلامية بما فيها القرآن والجامع ، وبالمقابل فان الشعب حين رأى أن سلمية مطالبه قوبلت بهذه الوحشية والخروج عن الدين ، اقتنع ان ليس من المعقول ان يسكت هكذا ، فبدأ كل يفكر بكيفية الدفاع عن نفسه بالتعلم لوسائل القوة ، والتمسك بالرفض المطلق وتصعيد سقف المطالب ، حتى أن مشكلة الأحزاب الداعية إلى الحل غير العنيف أصبحت تشكوا بان أنصارها بدءوا يتيهون في الشارع ، وتقودهم الحماسة والغضب من تلك الأفعال الاجرامية نحو التشدد والرغبة في استخدام العنف ، وهذا دفع للشارع باتجاه اللا حل ، وهو يفقد الاحزاب التي يمكنها ان تحل شيئا من الحصول على أي دعم شعبي للحل . وهذا خطر كبير على الجيل الحالي والمستقبلي على جميع الاطراف وليس على الطرف المقاوم فقط . .
والذي نقرأه في هذه الصفحة من النقاش حول الاختلاف مع الجمعيات المنادية بالحل عديم العنف ، يدل على صحة تقدير الوفاق وغيرهم وشكواهم من ان تصرف الجماعات الإرهابية التي تدعمها الحكومة ، قد ساهم بسد طرق الحل ، بينما هي موجودة وسهلة ونافعة للطرفين.
هذه الخارطة اضطررت لإلحاقها وتوضيحها ، حتى يعلم الجميع ان كل من يتكلم من البحرانيين ، انما يعبر عن اتجاهه في البحرين ، وكل له احترامه ، وبحثنا هو لتطوير افكارنا وفق مصالحنا مع الأخذ بعين الاعتبار مصالح الآخرين وطرق الحل بأقل الخسائر وأفضل النتائج. .